مع فتح صناديق الاقتراع في أكثر من 10 آلاف مركز اقتراع، تبيّن أن عناصر من حزب الليكود وأحزاب اليمين المتطرف، انتشرت في مراكز الاقتراع العربية، وسط محاولات لزرع أكثر من ألف كاميرا سرية وأجهزة تجسس، وافتعال الشجارات في مسعى لحث الشرطة على التدخل وإغلاق صناديق الاقتراع من جهة، وبث حالة من الطوارئ في الشارع الإسرائيلي من جهة أخرى.
وقد تمكن نشطاء الأحزاب العربية من كشف نشطاء اليمين وإخراجهم من مراكز الاقتراع، علماً بأن صناديق الاقتراع كانت قد فتحت أبوابها الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي.
وأطلقت الأحزاب العربية نداءات استغاثة على شبكات التواصل الاجتماعي، واستخدمت مكبّرات الصوت في البلدات المختلفة، ولا سيما في المساجد، لحثّ الناس على الخروج للتصويت ومنع سقوط القائمتين العربيتين، في حال لم تتجاوز نسبة التصويت عند العرب عموماً نسبة الـ50 في المائة، في مقابل نسبة تصويت مرتفعة عند الشارع اليهودي.
في المقابل، واصل اليمين الإسرائيلي أمس دعايته الكاذبة بشأن الخطر الذي يتهدد حكمه، معتبراً أن هناك صفقة بين حزب الجنرال بني غانتس "كاحول لفان"، وبين الأحزاب العربية لإسقاط حكم الليكود. وهي دعاية سارع حزب "كاحول لفان" وحزب العمل إلى نفيها، واتهام نتنياهو بأنه يواصل بث الأكاذيب بكل طريقة من أجل ضمان نسبة تصويت عالية لمصلحة الليكود.
وبدا أمس أن أحزاب اليمين المتطرفة السبعة، وهي حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان وتحالف أحزاب اليمين الثلاثة، بزعامة "البيت اليهودي"، فضلاً عن أحزاب "كولانو" و"غيشر" و"شاس"، تصارع لاجتياز نسبة الحسم المقررة لـ3.25 في المائة بما يوازي 145 ألف صوت، بفعل حملة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة لانتزاع مقاعد للحزب على حساب أحزاب اليمين، أملاً في التقدم على حزب بني غانتس الذي تمنحه الاستطلاعات بين 30-34 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست.
مع ذلك تشير التوقعات، حتى قبل بدء فرز النتائج عند العاشرة من ليل أمس، إلى أن حزب "كاحول لفان" قد يتقدم على نتنياهو بمقعدين، إلا في حال نجحت حملة نتنياهو الأخيرة في استعادة أصوات جمهور اليمين من الأحزاب الصغيرة لمصلحة حزب الليكود. كما جرى في الأيام الأخيرة لانتخابات عام 2015 حين فاز الليكود بـ30 مقعداً على حساب حزب "البيت اليهودي".
وعلى الرغم من توقع تقدم حزب غانتس بشكل طفيف على حزب الليكود بقيادة نتنياهو، إلا أنه يبدو أن الليكود سيكون الحزب الذي سيشكل الحكومة المقبلة، حتى لو تمخضت الانتخابات عن تعادل في عدد مقاعد الحزبين الكبيرين، إذ يملك نتنياهو أغلبية مؤيدة له في أحزاب اليمين والحريديم لتشكيل الائتلاف العتيد وترشيحه لدى رئيس الدولة لتشكيل الحكومة.
ومن المنتظر أن تبدا النتائج الأولية للانتخابات بالظهور في ساعات الصباح من اليوم الأربعاء، ويمكن لعملية فرز الأصوات أن تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، بفعل عملية فرز أصوات الجنود والسلك الدبلوماسي وجنود البحرية. مع العلم أن القانون ينص على أن يتم الانتهاء من فرز الأصوات خلال ثمانية أيام، لكن هذا لا ينفي احتمال انتهاء عملية فرز الأصوات بشكل نهائي يوم غد الخميس، لكن عمليات الطعن في نتائج صناديق معينة، من شأنها أن تؤجل إعلان النتائج الرسمية حتى يوم الثلاثاء المقبل.
في المقابل، يُنتظر أن تعطي النتائج شبه الرسمية اليوم، مؤشراً لجهة التركيبة النهائية للخريطة الحزبية الجديدة، وإطلاق الاتصالات بشأن تركيب الائتلاف الحكومي وطبيعته بين الليكود وباقي الأحزاب الصغيرة في اليمين، قبل تكليف نتنياهو رسمياً من رئيس الدولة رؤوفين ريفلين. مع العلم أن رئيس الدولة سيبدأ مشاوراته الرسمية في الأسبوع المقبل لتكليف المرشح الذي يملك أكبر عدد من النواب لتشكيل الحكومة.
في غضون ذلك أقر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، أن الليكود يسعى لضمان إسقاط قائمة عربية من القائمتين المتنافستين في الانتخابات، وذلك لضمان خسارة معسكر الوسط واليسار أربعة مقاعد على الأقل لمصلحة معسكر اليمين.
ويشير هذا التصريح إلى المساعي لإسقاط قائمة تحالف حزبي التجمع الوطني الديمقراطي والقائمة العربية الموحدة، علماً أن الليكود حاول قبل الانتخابات منع القائمة من خوض الانتخابات، بادّعاء أنها ترفض الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، كما سبق لنتنياهو أن اتهم القائمة بأنها قائمة إرهابية تعمل لهدم الدولة.
وفي حال لم تتخطَّ نسبة التصويت عند العرب في الداخل، نسبة الـ50 في المائة، فإنه من المحتمل جداً ألا تنجح قائمة التحالف المذكورة في تجاوز نسبة الحسم، خصوصاً بعد تفكيك القائمة المشتركة للأحزاب العربية بفعل قرار عضو الكنيست أحمد الطيبي، الذي انسحب من القائمة المشتركة وتوصل إلى تحالف ثنائي مع الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي. وفي حال تحقق هذا السيناريو، الذي هو بمثابة كابوس للأحزاب العربية، فمن شأن تمثيل فلسطينيي الداخل في الكنيست، أن يتراجع إلى أقل من ثمانية مقاعد، بعد أن كانت القائمة المشتركة للأحزاب العربية حصلت في الانتخابات الأخيرة عام 2015 على 13 مقعداً.