النظام السوري يسعى لتطويق شمالي حماة و"الجيش الوطني" يرسل تعزيزات

17 اغسطس 2019
استمرّ النزوح نتيجة قصف النظام (محمد حاج قدّور/فرانس برس)
+ الخط -


مع تواصل المعارك في الشمال السوري، خصوصاً ريف إدلب الجنوبي، بين مد وجزر، وإحراز قوات النظام بعض التقدم على حساب الفصائل المسلحة العاملة في المنطقة، برز إعلان "الجيش الوطني" المنتشر أساساً في ريف حلب والمدعوم من تركيا، نيته إرسال تعزيزات إلى جبهات القتال لمؤازرة الفصائل التي تقاتل النظام ومليشياته، وهو ما قد يرجح كفة المعارك لصالح المعارضة، تحديداً إذا تضمنت هذه التعزيزات أسلحة ثقيلة، إذ يشكل غيابها أو قلة وجودها نقطة ضعف لدى فصائل المعارضة، وسط اتهامات لـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة) التي تحتكر تقريباً حيازة الأسلحة الثقيلة، بالامتناع عن استخدامها إلا على نطاق ضيق.

وفي التطورات الميدانية، استعادت قوّات النظام والمليشيات المساندة لها بدعم جوي من الطيران الروسي، فجر أمس الجمعة، السيطرة على قرية مدايا بريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد معارك عنيفة مع فصائل المعارضة، وهو ما جعل هذه القوات على مشارف قرية ركايا في ريف إدلب الجنوبي. وكانت فصائل المعارضة قد استعادت السيطرة على قرية مدايا، ليلة الخميس، بعد معارك عنيفة مع قوّات النظام. وتحاول قوات النظام السيطرة على قرية ركايا وبلدة كفرسجنة، فيما تتواصل الاشتباكات بشكل متقطع على محاور قرى وبلدات عابدين والهبيط، والركايا وكفرسجنة، وكفرعين، وأم زيتونة، والمنطار، وتل عاس، في جنوب وغرب مدينة خان شيخون، وذلك وسط قصف جوي ومدفعي مكثف، حيث تشهد هذه المناطق غارات جوية على مدار الساعة، فيما تحلق 5 طائرات استطلاع روسية في سماء مدينة اللطامنة، شمال حماة، وصولاً إلى معرة النعمان، جنوب إدلب، تقوم بعمليات رصد وتصوير على جميع محاور القتال.

كما تواصلت المعارك شرقي مدينة خان شيخون، جنوبي إدلب، وتحديداً على جبهة سكيك، من دون إحراز أي تقدّم لقوات النظام على هذه الجبهة، فيما شنّت الفصائل المقاتلة هجوماً عكسياً على مواقع قوات النظام هناك. وقالت غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" التي تضم فصائل جهادية، عبر قناتها في "تليغرام"، إنها تمكنت بالاشتراك مع الفصائل الأخرى من استعادة النقاط التي سيطرت عليها قوات النظام والمليشيات الإيرانية على محور تل مرعي.

من جهتها، نشرت الجبهة الوطنية للتحرير إحصائية لخسائر قوات النظام والمليشيات المساندة لها على محور سكيك بينت فيها تدمير دبابة وعربة ناقلة جنود وسيارتي نقل عناصر، وسيارة ثبت عليها رشاش 23 ميليمتراً، وسقوط 20 عنصراً لقوات النظام بين قتيل وجريح. كما تمكنت فصائل الفتح المبين من تدمير آلية نقل عسكرية محملة بعناصر قوات النظام على جبهة تل عاس، جنوبي إدلب، بعد استهدافها بصاروخ مضاد للدروع، فيما انفجرت راجمة صواريخ غراد تابعة لقوات النظام في تلة الشيخ حديد بريف حماة الشمالي الغربي، أثناء قصفها لمناطق ريف إدلب الجنوبي.

وطاول القصف أيضاً المناطق المدنية، إذ قُتل مدنيان وأُصيب تسعة آخرون جراء القصف الجوي من قوات النظام وروسيا على ريف إدلب الجنوبي، فيما تتواصل حركة النزوح للأهالي والمدنيين. وتحاول قوات النظام تطبيق حصار على ريف حماة الشمالي وعزله عن باقي مناطق الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، عبر التقدم من طرفي مدينة خان شيخون الغربي والشرقي، حيث تشهد هذه الأطراف معارك هي الأعنف بين الطرفين.



وقال القيادي في الجيش الحر، العميد فاتح حسون، لـ"العربي الجديد"، إن النظام يسعى من خلال محاولة السيطرة على خان شيخون إلى "تطويق اللطامنة وكفر زيتا التي وجد صعوبة كبيرة في اجتياحها، وبذلك يعزل نقطة المراقبة التركية الموجودة في مورك، ما يشكل ضغطاً على تركيا لإعادة النظر في انتشار قواتها وتمركزهم في منطقة خفض التصعيد بشكل عام، ويجعلها تلجأ لروسيا لمنع ذلك، وبالتالي تستخدم روسيا هذه الورقة بما يتعلق بمصالحها في شرق الفرات". وأضاف حسون أنه في حال سيطرت قوات النظام على القطاع الجنوبي لمنطقة خفض التصعيد سوف تتحكم بالطريق الدولي "أم 5"، كما أن ذلك يقطع الإمداد عن الفصائل الموجودة في هذا القطاع ومؤازرتها.

