بدء الحملات الدعائية لرئاسيات موريتانيا: المعارضة تخشى التزوير

08 يونيو 2019
مناصرون لمرشّح المعارضة سيدي محمد ولد بوبكر (العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش الساحة السياسية في موريتانيا على وقع تنافس محتدم مع انطلاق الحملات الدعائية، أمس الجمعة، للانتخابات الرئاسية المقررة في 22 يونيو/ حزيران الحالي والتي تعدّ حاسمة، ويتنافس فيها ستة مرشحين رجال، ويغيب عنها تمثيل المرأة للمرة الأولى، وسط تباين في مستوى المتنافسين، وانحصار السباق الانتخابي بشكل كبير بين مرشحين، يحاول كل واحد منهما الفوز بمعقد الرئيس.

ويتصدّر المشهد الانتخابي في موريتانيا كل من وزير الدفاع محمد ولد الغزواني المدعوم من الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز وحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم من جهة، ورئيس الحكومة الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر، المدعوم من الإسلاميين ونحو عشرة أحزاب قومية معارضة، وكتل سياسية وشخصيات مستقلة، وتجمعات شبابية تسعى لإحداث تغيير في البلاد، من جهة أخرى.

ويشكّل موضوع شفافية الانتخابات الرئاسية، وغياب هيمنة النظام الحاكم وابتعاده عن استغلال المال العام والنفوذ لصالح ولد الغزواني، أهم التحديات التي تواجه المعارضة. ويدّعي النظام عدم تدخله في تسيير العملية الانتخابية ووقوفه على الحياد، رغم دعم الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز بشكل صريح لوزير دفاعه (محمد ولد الغزواني)، والذي تمثّل بشكل واضح أخيراً عبر انتقاله مع وفد ضمّ الغزواني وعدد من أعضاء الحكومة، على متن طائرة مملوكة للدولة من العاصمة نواكشوط، لحضور مهرجان افتتاح الحملة الدعائية للأخير في مدينة نواذيبو، شمال البلاد.

لذلك، تبدي المعارضة مخاوفها من حدوث تزوير بسبب عدم حياد الرئيس وأعضاء الحكومة، بالإضافة إلى رفضهم جملة من المطالب رأى مرشحو المعارضة أنها أبرز ضامن لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة، من أهمها رفض التدقيق في اللائحة الانتخابية، وإعادة تشكيل لجنة الانتخابات، ورفض دعوة المراقبين الدوليين، ومنح صفقة توفير بطاقات التصويت لشركة محلية يملكها مقرب من ولد عبد العزيز.

في السياق، يرى المحلل السياسي الولي ولد سيدي هيبه، أنه "لا يمكن المزايدة أو التشكيك في أنّ موريتانيا تعيش تجربة ديمقراطية حقيقية، رغم ما يعتريها من ضعف وعدم نضج"، مضيفاً أنّ "ما حصل من سدّ للباب أمام الولاية الثالثة لولد عبد العزيز خير دليل على ذلك".


ويستدرك ولد سيدي هيبه، في حديث مع "العربي الجديد"، بالتأكيد على أنّ "النظام الحاكم، عبر حزبه المهيمن وأحزاب أغلبيته المتفاوتة في الأهمية، مصرّ على أن يظلّ قائماً من خلال المرشّح الذي اختاره، وهو يوظّف لأجل ذلك كل طاقاته التي اكتسبها خلال حكم عشرة أعوام، ومارس فيها هيمنة مطلقة على الشأن السياسي، لكي يستمرّ بمنهجه وفلسفته".

ويشير ولد سيدي هيبه إلى أنّ "أيّ محاولة من النظام لاستخدام وسائل الدولة للإبقاء على الأوضاع الحالية، واستمرار النهج الذي يقصي المعارضة عمداً، هو تصرّف يسيء إلى الديمقراطية ويسدّ الباب أمام الشفافية، ويقتل الأمل في التناوب على السلطة".

ويقول المحلل السياسي الموريتاني نفسه إنّ "البعض يلوم المعارضة الموريتانية على عدم تجميع قواها صفاً واحداً لفرض معادلة جديدة، لكنه على الرغم من ذلك، هناك من يرى أنه إذا ما حصلت المعارضة على نسب معقولة، فستصبح إمكانية الذهاب لدورة ثانية قائمة، وعندها قد تفكر القوى السياسية المعارضة في تجميع قواها لتحدث مفاجأة". ويلفت إلى أنّ حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم وأحزاب الأغلبية الداعمة لمرشح النظام، يُظهرون ثقة تامة في النجاح من الدورة الأولى".

ويرى ولد سيدي هيبه أنّ "عدم تعديل الدستور يصبّ في مصلحة المسار الديمقراطي في موريتانيا، ويسمح بانتخاب رئيس جديد يشارك في استحقاق انتخابي مع متنافسين آخرين في الساحة السياسية بشتى أحزابها وتوجهاتها"، مؤكداً أنّ "قوة التنافس ستكون محصورةً بين ولد بوبكر وولد الغزواني الذي يحظى بدعم الرئيس المنتهية ولايته باعتباره خلفاً وامتداداً له، وإن لم يسلم تأييده له من الممارسات التي يفرضها طموح الإمساك بزمام الأمور"، معتبراً أنّ ذلك "يتمثّل في الدول التي ما زالت تخطو خطواتها الأولى في الممارسة الديمقراطية".

بدوره، يرى الصحافي محمد ولد الشيخ، أنّ الانتخابات الرئاسية في موريتانيا "لن تشهد مستوى من النزاهة والشفافية المطلوبة، نتيجة إصرار ولد عبد العزيز، وبعض أركان نظامه على البقاء في السلطة، رغم استجابتهم لعدم تعديل الدستور والذي جاء بسبب ما كانوا سيواجهونه من رفض قوي من الشارع الموريتاني الذي وقف بوجه الولاية الثالثة للرئيس".

ويترقّب الشارع الموريتاني بحذر شديد سير العملية الانتخابية، معولاً على عدم حدوث أي تزوير مكشوف، من شأنه أن يعيد القتامة للمشهد السياسي، ويساهم في اشتداد المواجهة المستمرة بين قوى المعارضة والنظام.

ويتنافس في هذه الانتخابات ستة مرشحين. فإلى جانب ولد الغزواني وولد بوبكر، يترشّح رئيس حزب اتحاد قوى التقدّم محمد مولود، ورئيس حركة "إيرا" الحقوقية غير المرخصة بيرام ولد أعبيدي، والصحافي كان حاميدو بابا، والموظف في وزارة المالية محمد الأمين ولد الوافي.