حفتر يستخدم الخطاب الديني لتجنيد مقاتلين في حربه على طرابلس

13 يوليو 2019
صلاة في ساحة الشهداء بطرابلس العام الماضي(حازم تركيا/الأناضول)
+ الخط -
بينما تحتضن القاهرة، حالياً، لقاءً ليبياً لإطلاق حكومة وحدة وطنية، أكدت مصادر مطلعة أن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بدأ حراكاً عسكرياً إلى جانب الحراك السياسي، متجهاً هذه المرة نحو الشرق لتأمين الذخيرة البشرية لمعركته الجديدة في طرابلس، لاسيما بعد إدبار القبائل عن المشاركة، مستحضراً الخطاب الديني، بحسب المصادر.

وأكدت مصادر مطلعة من بنغازي، لـ"العربي الجديد"، عودة نشاط التيار المدخلي في المدينة بشكل واسع لتحريض الشباب على المشاركة في الحملة العسكرية الجديدة على طرابلس التي يعتزم حفتر إطلاقها قريباً.

خطاب المداخلة يغرر بصغار السن

وبحسب مصدرين متطابقين مقربين من مجلس النواب المنعقد بطبرق، شرق البلاد، تحدثا لـ"العربي الجديد"، فإن عمليات التحشيد تجري على قدم وساق في عدة نقاط بالمدينة وخارجها في البيضاء والمرج يشرف عليها شيوخ التيار المدخلي حيث يلقون خطباً دينية لتحميس الشباب للمشاركة "في الجهاد وطاعة ولي الأمر".

ويؤكد أحد المصادر أنّ "خطابات المداخلة تستهدف الشباب ما دون العشرين عاماً، وتؤكد لهم أن الخروج دون إذن الوالدين لطاعة أمر ولي الأمر للجهاد جائز بينما تمكن بعض الأهالي من استرجاع أبنائهم".

المصادر ذاتها تقول إنّ "الاستعانة بالخطاب الديني جاءت بعد تراجع إقبال القبائل في شرق وجنوب ليبيا على حث أبنائهم على المشاركة في حرب حفتر الجديدة، لتغطية العجز الكبير الذي تعانيه معسكرات حفتر من المقاتلين".

ومنذ سقوط مدينة غريان الاستراتيجية (90 كيلومتراً غرب طرابلس) في السادس والعشرين من الشهر الماضي، والتي كانت مركزاً رئيسياً لعملية حفتر للسيطرة على طرابلس، على يد قوات حكومة الوفاق، سيطر الهدوء النسبي والحذر على غالبية جبهات القتال جنوب طرابلس، فيما استمرت الضربات الجوية المتبادلة بين الطرفين.

وتؤكد المصادر أن قادة التيار المدخلي تمكنوا من إرسال أكثر من 80 شاباً داخل سفينة رست قبل أيام بالقرب من صبراته غرب طرابلس، حيث تسيطر الكتيبة 210 السلفية على مدينتي صبراته وصرمان، ما يؤشر إلى نية حفتر فتح محور قتال جديد في عمليته المقبلة غرب طرابلس.

خلافات بين قادة شرق ليبيا

بالتزامن مع التحشيد العسكري، بدأت وفود مجلس النواب في الوصول إلى القاهرة للمشاركة في لقاء نيابي لإطلاق حكومة وحدة وطنية.

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، عن وجود خلافات بين قادة شرق ليبيا، ففيما يصر حفتر على تنفيذ عملياته القتالية الجديدة حول طرابلس، يرى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ضرورة تأجيلها إلى ما بعد انتهاء لقاء القاهرة.

وتحدثت مصادر إعلامية مصرية، خلال الساعات الماضية، عن بدء توافد أعضاء من مجلس النواب الليبي إلى القاهرة لعقد اجتماع موسع دعت إليه الحكومة المصرية من أجل بحث تشكيل حكومة وحدة وطنية.

من جهتها، أشارت مصادر برلمانية ليبية إلى أن حفتر عقد اجتماعاً موسعاً، مع عدد من ضباط قواته، حيث من المنتظر أن يتم تولية قادة جدد للعملية الجديدة التي ستشمل مدناً أخرى غرب ليبيا بالإضافة إلى طرابلس.

