استشهاد مسعف فلسطيني برصاص الاحتلال.. و"الإغاثة" ستسعى لمحاكمة القتلة دولياً

27 مارس 2019
اندلاع مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال(جعفر اشتية/فرانس برس)
+ الخط -
استُشهد المسعف الفلسطيني ساجد مزهر (17 عاما)، صباح اليوم الأربعاء، متأثرا بجراح خطيرة أصيب بها فجراً، خلال إسعافه أحد الجرحى الذين أصيبوا خلال مواجهات اندلعت في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم جنوب الضفة الغربية، فيما أكدت الإغاثة الطبية الفلسطينية سعيها لمحاكمة مرتكبي الجريمة أمام المحاكم الدولية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، صباح اليوم الأربعاء، عن استشهاد مواطن فلسطيني متأثرا بجروح أصيب بها فجرا في مخيم الدهيشة.

وشيع الآلاف من الفلسطينيين، بعد عصر اليوم، جثمان الشهيد مزهر، في مسقط رأسه في مخيم الدهيشة، بمشاركة شعبية ورسمية وفصائلية.

وبعد الإعلان عن استشهاد المسعف مزهر عم الإضراب محافظة بيت لحم، بدعوة من لجنة التنسيق الفصائلي في المحافظة، احتجاجا على الجريمة، فيما انطلق موكب تشييع جثمان الشهيد من أمام مستشفى بيت جالا الحكومي، حيث حمل أكثر من مائة مسعف جثمان الشهيد على الأكتاف وهم يرتدون الزي الخاص بالمسعفين، وتتقدمهم مركبات الإسعاف.

وأكمل المشيعون طريقهم باتجاه مخيم الدهيشة، حيث منزل عائلة الشهيد التي ألقت نظرة الوداع عليه ومن ثم نقل الجثمان إلى مدرسة ذكور مخيم الدهيشة حيث أدى المشيعون صلاة الجنازة على الشهيد بعد صلاة عصر اليوم، ومن ثم جابت مسيرة حاشدة شارك فيها الآلاف شوارع المخيم باتجاه مقبرة الشهداء في المخيم حيث ووري جثمان الشهيد الثرى هناك.

وتخلل تشييع جثمان الشهيد إطلاق المشيعين هتافات تمجد الشهيد وتندد بجريمة الاحتلال بقتله، ورفع المشيعون الأعلام الفلسطينية وأعلام الفصائل الوطنية، وأطلق مسلحون ملثمون الرصاص في الهواء تحية لروح الشهيد.

وسبق تشييع جثمان الشهيد اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، ولم يبلغ عن وقوع إصابات، وفق ما ذكرت مصادر صحافية لـ"العربي الجديد".

وقال مسؤول جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية في بيت لحم، مازن العزة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت الرصاص الحي المتفجر باتجاه المسعف ساجد، وهو مسعف متطوع في الجمعية، أثناء قيامه بأداء واجبه في إسعاف أحد المصابين على الشارع الرئيسي في المخيم".

وأكد العزة أن "قوات الاحتلال استهدفت المسعف ساجد مزهر وهو يسعف أحد المصابين، وكان بلباسه الطبي الكامل، وعلى الملابس عواكس تبين أنه مسعف، وهي جريمة جديدة ترتكبها قوات الاحتلال".

وأوضح أن ساجد أصيب برصاص متفجر في البطن، ونقل بعد ذلك إلى المستشفى لتلقي العلاج، وأدخل إلى غرفة العمليات منذ اللحظة الأولى، وأجريت له عدة عمليات، لكن الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذ حياته، إذ إن الرصاص المتفجر أحدث أضرارا بالغة في أحشائه وأصيب بنزيف حاد، وأعلن عن استشهاده بعد ساعات من إصابته.

والشهيد ساجد مزهر هو ابن عم الشهيد أركان مزهر، الذي استشهد العام الماضي، خلال مواجهات شهدها مخيم الدهيشة.

إلى ذلك، قال رئيس الإغاثة الطبية الفلسطينية مصطفى البرغوثي: "سنسعى لمحاكمة مرتكبي جريمة قتل شهيد الإغاثة الطبية المسعف ساجد مزهر في مخيم الدهيشة في بيت لحم، أمام المحاكم الدولية".

وتقدم البرغوثي باسم كل العاملين والمتطوعين في الإغاثة الطبية لعائلة الشهيد بأحر مشاعر التعازي والتضامن، وقال في بيان صحافي: "نعاهدهم بأن دماء الشاب الشهيد الباسل ساجد مزهر لن تذهب هدرا، وأننا سنسعى إلى فضح جريمة القتل الوحشي التي ارتكبت ضده، وسنعمل بكل طاقتنا على جر مرتكبي الجريمة البشعة ليحاكموا في المحاكم الدولية".

