خطاب "حالة الاتحاد" اليوم: انعكاس لأزمات رئاسة ترامب

05 فبراير 2019
يُتوقع أن يلجأ ترامب للغة "الحلول الوسط" في خطابه(Getty)
+ الخط -
يلقي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء اليوم الثلاثاء، خطابه السنوي أمام الكونغرس بحضور أركان الدولة. في هذه المناسبة الدستورية يقدم الرئيس صورة عن واقع الحال في البلاد، كما عن الأجندة التي ينوي تحقيقها في العام الجاري. وتقليدياً، اعتاد الرؤساء في خطابهم هذا على بعث رسائل طمأنة عبر ترداد عبارة "إن حالة الاتحاد قوية"، خاصة إذا كانت الأوضاع الداخلية وبالتحديد الاقتصادية، جيدة.

المفارقة الصارخة هذه المرة أن الاقتصاد الأميركي في الوقت الحاضر، ينعم اجمالاً بازدهار لم يعرفه منذ سنوات. لكن مع ذلك تبدو حالة البلاد على نقيضه، وقد انسحبت عليها حالة رئاسة ترامب المضطربة والتي تتوالد أزماتها واشتباكاتها وتتفاقم على غير انقطاع، الداخلية منها والخارجية؛ فالتحقيقات باحتمال تدخل روسيا لمصلحة ترامب في انتخابات 2016، لا ينقطع حبل سيرتها. آخر فصولها، صدور استدعاء قضائي للتحقيق في مصير التبرعات التي فاقت المائة مليون دولار لتغطية نفقات تدشين رئاسته قبل سنتين، لمعرفة ما إذا كانت ملوثة "بأموال مغسولة او بتقديمات من جهات خارجية".

كذلك تجري التحضيرات في مجلس النواب لفتح تحقيقات مالية وضريبية وروسية ضد الرئيس ترامب. كما يتزامن خطابه مع تعثر المفاوضات حول تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك واحتمال لجوء الرئيس إلى إغلاق حكومي آخر لو تعذر التوصل إلى صيغة مقبولة لديه قبل 15 الجاري.



وفي الوقت ذاته، يزداد التوتر بين الكونغرس والبيت الأبيض، وبالأخص بين أقطاب جمهوريين والرئيس، على ضوء اهتزاز العلاقة بينه وبين أجهزة الاستخبارات التي أعطت تقييمات مخالفة لتصوراته، خاصة بالنسبة لسورية و"داعش"، وفي هذا المجال، يقال إن بعض هذه الأجهزة بات "يتردد في تزويد الرئيس بمعلومات سرية جداً". ويأتي ذلك على خلفية تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الذي أثار ضجة واسعة بكشفه أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، "سبق وفتح تحقيقاً حول ما إذا كان ترامب قد عمل لصالح روسيا".


وأمس، تسربت معلومات من داخل البيت الأبيض إلى إحدى وسائل الاعلام، تفيد بأن الرئيس "قضى في الأشهر الثلاثة الأخيرة 60% من أوقات عمله في متابعة النشرات والبرامج الإخبارية على شبكات التلفزة وإجراء مكالمات هاتفية مع الأصدقاء".

على الصعيد الخارجي، فالصورة ليست أفضل. إذ إن الجدل حول الانسحاب من سورية ما زال يتفاعل. الكونغرس أعطى أكثر من إشارة اعتراض. ومن المتوقع أن يصوّت مجلس الشيوخ هذا الأسبوع على مشروع قرار، وإن غير ملزم، لنهي الرئيس عن المضي بقراره، والذي يبدو أنه وضعه حالياً على الرف بسبب الضغوط المضادة.

كذلك اثار قراره بالانسحاب من اتفاقية 1987 مع موسكو، حول منع تجارب ونشر الصواريخ النووية متوسطة المدى، اعتراضات واسعة. فحتى الأوساط التي تتهم روسيا بخرق الاتفاقية، رأت في الانسحاب خطوة متسرعة وغير محسوبة النتائج. بل حمّلت الإدارة مسؤولية التهاون وعدم بذل أي جهد فعلي وهادف للإبقاء على الاتفاقية وتحسين شروطها وسد ثغراتها. وثمة من يرى أن خطوة الإدارة تخدم بوتين الذي تعمّد الخروج على الاتفاقية لتطوير سلاحه الصاروخي الذي تباهى به علناً في الآونة الأخيرة.

تندرج في هذا السياق الأزمة مع فنزويلا، والتي يبدو أنها وضعت على نار حامية وباتت تتصدر أولويات الإدارة الخارجية في الوقت الراهن، وبدفع من الثنائي جون بولتون ومايك بومبيو. وقد أجرى وزير الخارجية، أمس، لقاءات في واشنطن مع وزراء خارجية البرازيل وكولومبيا المجاورتين لفنزويلا، واللتين تنسقان مع الإدارة في محاولة لتغيير نظام نيكولاس مادورو. كما التقى بومبيو مع وزير خارجية بانما، في إطار الحث والضغط على بلدان أميركا اللاتينية للاعتراف بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسًا. ورشة العمل ناشطة في هذا الخصوص، والدعم لها واسع في واشنطن، ولو مع تحذير جهات كثيرة من التدخل العسكري المباشر، والذي يبدو أنه مستبعد لصالح خيار الاستنزاف المتعدد الأشكال.


على هذه الأرضية، يقف ترامب اليوم ليخاطب الكونغرس والشعب الأميركي والعالم. والمتوقع أن تتميز كلمته بليونة غير اعتيادية وبلغة منتصف الطريق، علّها تساعد في تقليل الخسائر واستعادة شيء من الرصيد الذي هبط إلى حدود 35% حسب بعض الاستطلاعات. لكن النزف كان قوياً في الفترة الأخيرة وفاقمها الإغلاق الحكومي. ثم إن خطابه تقرر بعد هزيمة سياسية على يد رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي فرضت عليه التراجع وفك الاغلاق أولاً قبل أن يلقي الخطاب.
دلالات
المساهمون