ورأى حسون أن الفصائل الموجودة في مدينة خان شيخون قادرة على الدفاع عن المدينة في الظروف الحالية، لكنها ستصعُب عليها هذه المهمة إذا تم التطويق، مستبعداً حدوث ذلك في الوقت الراهن. وأشار إلى أن الفصائل الموجودة حالياً في خان شيخون، تتمثل في "الجبهة الوطنية للتحرير" و"جيش العزة" و"هيئة تحرير الشام"، فضلاً عن وجود قوات محلية لـ"حركة تحرير الوطن" التي يقودها حسون نفسه.

في غضون ذلك، قال "الجيش الوطني" التابع للجيش السوري الحر إنه يعتزم إرسال تعزيزات عسكرية للمشاركة في المعارك ضد قوات النظام في محافظتي حماة وإدلب. وأفاد المتحدث العسكري باسم "الجيش الوطني"، الرائد يوسف حمود، بأنه بالتنسيق مع غرفة عمليات "الجبهة الوطنية للتحرير" العاملة في ريفي حماة وإدلب، تم إتخاذ قرار إرسال تعزيزات عسكرية لصدّ أي هجوم أو تقدم لقوات النظام على المنطقة، مشيراً إلى أن التعزيزات تتضمن عناصر مجهزين وعتاداً عسكرياً ولوجستياً، من بينها سلاح متوسط وذخيرة ومدافع عيار 23 وراجمات صواريخ، وبوشر نقلها أمس الجمعة. وأكد الحمود أن المشاركين سينضمون إلى غرفة العمليات في المحافظتين تحت قيادة الجبهة الوطنية للتحرير.

من جهته، قال مصطفى السيجري، القيادي في "لواء المعتصم"، أحد أبرز فصائل الجيش الوطني، إن هذه المشاركة "تأتي بعد طلب الإخوة في الجبهة الوطنية للتحرير، وهي ليست الأولى، إذ سبق وأرسلنا وحدات في الأيام الأولى للعدوان، وبعدما استعاد الجيش الحر في إدلب زمام المبادرة تم سحب الوحدات بالتوافق مع القوى الثورية في المنطقة".



وأضاف السيجري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "في ظل الهجمة غير المسبوقة، وبعد دخول مليشيات إيران وحزب الله على الخط، تم عقد لقاء بين قادة الجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير والاتفاق على إرسال قوات ميدانية ودعم عسكري ولوجستي، علما أن التنسيق بين الجانبين قائم ولم ينقطع، ولكن وجود جبهة النصرة في المنطقة وسيطرتها على المناطق الفاصلة بيننا وبينهم حدّ من المشاركات ذات الفاعلية الأكبر، خصوصاً أن النصرة ترفض مرور قوات من الجيش الوطني بمناطق سيطرتها بسلاحهم الثقيل وبأعداد كبيرة، في الوقت الذي نحن بأمسّ الحاجة فيه لأي آلية ثقيلة للمشاركة في صد الهجوم على المنطقة".

وعما إذا كانت تعزيزات الجيش الوطني سوف تشمل أسلحة ثقيلة، قال السيجري إن الجيش الوطني "أكد على جاهزيته للدخول بالسلاح الثقيل، والجبهة الوطنية للتحرير معنية بترتيب الأمر وتأمين الطرقات". وبشأن ما يشاع عن وجود خطة وتفاهم ضمني بين تركيا وروسيا حول ما يجري في إدلب حالياً، رأى السيجري أن "ما يحدث الآن هو نتيجة خلافات بين كل من تركيا من جهة والاحتلالين الروسي والإيراني من جهة أخرى، وليس تفاهمات كما يروج البعض"، عازياً ذلك إلى التقارب بين واشنطن وأنقرة بشأن المنطقة الآمنة، و"إبعاد الاحتلال الروسي بشكل كامل عن هذه التفاهمات، مع إدراك الروس والإيرانيين أن التفاهمات الأميركية التركية حول المنطقة الآمنة في حال نجحت فلن تقف عند هذه الحدود، بل سنشهد تفاهمات جديدة حول كامل المناطق المحررة، وربما نشهد أيضاً تقدماً في العملية السياسية على حساب النظام وداعميه، لذلك راح كل من روسيا وإيران باتجاه التصعيد، وما يحدث يعتبر بمثابة رسالة غضب لأنقرة، ولكن على حساب الدم السوري".

ورأى السيجري أن النظام يريد الاستفادة من الخلافات التركية الروسية، و"يسعى لفرض سيطرته على كامل الجغرافيا السورية، وهو يدرك أن أي تقارب بين روسيا وتركيا سيكون بالتأكيد على حسابه، لذلك نراه اليوم يسارع الخطوات ويدفع بكل قواته باتجاه الحسم السريع".

من جهته، أعلن أبو حاتم شقرا، ‏قائد "تجمع أحرار الشرقية"، وهو أحد فصائل الجيش الوطني، عبر حسابه في "تويتر"، إرسال دفعة ثالثة من قوات التجمع إلى إدلب. وقال شقرا: "لأهلنا في حماة وإدلب، أبشروا فأحرار الشرقية عند حسن الظن والأمانة، ولأجل هذا نعزز قوات الجيش الوطني على جبهات إدلب وحماة لنرسل الدفعة الثالثة من أبطالنا".

كما وعد قائد فرقة "الحمزة" سيف أبو بكر، عبر "تويتر"، بأن يرسل فصيله تعزيزات إلى إدلب وحماة، وقال "رجالنا وسلاحنا فداء لأهلنا المدنيين، سنزيح كل الخلافات حالياً للدفاع عن أرضنا، وسنرويها بدمائنا". وكذلك فعل قائد "الفيلق الثالث" في الجيش الوطني، أبو أحمد نور، الذي قال "شرف للجيش الوطني أن يكون جنباً إلى جنب مع المقاتلين في إدلب وحماة".


المساهمون