تسارع محاولة إخراج القوات الأجنبية من العراق...وخوف من إيران و"داعش"

16 مارس 2019
انخفض الوجود الأميركي بعد إعلان الانسحاب في 2011(فرانس برس)
+ الخط -


من المقرّر أن تنجز القوى السياسية العراقية المناوئة للوجود الأميركي في العراق، نهاية مارس/ آذار الحالي، مسودة مشروع قانون سيتم تقديمه إلى البرلمان للتصويت عليه، وسط تسريبات حصل عليها "العربي الجديد" بأن صيغتين للقانون قد أنجزتا من قبل لجنة مشتركة من تحالف "الفتح"، القريب من طهران، وتحالف "سائرون" بزعامة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مع ملامح رفض قوى أخرى لأي تشريع بإخراج القوات الأجنبية، على اعتبار أنه قرار سياسي وليس أمنياً ويرتبط برغبة إيران.

ووفقاً لمصادر سياسية في بغداد فإن المسودة الأولى تنص على إنهاء الوجود الأجنبي في العراق في فترة لا تتجاوز 12 شهراً، ومساعدة الحكومة على إنجاز كافة النواقص والاحتياجات التي تتطلبها قوات الجيش والشرطة العراقية، فيما تتضمن المسودة الثانية البدء بسحب تدريجي للقوات الأجنبية من العراق في فترة أقصاها لا يتجاوز 36 شهراً، ويلتزم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي باستكمال متطلبات الاعتماد الذاتي بالملف الأمني على القوات العراقية.

وقال قيادي بارز في تحالف "الفتح"، وهو التكتل السياسي الذي يضم الأجنحة السياسية لفصائل "الحشد الشعبي" و"ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، إن "المسودة قد تنجز نهاية الشهر الحالي، لكن رئيس الوزراء لم يقدم للبرلمان التقرير السري عن جهوزية القوات العراقية ولا عن عدد الأميركيين وباقي الجنسيات في العراق ولا مناطق وجودهم أو طبيعة وجودهم". وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أنه "يأمل ألا تستمر مماطلة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بالموضوع، خصوصاً بعد أن تم طرح الملف بشكل صريح في المباحثات بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وعبد المهدي". وأكد أن "كتلاً عربية سنية وأخرى كردية ومدنية، بينها الحزب الشيوعي العراقي، تتحفّظ على أي خطوة من هذا القبيل، ويرونها أنها تأتي ضمن مشروع إيراني ولا علاقة لها بالأمن أو السيادة، وآخرون يعتبرون أن الانسحاب السريع، للأميركيين تحديداً، تكرار لخطأ انسحابهم من العراق في عام 2011، ما أدى إلى تردٍ أمني أوصلنا لاجتياح داعش في 2014"، كاشفاً عن أن "حوارات ستبدأ قريباً بين زعماء الكتل حول هذا الملف تحديداً".

وخلال الأسابيع الماضية، طالبت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية رئيس الحكومة بتزويدها بتقرير بشأن الوجود الأميركي، وإيضاح تفاصيل تتعلق بعديدها وعدّتها وأهداف وجودها، وهل هي لتدريب الجيش العراقي أم للمشورة فقط، وغيرها من الأمور؟ إلا أن عبد المهدي لم يستجب للدعوات، الأمر الذي دفع اللجنة إلى التوّعد باستضافته في البرلمان لاستجوابه حول الصمت الحكومي بشأن الملف، بحسب تصريح عضو اللجنة علي الغانمي لوكالة أنباء محلية.


واعتبر النائب عن تحالف "البناء" عدي عواد أن "عادل عبد المهدي، الذي أكد عدة مرات، أن مهمة القوات الأجنبية هي التدريب ومكافحة تنظيم داعش، وأعلن أن العدد الحقيقي للقوات، وغالبيتها من الأميركيين، يبلغ ثمانية آلاف، لم يُقنع الكيانات السياسية المرتبطة بإيران ولا الفصائل المسلحة (الحشد الشعبي)، التي تعتقد أنه لم تعد هناك حاجة لهذه القوات بعد حسم المعركة مع داعش، وأنه (عبد المهدي) يعلم بوجود قوات أجنبية مقاتلة، دخلت البلاد في فترة رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، بأعداد كبيرة وأسلحة متطورة، بطريقة خارجة عن الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن". وقال عواد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "مسودة القانون المرتقب عرضها على مجلس النواب تعمل على كتابتها شخصيات من تحالفي سائرون والفتح (بزعامة هادي العامري)، وهما اللذان يكتبان فقرات القانون ويسعيان لاستقطاب الكيانات السياسية للتوصل إلى صيغة توافق سياسي حوله"، مضيفاً "بعض الكتل والأحزاب تُعارض فكرة خروج القوات الأجنبية، ونحن لا نريد أن نُحرج هذه الأحزاب". وتابع أن "لجنة كتابة هذا المقترح، راعت قضية الحالات الضرورية لبقاء بعض القوات للتدريب أو المشورة، شرط أن تكون خاضعة للضوابط العراقية ودستور البلاد. ومع ذلك فإن اللجنة لم تتوصل إلى اتفاق سياسي نهائي مع الكتل المعارضة، وتريد بقاء القوات في بعض المناطق بذرائع واهية وغير منطقية، وأغلبها لحماية مصالح شخصيات سياسية".

من جهته، قال عضو في تحالف "القرار" إن "رفض الكتل والقوى العربية السنية وحتى الكردية خروج الأميركيين يعود إلى أنهم يعلمون أن قاسم سليماني وحرسه الثوري سيشغلون مكان الأميركيين". وأضاف "نحن حريصون على عدم الوقوع في نفس الخطأ السابق، وألا نكون كبش فداء، نحن ومناطقنا، مرة أخرى". وأشار إلى أن "فرصة تمرير القانون كبيرة، مع وجود قوى سنية باتت في خانة التحالف مع الأجندة الإيرانية، لمصالحها الشخصية والخاصة". واعتبر عضو "الاتحاد الوطني الكردستاني" غيّاث السورجي أن "القوات الأجنبية، الأميركية خصوصاً، مفتاح الأمن والأمان في البلاد والمنطقة عموماً". وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم وجود القوات الأجنبية بأعداد كبيرة في البلاد، أدى إلى ظهور الجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم داعش، الذي تمكن من الاستيلاء على 40 في المائة من الأراضي. ولولا وجود التحالف الدولي، الذي ترفضه بعض الكيانات التي تتحرك بمباركات خارجية وإقليمية، لما تمكن الجيش العراقي من أن يحرز أي تقدم ضد داعش، ولكان التنظيم الإرهابي قد دخل بغداد. أعتقد أن جميع الأحزاب الكردية المشاركة في البرلمان العراقي مع فكرة بقاء القوات الأجنبية في البلاد".

يشار إلى أن الوجود الأميركي انخفض بشكل كبير، بعد إعلان الانسحاب من العراق في عام 2011، إلى أن وصل خلال فترة ظهور تنظيم "داعش" إلى 5500 جندي أميركي، بحسب وزارة الدفاع الأميركية، لكن ما أثار القوى السياسية هي زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بطريقة مفاجئة، وهو ما عدته الأحزاب في البلاد استخفافاً أميركياً بسيادة العراق، وما أعقبها من تصريحات لترامب عن ضرورة "الحفاظ على الوجود العسكري الأميركي في العراق، لتتمكن واشنطن من مراقبة إيران". وأحرجت هذه الزيارة عبد المهدي، ما دفعه إلى أن يبرق للإدارة الأميركية بأن "العراق لن يكون منطقة اقتتال ونزاع إقليمي مطلقاً".