تهدئة مشروطة بين غزة والاحتلال برعاية مصرية

11 مارس 2019
هددت الفصائل بعودة المسيرات في أي لحظة(يوسف مسعود/Getty)
+ الخط -

تشير الوقائع الميدانية على الأرض، والتسريبات المتتالية إلى بروز اتفاق جديد برعاية مصرية، بين الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، وتنص على تقديم مزيد من التسهيلات مقابل تخفيف الضغط الفلسطيني على الحدود. ويتزامن ذلك، مع تهديد جديد أطلقه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في جلسة حكومته الأسبوعية أمس الأحد، تجاه القطاع، وهو المثقل بالمخاوف من انهيار شعبيته في ظل ما يسميه الإسرائيليون "التردد تجاه حسم الملفات العالقة مع غزة ولبنان والتوتر الحاصل في الضفة الغربية والقدس المحتلة". وقال نتنياهو إنّ "المعركة الانتخابية الجارية في إسرائيل لن تحول دون شن عملية واسعة في قطاع غزة إذا اقتضى الأمر"، مشيراً إلى أنّ "إسرائيل تعتبر حركة حماس، الطرف المسؤول عن كل ما يصدر عن قطاع غزة، حتى لو قامت بذلك فصائل متمردة". في إشارة من نتنياهو إلى عمليات إطلاق قذائف الهاون شبه اليومية من القطاع، والتي لا يتبنّاها أي فصيل فلسطيني. على الأرض، تغيّر تعامل الهيئة الوطنية مع فعاليات الإرباك الليلي بشكل موقت، وفق ما ذكرت مصادر لـ"العربي الجديد".

وكانت هذه الوسيلة النضالية الجديدة عادت بقوة، في الأسابيع الأخيرة، نتيجة تنصّل الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ التفاهمات التي أبرمت برعاية مصرية وقطرية وأممية. ومن المتوقع أيضاً وفق ذات المصادر أنّ يتم إيقاف فعالية "زيكيم" البحرية الأسبوعية شمالي قطاع غزة.

وذكرت المصادر أنّ "الإرباك الليلي" وبعض الوسائل "الخشنة" ستتوقف بشكل موقت، بناء على طلب مصري، لإعطاء الوسيط فرصة للضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ التفاهمات المبرمة بين الجانبين، والتي تنصّ على سلسلة من الإجراءات من شأنها التخفيف من حصار غزة.

وأشارت المصادر إلى أن "ما وصل إلى غزة عبر الوسيط المصري، هو تعهد إسرائيلي بالمضي في التفاهمات بشكل تدريجي، ومنها استمرار تدفق وقود المنحة القطرية لمحطة توليد الكهرباء، وتوسيع دائرة تصدير البضائع من غزة للضفة وللأراضي المحتلة والخارج، إضافة إلى بحث ملفات تطوير الكهرباء والبنية التحتية".

وأجرى وفد أمني مصري، لقاءات مع أطراف إسرائيلية، وقيادات فلسطينية، بهدف استئناف العمل بتفاهمات التهدئة في قطاع غزة، وسط تحذيرات أوساط إسرائيلية من إمكانية اندلاع مواجهة شاملة قبل موعد انتخابات الكنيست المقبلة في 9 إبريل/نيسان المقبل.



ووفق ذات المصادر، فإنّ "القاهرة نقلت رسائل للفصائل الفلسطينية في غزة تتعلق بتعهد الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ بعض المشاريع الخاصة بالكهرباء والبنية التحتية عقب الانتخابات الشهر المقبل، وأنّ هناك جدية إسرائيلية في التعاطي مع الوساطة المصرية".

غير أنّ مصدراً موثوقاً في "حماس" أكدّ لـ"العربي الجديد" أنّ "كل الفعاليات ستعود وبقوة إذا ما عادت إسرائيل لسياسة التسويف والمماطلة"، موضحاً أنّ "الجهود المصرية أحرزت بعض التقدم، لكنه تقدم غير كافٍ حتى الآن وننتظر المزيد".

وقال المحلل محمد عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدور المصري مقيّد لأن إسرائيل والإرادة الدولية أقوى وهما الموجهان لهذه التحركات"، غير أنه لفت إلى أنّ "مصر تسعى بكل قوة لمنع انهيار الهدوء في غزة وتوسع دائرة المواجهة بين المقاومة وإسرائيل".

وأبدى اعتقاده بأنّ "التهديدات التي يطلقها نتنياهو  جزء من الدعاية الانتخابية، من أجل الحصول على أكبر قدر من الأصوات، خصوصاً في ظل ما يعانيه من ملاحقة وتكتلات انتخابية تهدد بإسقاطه. وعلى الرغم من ذلك فإنّ هذه التهديدات يجب أنّ تؤخذ بعين الاعتبار فلسطينياً، لأنه في كل معركة انتخابية في إسرائيل يكون الدم الفلسطيني ثمن الحصول على مزيد من أصوات المترددين".

ولم يستبعد عبد القادر حصول "تصعيد مدروس في غزة قبل الانتخابات الإسرائيلية ثم ينتهي سريعاً"، مبيناً أنّ "ما يقدمه الوسطاء لغزة لا يرتقي للثمن المدفوع في المسيرات، وما يطالب به الفلسطينيون هو حقوق وليس مجرد امتيازات". ولفت إلى أنّ "الفعاليات الخشنة والإرباك الليلي ومسيرة زيكيم البحرية، قد تعود في أي وقت، إذا ما شعرت الفصائل بمماطلة إسرائيلية وعدم قدرة الوسيط المصري على دفعها لتقديم مزيد من التسهيلات الحياتية لسكان القطاع المحاصرين".

ويطلق فلسطينيون بالونات حارقة باتجاه الأراضي المحتلة، منذ مايو/أيار الماضي، في أسلوب احتجاجي ضمن فعاليات "مسيرات العودة وكسر الحصار"، التي بدأت في 30 مارس/ آذار 2018، ولا تزال مستمرة.