8 سنوات إضافية لحكم السيسي... ودستور جديد خلال 10 سنوات

14 ابريل 2019
التعديلات تمنح السيسي حق الترشح لولاية تالية (فرانس برس)
+ الخط -
أعلن رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، موافقة أغلبية اللجنة التشريعية في البرلمان على تقرير لجنة الصياغة بشأن التعديلات الدستورية، تمهيداً لطرحها للتصويت النهائي بأغلبية الثلثين في الجلسة العامة بعد غد الثلاثاء، مشيراً إلى أنها تمنح الرئيس الحالي (عبد الفتاح السيسي) 8 سنوات إضافية، عقب انتهاء ولايته الحالية في عام 2022، من خلال زيادة الفترة الحالية بأثر فوري من 4 إلى 6 سنوات، ومنحه حق الترشح لولاية تالية.

وقال عبد العال، في اجتماع اللجنة التشريعية بالبرلمان، مساء يوم الأحد: "لن تمر 10 سنوات على مصر إلا بوجود دستور جديد بالكامل، فنحن في حاجة إلى دستور جديد كلية من أول إلى آخر مادة"، رافضاً الأخذ بآراء النواب الحاضرين من غير أعضاء اللجنة، والتمسك بأخذ الموافقة بالأغلبية البسيطة (50%+1)، من دون الاكتراث بمطالبات بعض النواب بالأخذ بأغلبية الثلثين.

وأضاف أن: "التعديلات الدستورية شهدت توافقاً حول المادة المتعلقة بمدة الرئاسة، بينما كان الجدال حول مواد القضاء، ونسبة المرأة في مجلس النواب"، مستطرداً: "الغريب أن البعض يصر على الدخول في معارك، رغم أن النص الانتقالي المقترح للرئيس الحالي لم يخلق حكماً أبدياً، وجاء استجابة لما دار في جلسات الحوار المجتمعي التي عقدها البرلمان"، على حد زعمه.

وشدد عبد العال على تمسك لجنة الصياغة بـ"كوتة المرأة" المحددة بنسبة 25 في المائة من مقاعد مجلس النواب، قائلاً إن "بلاده ملتزمة بالاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية بكين التي تشترط نسبة 30 في المائة لتمثيل المرأة داخل البرلمان، وكذا البرلمان الدولي الذي يشترط هذه النسبة كحد أدنى للتمثيل... ومن غير المنطقي أن يجرى تحديدها بدورتين تشريعيتين أو بثلاث دورات، لأن الدستور سيتغير كاملاً على أية حال"، وفق قوله.

ونص تقرير اللجنة على تحديد أعضاء مجلس الشيوخ (الشورى سابقاً) بعدد 180 عضواً، بدلاً من 250 عضواً كما كان مقترحاً من ائتلاف الأغلبية (دعم مصر)، بحيث يقبل القسمة على ثلاثة، لأن رئيس الجمهورية يملك تعيين ثلث الأعضاء بموجب التعديلات، على أن يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 عضواً، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، وتخصيص ما لا يقل عن ربع عدد المقاعد للمرأة.

وتضمن التقرير تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، وتحديد اختصاصاتهم من قبل الأخير، وأن يفوضهم في بعض اختصاصاته، ويعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالاتهم. وإذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، حل محله نائب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر حلوله محله.

ونص على أنه "لا يجوز لمن حل محل رئيس الجمهورية، أو لرئيس الجمهورية المؤقت، أن يطلب تعديل الدستور، ولا أن يحل مجلس النواب، أو مجلس الشيوخ، ولا أن يُقيل الحكومة. كما لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت أن يترشح لهذا المنصب".

وأقرت أغلبية اللجنة مد الفترة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات، مع عدم جواز تولي منصب الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، ووضع مادة انتقالية تنص على "تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيساً للجمهورية، ويجوز إعادة انتخابه لمرة تالية"، ما يمهد لانتهاء مدة ولايته الثانية في عام 2024 بدلاً من 2022، وأحقية ترشحه مرة ثالثة حتى عام 2030.

وقال عبد العال، إن "هذه المادة كان مقترحة بحيث تسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بخوض الانتخابات دورتين أخريين مدة كل واحدة 6 سنوات، بعد انتهاء مدته، وبالتالي كانت ستصل مدة انتخابه إلى عام 2034، ولكن اللجنة أعادة صياغة المادة صياغة مريحة للجميع، وللرأي العام، بحيث تصل مدة انتخابه حتى عام 2030!".

وادعى عبد العال أنه "بهذه الصياغة ليس هناك تأبيد أو توريث للحكم، وسيستفيد منها الرئيس الحالي بمدة سنتين بحيث تنتهي مدته الحالية في عام 2024، ويكون من حقه مدة واحدة، بدلاً من أن يكون من حقه مدتين، بعد انتهاء مدته الحالية"، مستطرداً "هذه المادة تؤكد أن البرلمان لم يكن لديه صياغات معلبة، وأن ما تم من حوار داخل قاعة المجلس ليس الهدف منه التنفيس، وإنما الاستماع للرأي الآخر".

واعتبر كذلك أن "المواد الانتقالية لا يمكن أن يتم وضعها مع الأحكام الدائمة، لذلك تم وضعها في موضع آخر، لتكون المادة 241 مكرر، لتنص على أن تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي من تاريخ إعلان انتخابه في عام 2018، حتى لا يأتي رئيس جمهورية بعد ذلك، ويدعي أنه الرئيس الحالي، ويطبق النص الدستوري على نفسه"، على حد قوله.

