فتح التفجير الذي وقع داخل مستودع للسلاح والذخيرة تابع لإحدى المليشيات العراقية في حي سكني بمدينة بيجي (200 كيلومتر شمالي العاصمة العراقية بغداد)، منتصف الشهر الحالي، وأسفر بحسب الشرطة عن خسائر مادية كبيرة، ملف مخازن ومستودعات السلاح في المدن العراقية مرة أخرى، بعد أكثر من عام ونصف العام على تعهدات للحكومة وقادة الفصائل المسلحة بنقل مخازن سلاحها من داخل المدن، عقب تفجيرات متلاحقة، أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات العراقيين في بغداد والنجف وبابل ونينوى. مع العلم أن قرار رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بنقل أسلحة المليشيات، جاء على خلفية جريمة تخزين ذخائر في منطقة آهلة بالسكان في مدينة الصدر ببغداد. وتحوَّلت عشرات المنازل إلى ركام، وسط دمار هائل نتيجة انفجار كبير لتكدّس متفجرات وذخيرة، خلّف العشرات من الجرحى وعدداً من القتلى. وقد كُلّفت وقتها قيادات العمليات العسكرية في الجيش ومديريات شرطة المحافظات بمراقبة تنفيذ القرارات.
في السياق، أقرّت مصادر أمنية وأخرى مقرّبة من فصائل "الحشد الشعبي"، بأن "أكثر من 60 في المائة من المخازن والمستودعات ما زالت موجودة ولم تُنقل. في المقابل، نقلت فصائل محددة مثل سرايا السلام وفرقة العباس القتالية وسرايا الإمام علي، كل ما لديها من عتاد وذخيرة إلى خارج المدن وأبقت على السلاح الخفيف فقط.
ووفقاً لمسؤول رفيع في وزارة الداخلية، فإن "عملية نقل مستودعات السلاح من المدن إلى خارجها، توقفت قبل الانتخابات التشريعية منتصف العام الماضي، ولم تجرِ أي عملية نقل. مع العلم أنه بالعادة يقوم الفصيل المسلح الذي يملك السلاح والذخيرة بإخطار قيادة العمليات وقيادة الشرطة والاستخبارات بذلك، ويحدد مكان نقله والوقت المقرر. وهو ما توقف منذ منتصف العام الماضي".
وأضاف المصدر نفسه في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "60 في المائة من المستودعات ما زالت داخل المدن، وتحتل بغداد وديالى وصلاح الدين وبابل الصدارة في عدد تلك المستودعات التي تحوي أسلحة ومتفجرات وموادّ مختلفة حربية، كالصواريخ والقذائف والمتفجرات الخام، وأغلبها محفوظة بشكل بدائي داخل براميل وصفائح معدنية تهدد أمن المواطنين وسلامتهم".
وبحسب المسؤول ذاته، فإن "نحو 120 مستودعاً ومخزناً ما زالت في المدن وداخل الأحياء السكنية، وبما أن الصيف الحالي شديد الحرارة، فهي بمثابة قنابل موقوتة داخل المناطق السكنية". واعترف بـ"وجود تراخٍ أو تقصير من الجيش في متابعة تنفيذ القرار الذي ما زال نافذاً، وذلك بسبب وجود علاقات شخصية بين كبار ضباط الجيش وقيادات الفصائل المسلحة".
من جهته، لفت عضو اللجنة الأمنية في المجلس المحلي لمدينة بغداد سعد المطلبي، إلى أنه "لا يستبعد وجود مخازن أسلحة داخل بغداد، تابعة لفصائل الحشد الشعبي، وعدم التزام بعض الجهات بقرار مجلس الوزراء"، موضحاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات بغداد والعمليات العسكرية في بقية المحافظات مسؤولة عن هذا الملف، ومُطالبة بالتفتيش المستمر والتشخيص ومن ثم إبعاد المخازن خارج المدن بالتعاون مع هيئة الحشد الشعبي، ومحاسبة الفصائل غير الملتزمة بقرارات الدولة".
بدوره، أكد عضو سابق بلجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب لـ"العربي الجديد"، أن "معظم الفصائل المسلحة في بغداد لم تلتزم بالقرار الحكومي القاضي بإخراج المخازن من المدن، وأن أحياء مثل الكرادة والجادرية والعرصات والبياع، لا تزال تستغل بيوتاً لمسيحيين مغتربين ومنازل بعض أعضاء حزب البعث الذي حكم العراق قبل عام 2003، وتخزينهم بالسلاح، لدرجة أن جيران هذه المنازل هجروا بيوتهم خشية من انفجارها، كما حدث خلال السنوات الماضية بأكثر من مدينة".
وأضاف أن "غالبية القرارات التي تُقنن تحركات ونشاطات الحشد الشعبي، لم تلتزم بها إدارات الفصائل المسلحة، إذ ما تزال الفصائل تتحرك وقرار منع تجوالهم بالملابس العسكرية والسلاح بات غير محترم ولا ينفذ".
من جهته، ذكر القائد بـ"الحشد الشعبي" علي الحسيني في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "ليس هناك أي مخازن لسلاح الحشد لا في بغداد ولا داخل مدن الجنوب ولا حتى في المناطق المحررة أخيراً من تنظيم داعش. وهذا الأمر كان محسوماً قبل قرار حيدر العبادي، إذ لم تكن كل الفصائل تستخدم المدن كمخازن إلا قليلاً، وحالياً إن بعض مخازن الفصائل هي في أطراف المدن، والدليل على ذلك أنه لم يحدث أي انفجار ولا توجد أي شكوى سواء كانت من جهة سياسية أو مدنية من قبل الأهالي".