اللافت في الأمر كان إعلان كرامب كارنباور مراراً "عدم نيتها تولي أي منصب وزاري"، عازية ذلك إلى أن قيادة الحزب تتطلب موظفاً بدوام كامل لأداء المهام الكثيرة التي يتطلبها المنصب.
استلمت كرامب كارنباور وزارة الدفاع يوم الأربعاء، على أن تقسم اليمين الدستورية أمام البوندستاغ يوم 24 يوليو الحالي، ويصف المحللون تعيينها بأنه مؤشر قوي ورسالة واضحة لتعبيد الطريق أمامها لخلافة ميركل بمنصب المستشار، علماً أن ميركل أعلنت نيتها الانسحاب من الحياة السياسية مع انتهاء ولايتها الرابعة عام 2021.
الخبراء في الشؤون السياسية الألمانية يقولون أنه لا يمكن إغفال الوضع الصحي لميركل بعد أن عانت خلال الشهر الماضي من عدة حالات ارتجاف خلال مناسبات واستقبالات رسمية، ما أدى إلى الخوف على حالتها وإمكانية استمرارها في منصبها، رغم أنها أكدت في أكثر من مناسبة أنها بصحة جيدة. مع الإشارة إلى أنها ومنذ مطلع العام شاركت في 67 زيارة عمل خارجية مقابل 17 للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و7 زيارات لرئيسة وزراء بريطانيا المستقيلة تيريزا ماي، ما يعني أن ضغط العمل والمواعيد المتلاحقة قد تكون سبباً لإرهاقها.
تواجد كرامب كارنباور داخل الحكومة الاتحادية سيتيح لها تولي منصب المستشارة وقيادة حكومة الائتلاف الكبير في حال غياب أو استقالة ميركل، وهي الآلية التي يمكن اعتمادها من خلال نقل المهام من الرئيس الاتحادي إلى أحد أعضاء مجلس الوزراء.
ومن المرجح أن تتولى كرامب كارنباور هذه المهمة وبدون الحاجة إلى انتخابات جديدة أو انتخابات فرعية بمساندة من حزب الاشتراكي الديمقراطي وهو ما أشارت إليه صحيفة "بيلد".
وفي خضم ذلك يمكن الحديث عن تعرض الاشتراكي الديمقراطي لعملية خداع عندما يتم اتخاذ قرارات حاسمة من قبل المسيحي الديمقراطي، ما يؤكد استعادة ميركل لزمام الأمور، وهنا كان لافتاً ما ذكرته فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ، الأربعاء، عن أن ميركل تواصلت مع زعيمة حزبها وأقنعتها بتولي الوزارة ومن ثم تواصلت مع اللجنة التنفيذية للحزب للتشاور والبت بالأمر، انطلاقاً من أن الوزارة المعنية لا تتحمل الفراغ، قاطعة الطريق على وزير الصحة الذي كان مرشحاً لاستلام وزارة الدفاع.
يجري ذلك بينما يعاني الحزب الاشتراكي من تخبط داخلي وغياب زعيم منتخب بعد استقالة زعيمته أندريا ناليس.
من جهة ثانية لفتت صحيفة "دي فيلت" إلى تقرير نشرته "لوموند" الفرنسية خلال مارس الماضي عن العلاقات بين ماكرون وميركل مع التلمحيات الخفية من قبل دوائر قيادية بالحزب المسيحي الاجتماعي في بافاريا، الشقيق الأصغر لحزب المستشارة المسيحي الديمقراطي حول الحظوظ الضعيفة لعضو الحزب البافاري ومرشح حزب الشعب الأوروبي للوصول إلى رئاسة المفوضية الأوروبية. وهو الأمر الذي يرسم تساؤلات عما اذا كان تعيينها كارنباور على رأس الوزراة ورقة استخدمتها ميركل في الوقت المناسب بحيث بات الثلاثي النسائي المنتمي إلى المسيحي الديمقراطي المتمثل بميركل وكارنباور وفون ديرلاين، قابضاً على مفاصل الحكم في برلين وبروكسل حيث قيادة الاتحاد الأوروبي.
من هنا بات الاشتراكي الديمقراطي في وضع لا يحسد عليه بعد أن أصبحت كارنباور لا تبعد سوى خطوة واحدة عن منصب المستشارية إذا ما استمرت الأمور وفق ما هو مرسوم لها حاليا، في وقت ارتفعت أصوات تبرر للاشتراكي الألماني عدم التصويت للمرشحة الألمانية فون ديرلاين من منطلق أن الأخير أراد الدفاع عن صوت الديمقراطي داخل البرلمان الأوروبي بعيدا عن الاتفاقات والصفقات المعلبة.
من جهة أخرى، برزت دعوات تطالب كرامب كارنباور بالاستقالة من قيادة المسيحي الديمقراطي للتفرغ كلياً لوزارة الدفاع، وهي التي شغلت في وقت سابق وزارة الداخلية في ولاية سارلاند قبل أن تتولى فيها رئاسة الحكومة، ويأتي ذلك في ظل الحديث عن أهمية تحديث الجيش الألماني، ما يعني أن عليها الآن أن تقنع معارضيها بمنصبها الحكومي الجديد، وهو ما عبر عنه حزب اليسار الذي أبدى خشيته من المهام الخارجية والحربية للجيش الألماني.