أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، ليلة الأحد في لقاء مع نشطاء سياسيين، أن "ضغوط الأعداء السياسية والاقتصادية تمثل حرباً سافرة وغير مسبوقة في تاريخ الثورة الإسلامية"، فيما اعتبر مساعد الشؤون السياسية للخارجية الإيرانية عباس عراقجي، أن البيت الأبيض يبعث "رسائل متناقضة" لبلاده.
وقال روحاني، وفقاً لموقع الرئاسة الإيرانية، إنه "لا يمكن القول اليوم إن ظروفنا الراهنة أسوأ أو أفضل من أيام الحرب السنوات الثمان"، مضيفاً أن طهران لم تكن تعاني خلال تلك الحرب من "مشاكل في البنوك وبيع النفط والتوريد والتصدير، والحظر الوحيد كان للسلاح". وذلك في إشارة إلى العقوبات "القاسية" التي تواجهها إيران، في كافة هذه المجالات البنكية والمصرفية والواردات والصادرات.
ولفت روحاني إلى القيود التي فرضها "الأعداء" على قطاع البنوك، موضحاً أن العقوبات في هذا القطاع حمّلت تكاليف إضافية على المعاملات المالية للبلاد، وقال إن "هذه المشاكل قد أثّرت في مجالات بيع النفط والمنتجات البتروكيماوية والفولاذ والزراعة".
وبعد تقديمه بيانات عن الوضع الاقتصادي الإيراني، لم يكشف عنها موقع الرئاسة، دعا روحاني النشطاء السياسيين إلى "معرفة الحقائق والتشاور للوصول إلى أفضل حلول وأقلها تكلفة".
وأضاف أن "الشعب كان متفقاً أيام الحرب المفروضة (مع العراق) على أن الحكومة لا تتحمل مسؤولية المشاكل، بل (الرئيس العراقي الأسبق) صدام (حسين) اعتدى على البلاد وشن حرباً، ولأن الشعب كان متفقاً كانت الظروف جيدة نسبياً، ولو لم تكن مثالية والناس كانوا يساعدون في حل المشاكل".
وفي السياق، شدد روحاني على أن "اليوم أيضاً يجب أن ندير الأوضاع بمثل ذلك الاتفاق والتوافق، ومن خلال خلق التعاضد والوفاق وأن لا نستسلم"، داعياً "جميع القوى الثورية إلى الوحدة والتكاتف في هذه الظروف".
وأشار الرئيس الإيراني إلى أن "الاستسلام لا يتناغم مع ثقافتنا وديننا، والشعب لن يقبل به، لذلك علينا أن لا نستسلم ونبحث عن الحلول"، معتبراً أنه "من المهم أن نعرف كم من هذه الحلول في متناول الحكومة". وذلك في رد غير مباشر على الانتقادات التي تواجهها حكومته في إدارة شؤون البلاد.
وفي السياق، أوضح روحاني أنه "حينما تطرح أسئلة ومطالب من الحكومة، يجب أن ندرس صلاحياتها في المجالات التي تتعرض فيها لتلك الأسئلة"، لافتاً إلى أنه "على سبيل المثال عندما تطرح مطالب وأسئلة في مجالات السياسة الخارجية، والثقافة والفضاء الافتراضي، فعلينا أن نعرف مدى صلاحية الحكومة في تلك المجالات".
كما شدد على أنه "ينبغي أن تكون المطالب من رئيس الجمهورية بقدر قدرته وفي مجالات صلاحياته"، داعياً إلى "ضرورة توفير الظروف لحضور أكثر فاعلية للشعب وإرضائه".
واعتبر روحاني أن مشاكل إيران "ليست اقتصادية فحسب"، قائلاً إن إيران تواجه اليوم "ظروفاً صعبة لكننا لسنا محبطين، ومتفائلون للمستقبل وعلى قناعة بأننا سنتجاوز هذه الظروف في حال كنا متحدين ومتكاتفين".
وأشار روحاني إلى الانتخابات التشريعية الإيرانية في فبراير/ شباط 2019، قائلاً إنه "يمكن أن تكون ظروفنا أفضل في حال لم يقرر جهاز وغرفة لهذه الانتخابات"، من دون أن يسمّيه، داعياً في الوقت عينه إلى جعلها "رمزاً للوحدة".
وعلى صعيد آخر، اعتبر مساعد الشؤون السياسية لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة مع نادي "المراسلين الشباب"، نشرها ليلة الأحد، أنه "تسمع من البيت الأبيض رسائل متناقضة"، لافتاً إلى أنه "يفتقد لسياسة منسجمة وعقلانية تجاه إيران والمنطقة وربما العالم".
ووصف عراقجي الشروط الـ12، التي يتحدث عنها وزير الخارجية الأميركي مرات عدة خلال العام الأخير بأنها "مضحكة"، قائلاً إن "(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب قلّل هذه الشروط الـ 12 إلى شرط واحد قد تحقق في الاتفاق النووي".
ويشير عراقجي بذلك إلى تصريحات ترامب الأخيرة، التي قال فيها إن "كل ما نريده من الإيرانيين هو ألا يمتلكوا أسلحة نووية"، داعياً طهران إلى الاتصال به "للوصول إلى اتفاق عادل".
وفي معرض رده على سؤال بشأن طريقة تعامل طهران مع الرقم، الذي أعلنت "سي إن إن" الأميركية أن ترامب مرّره للسلطات الإيرانية عبر الحكومة السويسرية للتواصل معه، قال عراقجي: "اذا دعت الحاجة فهم لديهم أرقام هواتفنا"، معتبراً أن ترامب يسعى للخروج من "صعوبات وأزمة صنعها لنفسه، وأميركا ليست بحاجة إلى وسيط أو رقم هاتف".
وبشأن احتمال استئناف المفاوضات بين بلاده والأوروبيين، قال المسؤول الإيراني: "إن الأوروبيين أعربوا عن رغبتهم عبر قنوات مختلفة للتفاوض، لذلك بالنظر إلى الظروف الراهنة يجب أن نتفاوض لنرى إمكانية الوصول إلى حل من عدمه".
وشدد عراقجي أن المهلة التي منحتها بلاده لبقية شركاء الاتفاق النووي، "لن تتغير وهي محسومة" لتلبية مطالبها المتمثلة في تمكين طهران من تحصيل منافعها الاقتصادية في الاتفاق، وخاصة في المجالين النفطي والمصرفي، مشدداً على أن طهران "ستقلص مستوى تعهداتها بعد الانتهاء من مهلة ستين يوماً".
وعلّق على البيان الأوروبي الرافض لهذه المهلة، بالقول إن "إيران لا تعتبر بيانات الاتحاد الأوروبي معياراً بل عملها هو المعيار، فنحن لا نولي أهمية لتصريحاتهم وبياناتهم، وما يهمنا هو أن يلبوا مطالبنا على أرض الواقع. وقمنا بشرح هذه المطالب في مجالي النفط والمصارف بشكل واضح".
وانتقد المسؤول الإيراني الآلية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران، المعروفة بـ "إنستكس"، التي أعلنت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) تأسيسها في يناير/ كانون الثاني الماضي، قائلاً إن هذه الآلية "ستكون نافعة حينما يتم تفعيلها سريعاً، ويشمل جميع المجالات ويغطي كافة السلع المحظورة وغير المحظورة".
واعتبر أن "إنستكس يمكنها أن تساعد في تنفيذ مطالب إيران، لكن للأسف هي بطيئة ومستقبلها ليس مؤملاً كثيراً، إلا إذا قامت أوروبا بتحرك في هذا الصدد".