ولعل قانون العفو العام، الذي أقرّ في الدورة البرلمانية السابقة، من أخطر تلك القوانين، لما تضمنه من فقرات تمنح المجرمين والفاسدين فرصة حسم قضاياهم بدفع مبالغ مالية معينة. ووفقاً لمسؤول سياسي مطلع، تحدث مع "العربي الجديد"، فإنّ "حراكاً برلمانياً بدأ من قبل عدد من النواب لفتح ملفات قانون العفو العام وقوانين أخرى، لأجل إعادة دراستها وتجاوز ثغرتها"، موضحاً أنّ "عدداً من النواب بدأوا بجمع توقيعات لتعديل قانون العفو العام، كونه يضمّ ثغرات خطيرة تهدد السلم المجتمعي، إذ إنّ المجرمين والفاسدين استطاعوا استغلال فقراته بدفع أموال والتخلّص من التبعات القانونية المترتبة على جرائمهم".
وأكّد المسؤول نفسه أنّ "الحراك سيشمل عدداً من القوانين الأخرى التي تحتاج إلى تعديل"، معتبراً أنّ "المشكلة تكمن في أنّ الحكومة لم تعدل تلك القوانين، على الرغم من مطالبات كثيرة لها بذلك سبقت الحراك الجديد. إذ أنّها تخلي نفسها من المسؤولية تجاه هذا الأمر، خصوصاً أنّ القوانين أقرّت في عهد الحكومة السابقة، ما يعني أنّ وجودها يعدّ عيباً يحسب على الأخيرة، ومكسباً سياسياً للحكومة الحالية".
وأشار المسؤول نفسه إلى أنّ "الحراك يدفع باتجاه خلاف قانوني بين الحكومة والبرلمان، بسبب تعارض التوجه الحكومي مع الإرادة البرلمانية التي تدفع باتجاه التعديل"، مؤكداً أنّ "التعديل يحتاج إلى توافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومراعاة للمصلحة العامة".
وتنصّ بعض مواد قانون العفو العام على عدم تنفيذ الأحكام بحقّ المدانين في حال سدّد المدان ما يترتّب عليه من التزامات مالية لمصلحة الدولة أو الأشخاص، أو حصوله على تنازل من قبل الجهة التي أقامت الدعوى ضدّه.
وفي السياق ذاته، قال عضو اللجنة القانونية البرلمانية، النائب سليم همزة، إنّ "أغلب القوانين التي أقرّت سابقاً تحتاج الى إعادة التجديد وإجراء تعديلات على فقراتها التي تضم ثغرات يجب تلافيها". وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "القوانين السابقة صدرت بظروف استثنائية مرَّ بها العراق، ومنها قانون العفو العام، الذي صدر في ظرف متشنّج عندما كان عدد من المحافظات تحت احتلال تنظيم داعش. أما اليوم، فاختلف الظرف، ونحن بحاجة إلى إعادة النظر بفقرات هذا القانون لكي يكون منسجماً مع الواقع الحالي".
وشدّد همزة على أنّ "القانون يجب أن يتفق مع القوانين الدولية، ولا يتعارض مع قانون حقوق الإنسان، وألا يعرضنا لانتقادات من قبل منظمات دولية"، داعياً الحكومة إلى أن "ترسل تعديلات على ثغرات قانون العفو العام، لتلافي النتائج المترتبة عليها".
وأكّد همزة على أنّ "أي مسؤول تلوّثت يده بالفساد، يجب محاكمته ومعاقبته وفقاً للقانون، خصوصاً أنّ الجرم يرتبط بحقوق للدولة وللمواطنين". وأشار كذلك إلى "وجود عدد من القوانين الأخرى التي تحتاج إلى تعديل، منها قانون الخدمة المدنية وقانون مجلس المحافظات، وغيرها".
ويرى مراقبون أنّ المشكلة تكمن في أنّ القوانين النافذة لا تتيح نصوصها فرصة لمتابعة أي قوانين سابقة، إذ لا تلقي أي مسؤولية على البرلمان الحالي بمراجعة القوانين المقرة من قبل البرلمان السابق، ما يعني أنه لا يوجد إلزام بذلك، حتى وإن كان القانون يحتوي على ثغرات خطيرة.
وفي هذا الإطار، قال الخبير في القانون الدستوري، علي اللهيبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "أغلب القوانين تحتاج إلى تعديل ثغراتها، لكنّ موقف الجهات المطالبة بهذا الأمر ضعيف، إذ إنّه لا يوجد نصّ قانوني يحمّل البرلمان مسؤولية مراجعة ومتابعة ملفات الدورات السابقة، وهذا الشيء تستفيد منه الحكومة التي لا تريد إجراء التعديلات".
وأوضح اللهيبي أنّ "الأمر سيأخذ جانب الخلاف القانوني بين البرلمان والحكومة، خصوصاً أنّ الجهات أو النواب الذين يتبنون هذا المشروع غير مدعومين بالقانون، لذا سيكون حراكهم ضعيفاً، إلا في حال حدوث توافق مع الحكومة، وهذا أمر مستبعد".