حراك دبلوماسي أميركي على خط الأزمة السودانية

11 يونيو 2019
مخاوف من تدهور الوضع في السودان (فرانس برس)
+ الخط -
بعد أكثر من أسبوع على ارتكاب المجلس العسكري السوداني مجزرة فض اعتصام الخرطوم، تسعى الولايات المتحدة للدخول على خطّ الأزمة السودانية؛ إذ أعلنت أن مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية تيبور ناجي، سيقوم غداً الأربعاء بزيارة إلى السودان لبحث تطورات الأوضاع هناك. في موازاة ذلك، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، تقريراً أمس، أشارت فيه إلى أن الإدارة الأميركية تتجه للاستعانة مجدداً بالسفير السابق دونالد بوث، الذي سبق أن شغل منصب المبعوث الخاص إلى السودان وجنوب السودان في وزارة الخارجية،
للمساعدة في صياغة السياسة الأميركيّة تجاه السودان. وبحسب "فورين بوليسي" ينتظر أن ينضم السفير السابق إلى ناجي في مهمته عبر توليه منصب كبير مستشاريه.

من المتوقع أن يلتقي ناجي غداً أعضاء "قوى الحرية والتغيير"، والمجلس العسكري الانتقالي السوداني، على أن يدعو إلى وقف الهجمات ضد المدنيين، وحثّهم على العمل لخلق بيئة مناسبة لاستئناف المحادثات.

كذلك من المقرّر أن يقوم المبعوث الأميركي بزيارة إلى إثيوبيا، يلتقي خلالها ممثلي الاتحاد الأفريقي ومسؤولي الحكومة الإثيوبية لمناقشة الوضع في السودان والجهود المبذولة لدعم الحل السياسي، وذلك ضمن جولة أفريقية تشمل أيضاً الموزمبيق وجنوب أفريقيا وتستمر حتى 23 يونيو/حزيران الحالي. مع العلم أن معلومات حصل عليها "العربي الجديد" تشير إلى وجود ترقب في السودان لزيارة المبعوث الأميركي لا سيما أنها تترافق مع حديث عن تنسيق بين المجتمع الدولي والإقليمي بشأن الأوضاع في السودان.

وتأتي الحركة الأميركية المستجدّة تجاه السودان بعدما بقي منصب المبعوث الخاص إلى السودان وجنوب السودان في وزارة الخارجية، والذي كان يشغله بوث، شاغراً منذ عام 2017.
وفي السياق، نشرت مجلة "فورين بوليسي"  فحوى رسالة بعث بها المرشح الديمقراطي إلى انتخابات الرئاسية، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السناتور كوري بوكر، في 7 يونيو/حزيران الحالي إلى وزير الخارجية مايك بومبيو حثه فيها على شغل هذا المنصب "في أسرع وقت ممكن"، داعياً إلى تعيين سفير متقاعد (في إشارة على الأرجح لبوث) مؤقتاً لقيادة السفارة في الخرطوم "حتى يتم حلّ الأزمة السياسية".

ويأتي تعيين بوث في وقت تواجه فيه إدارة ترامب دعوات متزايدة لتكثيف جهودها لتحقيق الاستقرار في السودان، خصوصاً أنّها متهمة بأنها غائبة عن هذا الملف، في وقت تضطلع فيه دول خليجية، وفي مقدّمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تدعمان المجلس العسكري، بدور أكبر في السودان. وكانت معلومات حصل عليها "العربي الجديد" أشارت إلى أن الفض الدموي لاعتصام الخرطوم، والذي راح ضحيته أكثر من مائة مدني، قد تم بضوء أخضر من الرياض وأبوظبي، فيما تتوالى التقارير في الصحف التي تشير إلى حجم الدعم المقدم من قبل العاصمتين للعسكر في الخرطوم، وبشكل خاص إلى نائب رئيس المجلس، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي"، والذي أشرفت قواته على مجزرة الاعتصام. 




وبوث هو دبلوماسي مخضرم، شغل، إضافة إلى منصب المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان من عام 2013 إلى أوائل عام 2017، منصب السفير الأميركي لدى ليبيريا وزامبيا وإثيوبيا. ومن المتوقع أن يكون كبير مستشاري ناجي، وفقاً لأربعة مسؤولين حاليين وسابقين.

ويقول المسؤول السابق في البيت،، الأبيض كاميرون هدسون، والذي عمل مسؤولاً لطاقم المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، وفق المجلة الأميركية: "كان علينا توقّع ما حصل. واقع أنّه لم يكن لدينا استراتيجية في مكانها، ولا أفراد أيضاً، هو أمر مقلق. من راقب الوضع في هذا البلد جيداً أدرك أنّ ما يحصل كان مختلفاً كلياً".
ويرى هدسون أنّ التعيينات الجديدة ليست كافية للتعويض عن غياب الاستراتيجية الأميركية بشأن السودان، معتبراً أنّ الإدارة الأميركية تتحرّك من دون خطة واضحة، ما يجعل توقع الكثير من النجاح من المبعوث أو كبير المستشارين أمراً صعباً.

ويأتي حديث هدسون في وقت حذر مسؤول رفيع في الأمم المتحدة لم تحدد اسمه من "خطر زيادة الفظائع والانهيار التام الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية في شوارع الخرطوم"، مضيفاً: "إذا تفكك الوضع الأمني هناك فقد يصبح أكثر تعقيداً"، مشيراً إلى إمكانية تحوله إلى "أكبر أزمة إنسانية في العالم".
ويأتي الحراك الأميركي بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية الواسعة، التي تمّت على إثرها الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في انقلاب عسكري في إبريل/نيسان استجابة لدعوات المتظاهرين، لكن رفض بعده المجلس العسكري الانتقالي تسليم الحكم إلى سلطة مدنية.

وقد تسارعت الأحداث في الأيام الماضية، بعدما هاجمت القوات التابعة للمجلس العسكري، تتقدمها قوات الدعم السريع المعروفة بمليشيات "الجنجويد"، المدنيين الذين كانوا يعتصمون أمام مقر القيادة العامة في الخرطوم، متسببة في مجزرة راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل فيما لا تزال الحصيلة النهائية غير واضحة في ظل تعتيم المجلس العسكري على المجزرة وقطع الإنترنت.

وقد دفعت هذه التطورات برئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى بدء وساطة بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري، لا تزال نتائجها غير واضحة.