السودان: الحركة الشعبية ترفض مغادرة نائب رئيسها ياسر عرمان البلاد

29 مايو 2019
عرمان عاد بشكل مفاجئ إلى الخرطوم الأسبوع الماضي(فرانس برس)
+ الخط -
رفض ياسر سعيد عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، مغادرة البلاد، بعد أن طلبت منه ذلك قيادات في المجلس العسكري الانتقالي، حسب بيان أصدره مساء الأربعاء.

وقال مبارك أردول، المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية لـ"العربي الجديد"، إن "عرمان باقٍ في وطنه ولن يغادره مهما كانت الأسباب، وذلك تحت حماية أبناء وبنات الشعب السوداني".

وكان عرمان قد عاد بصورة مفاجئة إلى الخرطوم الأسبوع الماضي، رغم أن حركته التي تقاتل في جنوب كردفان والنيل الأزرق لم توقع على اتفاق سلام مع الحكومة، كما تحدى عرمان بعودته تلك حكماً بالإعدام أصدرته غيابياً محكمة سودانية ضده في عام 2012 على خلفية تمرده في عام 2011.

وذكر عرمان، في بيان له اليوم، إنه تلقى ست رسائل، منها خمس رسائل من نائب رئيس المجلس العسكري، محمد حمدان دقلو، وواحدة من رئيس المجلس العسكري، عبد الفتاح البرهان، تطلب منه الخروج من السودان، مبيناً أنه رفض تلك الأوامر، ومؤكداً أن غرضه الرئيس في البقاء في وطنه هو دمج قضايا السلام والمواطنة من دون تمييز في حزمة الانتقال، حتى تأخذ الديمقراطية بيدها السلام العادل والعدالة الاجتماعية والمواطنة من دون تمييز.

وأضاف: "نحن جزء لا يتجزأ من قوى الحرية والتغيير، وأتينا للعمل مع السودانيين كافة من أجل السلام والطعام والديمقراطية والمواطنة ومن دون تمييز".

وأوضح أردول أن نائب رئيس الحركة الشعبية عاد من أجل المشاركة ضمن القوى السياسية الأخرى في هدف الانتقال السياسي في البلاد، وتحقيق السلام، مشيراً إلى أن حكم الإعدام الذي صدر في حق عرمان هو حكم مسيس، نافياً أن تكون العودة في الأساس بتنسيق مع المجلس العسكري الانتقالي، أو تحت مظلة الوساطة الإماراتية بين الحركة الشعبية وحركات أخرى من جانب والمجلس العسكري من جانب آخر.

ويُعد ياسر عرمان إحدى الشخصيات السياسية ذات التأثير الكبير في السودان، إذ انتمى باكراً إلى صفوف الحزب الشيوعي، قبل أن يسارع بمغادرته وينضم في عام 1986 إلى صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان التي أسسها الزعيم الجنوبي جون قرنق في عام 1983. وفضلا عن الأدوار السياسية التي لعبها وهو في الحركة الشعبية، فقد شارك كذلك في عملياتها العسكرية ضد الجيش السوداني.

وحينما وقعت الحركة الشعبية على اتفاق سلام مع نظام الرئيس عمر البشير في عام 2005، كان عرمان من أوائل الذين عادوا للبلاد، قبل أن يعين رئيساً لكتلة الحركة الشعبية في برلمان انتقالي 2005 -2010. بعدها نافس بقوة الرئيس البشير، والذي يمت إليه بصلة قرابة، كمرشح لرئاسة الجمهورية، عبر انتخابات جرت في عام 2010، غير أن الحركة الشعبية سحبته في اللحظات الأخيرة، ورغم ذلك حقق أكثر من 3 ملايين صوت، وجاء في المرتبة الثانية بعد البشير.

وبعد انفصال الجنوب عام 2011، انقسمت الحركة الشعبية إلى قطاع جنوبي انفرد بحكم الجنوب، وقطاع شمالي قاد تمرداً جديداً بزعامة مالك عقار، ينوب عنه عبد العزيز آدم الحلو، فيما تولى عرمان منصب الأمين العام، بينما كانت المطالبة من جهة الحركة الوليدة هي حسم مصير منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر مشورة شعبية نصت عليها اتفاقية السلام الشامل.

لكن قطاع الشمال نفسه انقسم إلى فصيلين، بعد أن قاد عبد العزيز الحلو انقلاباً داخلياً أطاح بموجبه عقار وعرمان، اللذين تمسكا بفصيلهما، وانضم إليهما إسماعيل خميس جلاب الذي أصبح أميناً عاماً، بينما تحول عرمان لمنصب نائب رئيس الحركة.

وأثارت العودة المفاجئة لعرمان الكثير من التساؤلات لم تجب عنها تصريحات صحافية أدلى بها بعد عودته، والتي أكد خلالها أنه حضر للخرطوم لـ"الانضمام إلى خندق الشعب السوداني، وبحثاً عن السلام العادل والشامل، ولبناء نظام جديد ودولة ديمقراطية قائمة على المواطنة، بلا تمييز".



وأكّد أنّ "الحركة الشعبية جزء لا يتجزأ من قوى إعلان الحرية والتغيير"، معلناً أنهم "يمدون يداً بيضاء للجميع، بمن في ذلك التيار الإسلامي الراغب في بناء نظام جديد من غير قيادات دولة التمكين".

كذلك دعا إلى "شراكة واضحة لقيام حكومة ديمقراطية مدنية تنقل البلاد من الحرب إلى السلام، ومن الشمولية إلى الديمقراطية".

لكن الكاتب الصحافي الطاهر ساتي، قال لـ"العربي الجديد"، إن المؤشرات كلها تؤكد أن الوساطة الإماراتية المصرية السعودية لعبت دوراً في تقريب وجهات النظر بين المجلس العسكري والحركة الشعبية، خاصة أن ياسر عرمان متفق مع نهج المرحلة المقبلة للتخلص من مؤسسات الدولة العميقة ووقوف الدولة على مسافة واحدة من التيارات السياسية والدينية، مشيراً إلى أن "انضمام عرمان لقوى إعلان الحرية والتغيير يضيف إليها الكثير لأنه سياسي محنك ومفاوض ذكي".