جدد مجلس الأمن لآلية تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود شمال سورية لستة أشهر إضافية، وتم تبني القرار 2504 بموافقة 11 دولة من أعضاء المجلس وامتناع أربع دول عن التصويت.
وينص القرار على تقديم المساعدات الإنسانية من خلال المعابر الحدودية مع تركيا (باب السلام وباب الهوى) فقط، ولكنه يستثني معبريْن إضافيين كان معمولاً بهما حتى الآن، وهما المعبر العراقي (اليعربية) والمعبر الأردني (الرمثا). وقد يعني القرار الجديد أنه لن يتم تقديم المساعدات لجميع المحتاجين للمساعدة في شمال سورية.
وتم تأجيل الجلسة لثلاث ساعات، واستمرت المفاوضات حول مسودة القرار التي صاغتها كل من ألمانيا وبلجيكا، حتى اللحظات الأخيرة قبل عقد الجلسة وتبني القرار. وعقد المجلس خلال الأسبوع الجاري عددا من الجولات للمباحثات. ورفضت روسيا التمديد بشكل تقني للقرار 2165 لأسبوعين إضافيين، والذي تنتهي مدته الجمعة، لإعطاء وقت أكبر للتفاوض بحجة أن الدول الأعضاء عقدت عددا كافيا من الاجتماعات للتفاوض.
وكان مجلس الأمن الدولي قد صوّت في العشرين من الشهر الماضي على مشروعي قرار حول تجديد الآلية. وأفشلت في حينه كل من روسيا والصين تبني مجلس الأمن للقرار الأول باستخدامهما لحق النقض "الفيتو"، الذي كانت قد صاغته في حينه كل من الكويت وألمانيا وبلجيكا. ونص مشروع القرار على التجديد لعمل الآلية من خلال معابر حدودية ثلاثة (تركيا والعراق) ولستة أشهر.
واعتبرت الدول الغربية تلك الصياغة بمثابة حل وسط بين الموقف الروسي والصيني من جهة وبين مواقف بقية الدول من جهة أخرى، عن طريق تخفيض عدد المعابر، ثلاثة بدلا من أربعة أو حتى خمسة اقترحتها تركيا، ومدة عمل الآلية ستة أشهر قابلة للتجديد بدلا من سنة. إلا أن هذا لم يكن مقبولا لدى الجانبين الصيني والروسي. وقدمت روسيا في نفس جلسة مجلس الأمن آنفة الذكر قراراً خاصاً بها لم يحصل على الحد الأدنى المطلوب من الأصوات لتبنيه، ونص على إدخال المساعدات فقط من المعابر التركية ولستة أشهر.
وتعد الصيغة التي تم تبنيها اليوم أقرب في نصها إلى مشروع القرار الروسي، الذي تم التصويت عليه الشهر الماضي ولم يتم تبنيه. ويبدو أن الإصرار الروسي على عدم استخدام المعبر الحدودي مع العراق قد أتى بثماره بالنسبة للروس، واضطرت الدول الغربية للخضوع للمطالب الروسية بتقديم المساعدات فقط من المعابر التركية، مع إضافة تعديل يحفظ لها ماء الوجه، ويظهر النص الجديد وكأنه "حل وسط" بين الدول الغربية من جهة وبين روسيا والصين من جهة أخرى.
ويطلب التعديل من الأمين العام للأمم المتحدة البحث عن آلية وإمكانيات لتقديم المساعدات لبقية المناطق في شمال سورية حتى نهاية شهر شباط/فبراير، وهي المناطق التي لن تتمكن الأمم المتحدة من تقديم المساعدات لها من خلال المعابر التركية، وأن يعود ويقدم تقريره للمجلس حول الموضوع، وخلال تلك المدة يتم إدخال المساعدات عن طريق المعبر العراقي (اليعربية) إن أمكن أو من خلال طرق بديلة.
ويعني عدم استخدام المعبر العراقي صعوبة أو حتى استحالة وصول المساعدات لقرابة 1.3 مليون سوري من أصل 4 ملايين تصل إليهم المساعدات في شمال سورية في الوقت الحالي.
وعبر عدد من المصادر الدبلوماسية رفيعة المستوى لـ"العربي الجديد" في نيويورك عن غضبهم من الموقف الروسي، وقال بعضها إن الروس حاولوا بكل الطرق قتل الآلية، وإن القرار الذي تم تبنيه بمثابة خضوع للضغوطات الروسية، لكنه على الأقل يسمح بتقديم المساعدات للملايين بتلك المنطقة.
وفي سياق متصل كان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ (أوتشا)، مارك لوكوك، قد بعث رسالة لمجلس الأمن في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أكد فيها على الحاجة الملحة لتمديد عمل الآلية عبر الحدود، مؤكداً أن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها للأمم المتحدة إيصال المساعدات إلى قرابة 2.7 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية ماسة شمال غرب سورية هي معبرا باب السلام وباب الهوى على الحدود التركية السورية.
وأكد في رسالته كذلك أن قرابة 1.3 مليون سوري يحصلون على المساعدات الإنسانية، بما فيها الأدوية والأدوات الطبية في شمال شرق سورية عبر معبر اليعربية على الحدود العراقية السورية، وأنه لا يوجد بديل لتقديم المساعدات لهم إذا أغلق المعبر العراقي/السوري. وبحسب القرار الذي تم تبنيه فإن الأمين العام سيبحث ويقدم اقتراحات جديدة لطرق بديلة.