إيران تهدّد بتقليص الاتفاق النووي حتى الإنهاء: التفاوض حول الصواريخ خيانة

15 يوليو 2019
إيران طورت قدراتها الدفاعية(Getty)
+ الخط -
التصريحات الصادرة هذه الأيام عن طهران على المستويين السياسي والعسكري، رغم اختلاف أشكالها ومفرداتها، تتقاطع في التأكيد على محورين استراتيجيين، الأول هو "لا حرب ولا تفاوض" في مواجهة الاستراتيجية الأميركية، والثاني هو "التعامل بالمثل" في مواجهة "المماطلات" الأوروبية بشأن الاتفاق النووي.

وبعد أن رفض الحرس الثوري الإيراني، أمس الأحد، إجراء أي تفاوض مع واشنطن، واشترطه الرئيس الإيراني حسن روحاني، برفعها العقوبات وعودتها إلى الاتفاق النووي، ذهب المساعد السياسي للحرس الإيراني، يد الله جواني، اليوم الإثنين، إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن التفاوض بشأن القدرة الصاروخية الإيرانية لحل المشاكل المعيشية للمواطنين "خيانة".

وقال جواني، في تصريحات من مدينة كرمان جنوب شرقي إيران، إنه "لو لا قدراتنا الصاروخية والعسكرية لما كان هناك موضوع آخر ليتفاوض عليه العدو"، مشيراً إلى أن حرب بلاده مع واشنطن "هي حرب الإرادات".

وشدد في هذا السياق على أنه "من الخيانة الحديث عن التفاوض حول القدرات الصاروخية لحل المشاكل المعيشية للناس"، وفقاً لما نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية.


وأضاف جواني أن واشنطن "اختبرت جميع أنواع الحروب ضد إيران"، لافتاً إلى أنها "اليوم تسعى إلى صناعة صورة خاطئة عن الثورة في أذهان الشباب الإيراني".

وعزا الهدف الأميركي من ذلك إلى "تصوير الثورة بأنها فاشلة"، متهماً واشنطن بـ"القيام بدعايات مكثفة في هذا الصدد لتفرغ الثورة من مضمونها وتصور الكيان البهلوي الفاسد (النظام الإيراني السابق) على أنه كان كياناً جيداً".

وأضاف المسؤول العسكري الإيراني أن الإدارة الأميركية تركز على "البطالة والغلاء لترويج فشل النظام"، مشيراً إلى أنها "لا تتحدث عن الإنجازات العلمية الإيرانية".

واتهم البعض في داخل إيران من دون أن يسميهم بـ"إظهار العدو قوياً بغية تحقيق أهدافهم السياسية"، داعياً إلى الحذر والحيطة من أن الولايات المتحدة الأميركية "حشدت وسائل الإعلام لكسر إرادة الشعب الإيراني".

وأكد القيادي في الحرس الثوري الإيراني أن بلاده تواجه اليوم ضغوطاً "اقتصادية ونفسية وعملية"، معتبراً أنها "تستهدف حرف أذهان الشعب الإيراني وإحباطه".

وفي السياق نفسه، قال وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، خلال لقاء جمعه مع أعضاء لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، إنّ "القوات المسلحة الإيرانية على استعداد تام في مواجهة أي تهديد وحماقة للأعداء". وهدّد حاتمي واشنطن بـ"رد قوي يبعث على الندم" في حال أرادت شن حرب على بلاده، مطمئناً النواب الإيرانيين إلى أن القوات المسلحة الإيرانية تواصل مسيرة "الرقي بالقدرات الدفاعية".


التهديد بإعادة الأوضاع إلى ما قبل الاتفاق النووي

وفي سياق استراتيجية "التعامل بالمثل"، أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، مواصلة بلاده سياسة تقليص تعهداتها النووية "ما لم تف بقية أطراف الاتفاق النووي بالتزاماتها"، مهدداً باستمرار هذه التقليصات إلى أن تعود الأوضاع إلى ما قبل إبرام الاتفاق النووي.