وتنقل المصادر تأكيد حفتر، أن "الهدف هو طرابلس وغرب ليبيا وتخفيف التركيز على مناطق الجنوب الليبي كمرزق التي تشهد حراكاً مسلحاً متزايداً، منذ الأيام الماضية، في محاولة لإخراج المدينة من تحت سيطرة حفتر، لكنه في الوقت ذاته يحرص على السيطرة على مواقع حيوية في الجنوب تمثل أهمية لحكومة الوفاق كمصادر المياه والطاقة".

وقطعت مجموعات مسلحة في الجنوب التيار الكهربائي، أول من أمس الخميس، عن آبار الحساونة، التي تشكل مصدر مياه الشرق للعاصمة ومدن غرب البلاد، كما أعلنت مجموعة أخرى تعمل تحت مسمى "حراك غضب فزان" عن نيتها غلق حقلي الشرارة والفيل، أقصى الجنوب، "احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية في الجنوب"، بحسب بيان الحراك.

ورغم وقوع الجنوب تحت سيطرة حفتر إلا أن الحراك دعا حكومة الوفاق للنظر في مطالبهم بـ"توفير السيولة النقدية والوقود وتشغيل الشباب وإنشاء مشاريع تنموية وحل أزمة الكهرباء".

تحركات حفتر

ولا يرى الباحث في الشؤون السياسية الليبية، عبد الحميد المنصوري، انفصالاً بين الحراكين السياسي في القاهرة والعسكري من جانب حفتر في اتجاه طرابلس مجدداً.

وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "حفتر لا شك يعاني أزمة مقاتلين، ولكنه لا يعاني أزمة دعم خارجي سواء سياسياً في القاهرة أو عسكرياً من غيرها، وأكبر دليل استمرار الطيران الأجنبي الليلي في قصف طرابلس".

ورأى أن "مساعي القاهرة وحلفاءها لإطلاق حكومة وحدة وطنية بتشكيلها من مختلف الأقاليم الليبية، يوازيه حراك داخلي، ظهر منه حراك غضب فزان الذي توجه بالاحتجاج على الحكومة، رغم أنها لا تسيطر على الجنوب"، معتبراً أنّ "الاحتجاج يتوجب أن يتوجه لحكومة مجلس النواب ولحفتر المسيطر على الجنوب".

ورأى المنصوري أن "إطلاق الحكومة الجديدة يعني حشد الدعم الدولي من خلالها لحفتر، ولشرعنة حربه المنقوصة شرعيتها بوجود حكومة الوفاق المعترف بها دولياً"، مشيراً إلى "خطورة الخطوة إذا استمرت سيطرة حكومة الوفاق فقط على أجزاء صغيرة في الغرب الليبي بينما يسيطر حفتر على غالبية أجزاء البلاد".

أما الحراك العسكري، فقلل الخبير الأمني الليبي، محيي الدين زكري، من شأنه، مؤكداً أن حفتر فقد أكثر من 60 بالمائة من قوته السابقة ولن يستطيع تعويضها.

وقال زكري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصور التي تبثها أجهزة إعلام حفتر تظهر استخدام الأرتال الجديدة لمسارب ترابية ما يعني قطع خطوط الإمداد الرئيسية من قبل قوات الحكومة".

وعن معلومات فتح جبهات جديدة حول طرابلس، قال "هو يريد إضعاف وتشتيت قوات الحكومة وهو اتجاه سيضعف قواته أيضاً فصبراته وصرمان لن تصمدا في وجه قوات الحكومة الموجودة في مدينة الزاوية المجاورة للمدينتين"، مؤكداً أنّ "عملية حفتر الجديدة هدفها إطالة أمد المعركة لانتظار مكسب من العملية سياسياً ربما تكون من اجتماع القاهرة".

ودلل زكري على ضعف قوات حفتر بلجوئه للتعبئة الدينية من خلال خطاب المداخلة للتغرير بصغار السن، وقال "بكل تأكيد يتم حشدهم من الشارع وبالتالي هم غير مدربين"، مشيراً إلى أنّ "سقوط مدينة غريان وحصار ترهونة يعني فقدان حفتر لمبدأ المبادرة في الحرب باتجاه طرابلس واتجاهه إلى توسيع دائرة المعارك في الغرب الليبي لأهداف ليست عسكرية".

المساهمون