بموازاة ذلك، أكدت مصادر في فصائل المعارضة أن الأخيرة أفشلت ثلاث محاولات اقتحام من قبل قوات النظام ومليشيات تابعة لها، فجر أمس الإثنين، في محور تلة الكبانة في ريف اللاذقية، مشيرة إلى أن القوات المهاجمة تكبدت خسائر وصفتها بـ "الفادحة". وفشلت عشرات محاولات الاقتحام من قبل قوات النظام خلال أكثر من مائة يوم لتلة الكبانة في ريف اللاذقية، ومن الواضح أن الفصائل حصّنت المنطقة بشكل استنزف قوات النظام وأنهك قواها. وأهمية المنطقة من الناحية الاستراتيجية تفسر إصرار النظام والروس على انتزاع السيطرة عليها، فهي البوابة الواسعة نحو ريف إدلب الغربي.
وكان مصدر قيادي في فصائل المعارضة قد أوضح لـ"العربي الجديد"، أهمية الكبانة بقوله إنها "تقع على أعلى قمة مطلة على جسر الشغور وسهل الغاب وبداما والناجية والشغر والجانودية وغيرها من المناطق، وصولاً إلى جبل الزاوية في محافظة إدلب"، كاشفاً أن "سيطرة قوات النظام على التلة تعني رصد المنطقة نارياً، ومن ثم يصبح تقدّم هذه القوات إلى باقي المناطق أسهل، كونها ستقود المعارك من الأعلى إلى الأسفل، ومن هنا تنبع أهمية الكبانة الكبيرة لدى الثوار والنظام".
وفي سياق معارك "كسر العظم" بين قوات النظام وفصائل المعارضة في ريف حماة الشمالي، تصدت الأخيرة، أمس، لمحاولة تقدم جديدة من قوات النظام على محور سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة مع مقاتلي المعارضة، انتهت بتراجع قوات النظام إلى مواقعها بعد تكبيدها خسائر. وأعلنت "الجبهة الوطنية للتحرير"، التي تضم أغلب فصائل المعارضة المسلحة في شمالي غرب سورية أن القوات الخاصة الروسية شنّت هجوماً جديداً على مواقع قواتها على محور الحاكورة في سهل الغاب بريف حماة الغربي، مؤكدة في بيان لها، أن مقاتليها أوقعوا القوات المتسللة في كمين محكم. إلى ذلك، يحاول النظام تضخيم حجم تقدمه في ريف إدلب الجنوبي وسيطرته على بلدة الهبيط، فزار وزير الدفاع في حكومة النظام، علي عبد الله أيوب، البلدة، يوم الأحد، بعد ساعات من انتزاع السيطرة عليها. وكانت قوات النظام سيطرت، الأحد، أيضاً على قرية سكيك وتلتها في ريف إدلب الشرقي، بعد انسحاب فصائل المعارضة تحت تأثير القصف الجوي والمدفعي المكثف، ما جعل قوات النظام على تخوم مدينة خان شيخون الاستراتيجية، حيث باشرت التحرّك باتجاهها تحت غطاء ناري غير مسبوق من الطيران الروسي الذي "يحرق كل شيء في أي منطقة تريد قوات النظام التحرك باتجاهها"، وفق مصدر في فصائل المعارضة التي لا تزال تحاول إيقاف تقدم قوات النظام والمليشيات المساندة لها.
"خان شيخون خالية من البشر والحجر"، وفق مصدر محلي تحدث لـ"العربي الجديد"، مؤكداً أن المدينة باتت شبه مدمّرة. وأضاف أن الطيران الروسي ومقاتلات النظام شنّا ما يقارب 70 غارة على مدينة خان شيخون وحدها يوم الأحد، فضلاً عن إطلاق نحو ألف صاروخ وقذيفة. خان شيخون التي تقع شرقي مدينة إدلب بنحو 65 كيلومتراً، وجنوبي مدينة حلب بنحو 100 كيلومتر، لها أهمية استراتيجية، كونها تقع على الطريق الدولي الذي يربط بين حلب ومدينة حماة. وسيطرة قوات النظام عليها تعني عزل ريف حماة الشمالي عن ريف إدلب الجنوبي، ومن ثم محاصرة فصائل المعارضة السورية وأبرزها جيش العزة في مدن وبلدات ريف حماة أو انسحابها إلى عمق إدلب، ما يعني سقوط ريف حماة بالكامل بيد قوات النظام. بيد أن مصادر في فصائل المعارضة ترى أن النظام يسعى للسيطرة على تلة الصياد الواقعة بين بلدة الهبيط ومدينة خان شيخون "لأن السيطرة عليها تعني رصداً نارياً من قبل هذه القوات لخان شيخون وأوتوستراد حلب - حماة ومدن وبلدات في ريف إدلب الجنوبي، ورصد أغلب طرق الإمداد لفصائل المعارضة في المنطقة"، مضيفة: تلة الصياد نقطة ربط بين كفرزيتا واللطامنة، في ريف حماة الشمالي، وخان شيخون وبقية بلدات ريف إدلب الجنوبي.
من جهته، أكد العقيد مصطفى البكور، قائد العمليات في "جيش العزة"، أبرز فصائل الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، في حديث مع "العربي الجديد"، "أن القوات الروسية تعمل على تطويق ريف حماة الشمالي"، مضيفاً: لكن نجاحها في هذه الخطة لن يكون سهلاً في ظلّ الخسائر البشرية الكبيرة التي تتعرض لها المليشيات. وفصّل البكور بالقول: تسعى القوات الخاصة الروسية والمليشيات لتطبيق خطة فكي كماشة من الشرق باتجاه خان شيخون، ومن الغرب باتجاه نفس المدينة، بالتالي تصبح اللطامنة وكفرزيتا ومورك (مدن ريف حماة الشمالي)، تحت الحصار. وحول قدرة فصائل المعارضة السورية على إفشال هذا المخطط، اكتفى البكور بالقول: نسعى لذلك.
وبات من الواضح أن قوات النظام تحاول تضييق الخناق على فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، من خلال الهجوم من ثلاثة محاور رئيسية في ريف اللاذقية الشمالي وريف حماة الشمالي وريف إدلب الشرقي، وذلك لتشتيت قوى الفصائل، في خطوة واسعة باتجاه انهيارها. ولكن قوات النظام تواجه صعوبات جمة كلما أوغلت في مدن وبلدات ريفي حماة وإدلب، كونها محصّنة أكثر من المناطق التي سيطرت عليها منذ بدء حملتها أواخر إبريل/نيسان الماضي.
إلى ذلك، وثق فريق "منسقو استجابة سورية" انتهاكات النظام السوري وروسيا خلال الأسبوع الأول من خرق اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، المتفق عليه خلال الجولة الـ13 من "أستانة". وبيّن الفريق الذي يضم ناشطين في المجال الإنساني أن الأسبوع الأول من اتفاق وقف إطلاق النار شهد استهداف القوات الجوية 49 نقطة شمال غربي سورية، في حين بلغ عدد النقاط المستهدفة من قبل سلاح الأرض 46 نقطة. وأوضح أن الأسبوع الأول من خرق الهدنة شهد مقتل 25 مدنياً، بينهم ستة أطفال، في محافظتي حماة وإدلب، في حين بلغ عدد النازحين عقب خرق الاتفاق 5428 عائلة (35173 نسمة)، وتشمل العائلات التي عادت بعد الاتفاق.