وأشار إلى أن جريمة اغتيال شهيد الإغاثة الطبية المسعف ساجد مزهر ليست الأولى التي يرتكبها الاحتلال ضد طواقم الإغاثة ومختلف الطواقم الطبية الفلسطينية، إذ استشهدت قبل أقل من عام المسعفة رزان النجار وهي تؤدي واجبها الإنساني في قطاع غزة، وأصيب العشرات من المسعفين والمسعفات في الضفة، بما فيها القدس والقطاع، وهذا "يدل على أن قوات الاحتلال لا تقيم وزنا للقوانين الإنسانية الدولية، وتتعمد إطلاق الرصاص على المسعفين والأطباء وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية، ويجب أن تحاسب على ذلك، كما أن من واجب المجتمع الدولي اتخاذ كل الإجراءات لردعها عن مواصلة هذه الجرائم".


إلى ذلك، دان وزير الصحة جواد عواد قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي المسعف المتطوع. وقال عواد إن "قتل الاحتلال للمسعف المتطوع برصاص (حي) في البطن يعد جريمة حرب، وإصرارا لدى هذا الجيش على خرق كل المعاهدات الدولية والاتفاقيات التي تدعو إلى حماية المسعفين أوقات النزاعات".

وطالبت وزارة الصحة، في بيان صحافي، كافة المؤسسات والمنظمات الدولية الحقوقية والمجتمع الدولي بـ"التحرك العاجل لحماية المواطنين العُزَّل في كافة المدن الفلسطينية، الذين يتعرضون لمختلف أشكال القتل برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي".

وأضافت الوزارة أنه "باستشهاد المتطوع مزهر، اليوم، يرفع عدد الشهداء من المسعفين ومتطوعي الإسعاف منذ مطلع عام 2018 لأربعة شهداء، بينهم مسعفة، ما يدلل على تعمد الاحتلال استهداف الطواقم الطبية والمسعفين وعرقلة عملهم في تقديم الواجب الإنساني للمُصابين".

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق صباح اليوم، إن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم الدهيشة، واعتقلت ثلاثة شبان عقب دهم وتفتيش منازلهم في المخيم، ما أدى إلى اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، أوقعت ثلاث إصابات بجروح بالرصاص، ونُقل الجرحى لتلقي العلاج في مستشفيات بيت لحم، ووُصفت إحدى الإصابات بأنها خطيرة، بينما أصيب عدد من الشبان بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع تمت معالجتها ميدانيا.


على صعيد آخر، أصيب عدد من طلبة جامعة بيرزيت بعد ظهر اليوم، بجروح بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، خلال مواجهات انطلفت على المدخل الشمالي لمدينتي رام الله والبيرة قرب حاجز "بيت إيل" العسكري المقام هناك، عقب تظاهرة دعت لها الكتل الطلابية في جامعة بير زيت احتجاجا على استهداف الأسرى في سجون الاحتلال، وطلبة الجامعة بالاعتقال، والتي كان آخرها اختطاف 3 من طلبة الجامعة من داخل الحرم الجامعي يوم أمس.

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان مقتضب: إن "طواقمنا تعاملت مع 5 إصابات خلال مواجهات اندلعت قرب حاجز بيت إيل، منها إصابتان بالغاز المسيل للدموع، و3 إصابات بجروح بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط"، فيما أفادت مصادر صحافية بإصابة خمسة فلسطينيين آخرين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والعشرات بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع خلال مواجهات بيت إيل بينهم المصور الصحافي بهاء نصر، واعتدت قوات الاحتلال على الصحافيين المتواجدين في المكان وأطلقت قنابل الصوت والغاز باتجاههم.

وفي الأثناء، وزعت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء، منشورات على المركبات الفلسطينية المارة على حاجز "بيت إيل" تتهم فيها قوات الاحتلال، طلبة جامعة بيرزيت بإغلاق طريق رام الله.

وجاء في المنشور"طلاب من جامعة بيرزيت يغلقون مداخل مدينة رام الله، وبذلك يضرون بالحياة الاقتصادية اليومية فيها، أعمال الشغب تضر بالنظام العام وباقتصاد مدينة رام الله. جيش الدفاع الإسرائيلي".

في سياق ذي صلة، اقتحم عشرات المستوطنين، اليوم الأربعاء، المنطقة الأثرية في بلدة سبسطية شمال نابلس شمال الضفة بحماية من قوات الاحتلال، فيما اعتدت قوات الاحتلال على طلبة مدرسة الخليل الأساسية للبنين في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل وذلك أثناء مغادرتهم المدرسة، حيث أطلقت تلك القوات قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاههم ما أحدث فزعا ورعبا في صفوف الطلبة وإصابة عدد منهم بحالات اختناق تمت معالجتها ميدانيا.