تجدر الإشارة إلى تسجيل سبعة نواب من أعضاء اللجنة التشريعية، رفضهم تعديل المادة المستحدثة لرئيس الجمهورية، وهم: محمد صلاح عبد البديع، وأبو المعاطي مصطفى، وضياء الدين داوود، وأحمد الشرقاوي، وعفيفي كامل، ومحمد العتماني، وجمال الشريف".

إرجاء حسم مادة وزير العدل بتعديلات الدستور

من جهة أخرى، أرجأت اللجنة التشريعية، التصويت على المادة (185) المتعلقة بوزير العدل إلى اجتماع اللجنة، يوم غد الاثنين، في ظل حالة الجدال التي نشبت بين النواب بشأن حل وزير العدل محل رئيس الجمهورية في حال غيابه، في رئاسة المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية، المقترح بموجب التعديلات.

وعن تأجيل التصويت على مادة وزير العدل، قال عبد العال إن وجود الأخير محل رئيس الجمهورية ينسف استقلال السلطة القضائية، وهو لن يسمح بتمرير نص يخالف الدستور، مشيراً إلى أن هذا المجلس الأعلى للهيئات القضائية سيكون بمثابة "مجلس سياسات" برئاسة رئيس البلاد، ولا يجوز أن يحل محله وزير العدل بوصفه ممثلاً للسلطة التنفيذية.

إلى ذلك، وافقت اللجنة على إجراءات تعيين النائب العام، بأغلبية 43 نائباً، ورفض 5 نواب، إذ نصت المادة على أن "يتولى النيابة العامة نائب عام يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العموم المساعدين، لمدة 4 سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد -أيهما أقرب- ولمرة واحدة طوال مدة عمله".

وقال وكيل اللجنة التشريعية، النائب أحمد حلمي الشريف، إن "التعديلات الجديدة تسمح بوجود أكثر من فئة للمرشحين، حتى يكون أقرب للعدالة والمنطق"، لافتاً إلى أن مسألة تعيين النائب العام أثيرت خلال جلسات الحوار المجتمعي، واقترح بعضهم أن تكون 6 سنوات على غرار مدة ولاية رئيس الجمهورية، ولكن لم تتوافق اللجنة على هذا الطرح، لأنه ليس هناك ثمة علاقة بينهما لاختلاف المهام".

وأبدى عبد العال حرصه على سلامة المؤسسات الدستورية، وسلامة بنيانها، وعلاقاتها ببعضها بعضاً، وعدم وضع مساحة للاشتباك بين مؤسسة وأخرى من مؤسسات الدولة، قائلاً "تأجيل المادة جاء لمزيد من البحث، لأن النص الدستوري يجب أن يكون متسقاً ومنسجماً مع باقي النصوص بالدستور، ولا يمكن أن يكون متعارضاً مع أي نص دستوري، والمبادئ الدستورية العليا".

وتابع عبد العال أنه عقد النية على عدم تمرير أحد النصوص التي تصطدم مع نص دستوري آخر، و"لو أدى الأمر إلى استبعاد هذا التعديل، لأنه لا يمكن لوزير العدل أن يرأس المجلس الأعلى للهيئات القضائية"، مضيفاً "لم أكن يوماً سياسياً أو حزبياً، وبدأت حياتي المهنية في كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وظللت أدرس القانون الدستوري طوال عمري".

من جهته، هدد عضو اللجنة التشريعية، النائب كمال أحمد، بتقديم استقالته من مجلس النواب، حال المساس باستقلال القضاء في التعديلات المقدمة من خمس أعضاء المجلس، قائلاً: "هناك قوتان في مصر لا يمكن المساس بهما، وهما القضاء والقوات المسلحة، ولا يجب المساس باستقلالية القضاء في التعديلات الجديدة، حتى لا أضطر إلى تقديم استقالتي من البرلمان".


وأضاف أحمد: "نحن نواب الأمة، ونعمل من أجل استقلال الوطن، ومجلس النواب هو سيد إرادته، فلنقرر وفق هذه الإرادة، فلا يمكن في ظل غياب الرئيس أن يحل محله أحد الوزراء في الحكومة".

إقرار تحصين وزير الدفاع والقضاء العسكري
ووافقت اللجنة التشريعية كذلك على تعديل المادة (234) من الدستور، والمتعلقة بتحصين منصب وزير الدفاع، وعدم تسميته من قبل رئيس الجمهورية إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفقرة الثانية من المادة (204)، والتي تهدف إلى التوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين، من خلال حذف كلمة "مباشر" التالية لكلمة "اعتداء".
ونصت المادة (234) على أن "يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، في حين نصت المادة (204) على أن "لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء على المنشآت العسكرية، أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها، أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداءً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم".
كما وافقت اللجنة على تعديل الفقرة الأولى من المادة (200) من الدستور، والتي تنص على حماية القوات المسلحة لـ"مدنية الدولة"، بعد التسجيل في مضبطة اللجنة أن كلمة مدنية لا تنصرف على لفظة العلمانية، بناءً على طلب ممثل حزب "النور" السلفي، محمد صلاح خليفة.
ونصت المادة على أن "القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور، والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة، ومدنيتها، ومكتسبات الشعب، وحقوق وحريات الأفراد. والدولة وحدها هي التي تنشئ هذه القوات، ويحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية".