وتعد الحكومة الائتلافية في سكسونيا بين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي، بقيادة ميشائيل كرتشمر، المنتمي لحزب أنجيلا ميركل، أيامها الاخيرة، لأن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه بعد الانتخابات المقررة في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، والسبب أن أكبر حزبين سيفقدان الأغلبية المطلقة، ما سيصعب تشكيل ائتلاف حكومي جديد بعد الانتخابات.
ووفقا لاستطلاعات الرأي، سيكون الائتلاف ثلاثيا، وقد يكون مكونا من المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي والخضر، فيما يسعى "البديل" للظفر بأعلى نسبة من الأصوات من أجل قيادة حكومة ائتلافية، رغم إعلان الأحزاب التقليدية عدم رغبتها بالتعاون معه.
ويبرهن واقع الحال على تقلص حضور الأحزاب التقليدية، ما سيترجم بعدد نواب أقل في البرلمان المقبل، ناهيك عن قيام جبهة معارضة برلمانية، في حال تم الاتفاق على ائتلاف حكومي بين المسيحي والاشتراكي والخضر، ما سيزيد من الضغط عليها في ظل الاتهامات التي تساق من قبل "البديل" بوجه الأحزاب التقليدية، على الرغم من أن التقارير الاقتصادية تبرز أن المسيحي الديمقراطي يقوم بجهود متقدمة في إدارة الشؤون الاقتصادية، فيما الحالة المزاجية ما زالت مشحونة هناك.
من جهة ثانية، تفيد بعض التحليلات بأن الوضع تبدل نسبيا، والغضب العارم من المواطنين الناقمين على الأحزاب التقليدية تم استيعابه بكشل نسبي، والدليل نتائج الانتخابات الأوروبية التي حصلت في مايو/ أيار الماضي وتراجع عدد أصوات البديل في صناديق الاقتراع بالمقارنة مع خريف 2017، تاريخ الانتخابات البرلمانية العامة والتي حصد فيها اليمين الشعبوي وقتئذ ربع الأصوات في سكسونيا.
في المقابل، هناك من يعتبر أن الانتخابات البرلمانية في الولايات لها خصوصيتها، لأن قضايا المواطن الاجتماعية ومشاغله اليومية تأتي في الدرجة الأولى، على عكس الانتخابات الأوروبية التي تخاض حملاتها الانتخابية من أجل إصلاح الاتحاد الأوروبي.
ويخوض "البديل" الانتخابات بلائحة من 30 مرشحا، أما الزعيمة السابقة المنسحبة من صفوفه فراوكه بيتري فتخوض الانتخابات بحزبها الأزرق. وفي حين يبدو أن الحزب الليبرالي الحر، غير الممثل حاليا في البرلمان، استجمع قواه مجددا، فإن مرشحه الرئيس هولغر زاستروف يحل في المرتبة الثالثة بين الأكثر شعبية من المرشحين، أما الشريك في الائتلاف الحكومي، الاشتراكي الديمقراطي، فيلملم أذيال الخيبة بعدما أصبح خامس قوة سياسية.
وتستميل طروحات البديل اليميني الشعبوي الناخبين، ومن بينها ما دعا إليه مرشحه الرئيسي يورغ أوربان، إعادة تطبيق الضوابط على الحدود المفتوحة التي باتت مصدرا للجريمة، فيما تقوم الأفكار التي يطرحها المسيحي الديمقراطي على تعزيز وجود الشرطة في المدن الكبرى والمناطق الحدودية لترسيخ الأمن والحد من الجريمة. وفي الوقت ذاته، يعتبر خبراء في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية أن ما ينقص سكسونيا رفع مستوى التعليم وتحسين البنية التحتية إلى التطوير والابتكار، وجعلها أكثر جاذبية للأجانب بهدف معالجة المشكلة الديموغرافية التي تعاني منها، وبالتالي النقص في العمالة الماهرة والرعاية الصحية.
في المحصلة، ستكون سكسونيا في مرحلة ما بعد الانتخابات أمام واقع خلط أوراق الحكومة الائتلافية، ويعد الجميع الآن العدة للمنازلة الكبرى في الأول من سبتمبر/أيلول، ولا سيما أن المرشح الرئيس لـ"البديل" يحلم بحصول حزبه على أكثر من 30% من الأصوات ليصبح أقوى حزب في الولاية الواقعة في شرق البلاد، والتي تشهد تنامي الكراهية والعنصرية والعدائية ضد الأجانب.
الجدير ذكره أن كل ناخب في سكسونيا يتمتع بصوتين انتخابيين، الصوت الأول للمرشح المباشر في دائرته الانتخابية والثاني للحزب، وبالتالي فإن التصويت الثاني يعتبر عاملا حاسما لتكوين البرلمان الجديد وتوازن القوى.
وفي حال خسارة المسيحي الديمقراطي آخر معاقله التاريخية، سيكون الأمر مثيرا للاهتمام، فيما تبدو العواقب على الاشتراكي شبه محسومة في وقت يستعد فيه الحزب لإطلاق حملة الانتخابات الداخلية للحزب لاختيار زعيم جديد لقيادته، إذ إن من المتوقع أن يتردد صدى الخسارة المؤلمة خلال المؤتمرات الإقليمة للحزب قبل موعد انتخاب زعيم جديد له في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ومن المؤكد أن المطالبة بالانسحاب من الائتلاف الحاكم يبقى الأساس، وهذا ما سيؤثر على الأصوات التي قد ينالها نائب المستشارة وزير المالية أولاف شولز، المرشح الأبرز لزعامة الاشتراكي.
إلى ذلك، يعتبر المراقبون أن نتائج الانتخابات الإقليمية في الولايات الشرقية الثلاث قد يكون لها أيضا تأثير مباشر على بقاء خليفة ميركل في قيادة المسيحي الديمقراطي أنغريت كرامب كارنبور في منصبها.