الجزائر: توقعات بطلب رئيس الحكومة المكلف إعفاءه من مهمته

23 مارس 2019
توقعات بإعفاء بدوي (يمين) وتكليف لعمامرة (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

بعدما أخفق رئيس الحكومة الجزائري المكلّف نور الدين بدوي، في تشكيل حكومة جديدة، يتوجه إلى طلب إعفائه من مهمته، بحسب ما كشفت مصادر مسؤولة لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أنّه ينتظر عودة نائبه وزير الخارجية رمطان لعمامرة من جنيف، لتقديم الطلب.

وكان بدوي تعهّد بالإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة في الجزائر، يوم الإثنين الماضي، غير أنّ القوى السياسية والمدنية رفضت المشاركة فيها، على خلفية موقفها المطالب بتغيير جذري في السلطة، وسط استمرار الحراك الشعبي الداعي لرحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الرئاسة.

وتعيش الجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي، على وقع حراك شعبي ضد نظام حكم الرئيس بوتفليقة (يحكم الجزائر منذ 1999) الذي ألغى في 11 مارس/ آذار الجاري، انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 إبريل/ نيسان المقبل، وسحب ترشحه لولاية خامسة.

كما قرر بوتفليقة، تجميد العمل بالدستور الحالي، وتعهد بتنظيم مؤتمر وطني جامع ومستقل، ينتهي بتعديل الدستور وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. في حين قدّم رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، في 11 مارس/آذار الجاري، استقالته للرئيس بوتفليقة الذي كلّف بدوي بتشكيل حكومة جديدة.

غير أنّ المعارضة وناشطي الحراك الشعبي، رفضوا قرارات بوتفليقة معتبرين أنّها "التفاف على المطالب الشعبية بالتغيير الجذري للنظام"، كما أن الاحتجاجات توسعت وانضم إليها محامون ونقابات وقضاة ومناضلون وكوادر في أحزاب الموالاة.

واجتمع بدوي، الأربعاء الماضي، بوزراء حكومة تصريف الأعمال الحالية الذين يُعتبرون في حكم المقالين من مناصبهم، وأبلغهم بصعوبة تشكيل حكومة جديدة، وطلب منهم الاستمرار في تصريف الأعمال، وعدم اتخاذ أي قرارات أو توقيع أي مراسيم وزارية، بعد ورود تقارير عن تعيينات وقرارات وصفقات غير قانونية يقوم بها الوزراء في هذه المرحلة.

وتشير التوقعات إلى إمكانية تكليف لعمامرة بتشكيل حكومة جديدة بعد عودته من جنيف إلى الجزائر، حيث كان يشارك في اجتماع حول قضية الصحراء الغربية.

وبرأي مراقبين، فإنّ إعادة تقدير الموقف السياسي بالنسبة للسلطة، أظهر أنّ كلفة إعفاء بدوي من تشكيل الحكومة، ستكون أقل من كلفة تشكيله لحكومة يتم إسقاطها من قبل الحراك الشعبي، ما قد يزيد من عزلة السلطة.

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية زهير بوعمامة، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ تأخر بدوي في تشكيل حكومة جديدة، "يعود لما هو معلوم من صعوبات جمة يواجهها الرجل، وفشل المجموعة الرئاسية، في إقناع شخصيات محترمة يقبلها الشعب بالاستوزار".

وأضاف أنّ "المقاطعة اللافتة لفعاليات مجتمعية وأحزاب المعارضة وقوى الحراك، للمشاورات التي أطلقها مؤشر قوي على ذلك، والمعضلة التي يواجهها أنّه لا يستطيع اللجوء إلى اختيار وزراء من المنظومة المنبوذة حالياً".

وكان بدوي قد أعلن، قبل أسبوعين، في أول مؤتمر صحافي له في منصبه، عن بدء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة تكنوقراطية تضم كفاءات، لكنّه عجز عن الوفاء بوعده، بسبب رفض قوى المعارضة والنقابات والشخصيات المستقلة العمل معه.

ورفض تكتل يضم قوى المعارضة السياسية لقاء بدوي، كما رفض 27 حزباً سياسياً في الساحة السياسية إجراء مشاورات للمشاركة في الحكومة، وكذلك رفضت شخصيات مستقلة وناشطون أي حوار مع بدوي، معتبرين أنّه مسؤول عن تزوير الانتخابات البلدية والنيابية الأخيرة التي جرت في مايو/أيار، ونوفمبر/تشرين الثاني 2017.

ورفضت 13 نقابة تمثل أبرز القطاعات في الجزائر؛ بينها الصحة والتعليم، عرضاً من بدوي للتشاور حول تشكيل الحكومة الجديدة، واعتبرت أنّ تكليفه "خطأ ومناورة سياسية"، بسبب مسؤوليته المباشرة كوزير داخلية في الحكومة المقالة، في قمع احتجاجات المعلمين والأطباء، ومنع الحق في التظاهر.


واعتبر بوعمامة أنّه "من الأفضل في سياق الحسابات السياسية، إعفاء بدوي من مهمة تشكيل الحكومة، لأنّ هناك إجماعاً على أنّ بدوي لا يمكنه أن يقود حكومة تشرف على إطلاق المرحلة الانتقالية، والإصرار على إبقائه أو الإعلان عن حكومة جديدة، سيكون خطوة حمقاء أخرى، وستعني وفاة حكومته غير التوافقية قبل الإعلان عنها".

ويقترح  بوعمامة "البحث بطريقة تشاركية مع قوى المعارضة عن شخصية توافقية من خارج وجوه الأزمة، كبادرة حسن نية، يمكن أن تتمكّن من إقناع شخصيات محترمة بالانتماء إليها، وحمل مسؤولية صعبة وتاريخية"، محذراً من أنّ "إبقاء الأمور على الوضع الحالي، يمكن أن يؤدي إذا ما استمر طويلاً إلى تعطيل عمل المؤسسات، وإضافة مساحات جديدة إلى الفراغ القائم والخطير على مستوى السلطة التنفيذية".

ويسود الترقب بشأن المرحلة المقبلة بعد رفض الشارع لورقة الحل التي قدمها بوتفليقة، لكن الأخير مازال يلتزم الصمت، في وقت رجحت صحيفة "النهار" المقربة من الرئاسة، أنّه سيغادر منصبه مع نهاية ولايته في 28 إبريل/نيسان المقبل.

كما يسود خلاف حول طريقة إدارة البلاد، بين تولّي رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح (نائبه) مرحلة انتقالية من 90 يوماً، إلى غاية تنظيم انتخابات جديدة أو اختيار هيئة رئاسية جماعية للمرحلة القادمة لوضع دستور جديد وتنظيم انتخابات مبكرة.