واعتبر كمالوندي تقليص بلاده تعهداتها النووية، "فرصة للدبلوماسية"، بقوله إنها ستواصل ذلك "ما لم تف بقية أطراف الاتفاق النووي بالتزاماتها"، أي أن تقف هذه الأطراف في وجه العقوبات الأميركية وتواصل التجارة مع إيران، لكي تكسب الأخيرة من منافعها الاقتصادية "المصفرة" من الاتفاق النووي.

وهدد كمالوندي بأنه "في حال لم تنفذ أوروبا وأميركا تعهداتهما فنحن أيضاً من خلال تقليص تعهداتنا سنخلق تعادلاً ونعيد الظروف إلى ما قبل أربع سنوات"، وذلك في إشارة إلى ما قبل التوقيع على الاتفاق النووي، الذي كان، أمس الأحد، ذكراه الرابعة.

واعتبر المتحدث الإيراني، أن خطوات طهران لتخفيض تعهداتها "ليست من عناد وإنما تهدف إلى منح فرصة للدبلوماسية لكي تقوم الأطراف الأخرى بواجباتها".

وأكد أن "الاتفاق النووي كان صفقة وأخذاً وعطاء، لكن ما نقدمه أكثر مما نحصل عليه، لأن أطراف الاتفاق بعد انسحاب أميركا منه نسيت تعهداتها"، مضيفاً أن "الجمهورية الإسلامية تحاول تذكير هذه الأطراف بالتزاماتها من خلال خطواتها النووية الجديدة".

وعزا كمالوندي تقليصات بلاده النووية إلى البندين الـ26 والـ36 في الاتفاق النووي، معتبراً أنهما ينصان على أنه في حال لم يلتزم أي طرف بتعهداته فيحق لبقية الأطراف إعادة النظر في تعهداتها.

وأوضح أن الرئيس الإيراني حسن روحاني "قد نبّه شركاء الاتفاق النووي في رسائل منفصلة إلى أنه في حال عدم اغتنام الفرص التي تمنحها إيران، فهي على أساس بنود الاتفاق نفسه تقلص تعهداتها". وقال المسؤول النووي الإيراني إن إيران تخفض تعهداتها خلال مهل، تصل مدة كل منها إلى ستين يوماً، مبيناً أنه "خلال مهلة الستين يوماً الأولى تخطينا عتبة إنتاج اليورانيوم إلى أكثر من 300 كيلوغرام ورفعنا القيود عن إنتاج المياه الثقيلة أيضا".


وأوضح أنه بعد هذه المهلة وفي إطار تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص التعهدات، والتي بدأت في السابع من الشهر الجاري، "كسرنا حاجز الـ 3.67 في المائة في تخصيب اليورانيوم واليوم نخصب اليورانيوم بنسبة 4.5 في المائة لإنتاج وقود لمفاعل نووي".

وفي السابع من الشهر، منحت طهران مهلة الستين يوماً الثانية للأطراف الأووربية لتنفيذ مطالبها المتمثلة في تسهيل بيعها النفط ومعاملاتها المصرفية، قبل تنفيذ المرحلة الثالثة من تخفيض تعهداتها النووية في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل.

وكان الرئيس روحاني، قد أعلن أمس الأحد، أن إيران استبدلت استراتيجية "الصبر الاستراتيجي" باستراتيجية "التعامل بالمثل"، اعتباراً من الثامن من مايو/أيار الماضي، للتعامل مع الاتفاق النووي. وقال إن "الأوروبيين عجزوا أو لم يرغبوا في اتخاذ خطوات"، بموجب الاتفاق النووي، مؤكداً أنه وفق استراتيجية التعامل بالمثل "ستكون التزاماتنا بقدر التزام الأطراف الأخرى بالاتفاق النووي".