رئيس الحكومة الجزائرية يتراجع عن تهديداته بقمع التظاهرات: الفصل لصناديق الانتخابات الرئاسية

25 فبراير 2019
تتعلق مطالب المتظاهرين بإصلاحات عميقة (Getty)
+ الخط -
تراجع رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى، اليوم الإثنين، عن تهديدات كان قد أطلقها، في الثاني من فبراير/شباط الماضي، بقمع أيّ تظاهرات ستخرج في الشارع رافضة ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، ومنع أيّ قوى شعبية أو سياسية من تنفيذها.

وللمرة الأولى، تحدّث أويحيى عن الحق الدستوري للجزائريين في التظاهر السلمي. مذكراً، في خطاب ألقاه أمام البرلمان بمناسبة عرض بيان السياسة العامة للحكومة، بأن "الدستور يكفل حق التظاهر". مشيراً، في هذا الإطار، إلى المسيرات التي خرجت يوم الجمعة الماضي مطالبة بالتغيير.

ويُعرف عن أويحيى تشدده في ما يخصّ التظاهر والنزول إلى الشارع ومسألة الحريات والحقوق، حيث كان قد دعا، في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، الولاة وحكام الولايات إلى استخدام قوات الدرك والشرطة لقمع ومنع أي محاولة للتظاهر في الطرق والساحات العامة.

ووجّه أويحيى، في الوقت ذاته "دعوة إلى هؤلاء المواطنين إلى التحلي باليقظة، لكون النداءات لهذه المسيرات تأتي من مصادر مجهولة، وهو ما يدعو إلى التخوف من الانزلاقات الخطيرة"، لافتاً إلى أن بعض هذه الانزلاقات "تتعلق بدعوة التلاميذ إلى الخروج في مسيرات ذات طابع سياسي"، في إشارة منه إلى مسيرة نظّمها تلاميذ القسم الثانوي في منطقة جيجل، شرقي الجزائر، دعماً لمسيرات رفض العهدة الخامسة.

وأشاد رئيس الحكومة الجزائرية بـ"المهنية والاحترافية التي تعاملت بها القوات الأمنية في تسيير والحفاظ على النظام العام، بعدما تجنّبت الصدام المباشر مع المتظاهرين". وكانت السلطات الجزائرية قد اضطرت إلى سحب الشرطة والسماح بالتظاهر، يومي الجمعة والسبت الماضيين، بعد تدفق الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع العاصمة الجزائرية، بلغ عددهم 100 ألف متظاهر، بحسب السلطات، وكذا في المدن الجزائرية.

واعتبر المسؤول الجزائري أن المطالب السياسية التي طرحها المتظاهرون تتعلق بإصلاحات عميقة، مشيراً إلى أنها "متضمَّنة في تعهدات الرئيس بوتفليقة في رسالة ترشحه، حيث تعهّد بتنظيم ندوة وطنية مفتوحة للجميع لمناقشة كل شيء، باستثناء الثوابت الوطنية".

وشدد أويحيى على أن "الانتخابات ستجري في وقتها، بعد أقل من شهرين، ومن حقّ كل شخص أن يدعم أي مرشح أو يعترض على كل مرشح، لكن الفصل سيكون في الصناديق بطريقة حضارية".

إلى ذلك، وصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سويسرا لإجراء فحوصات طبية، وصفها بيان للرئاسة الجزائرية بـ"الدورية"، حيث حطت طائرته في مطار جنيف، حوالي الساعة الثامنة والربع من مساء أمس الأحد.

وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت، يوم الخميس الماضي، عن توجّه بوتفليقة إلى جنيف في رحلة علاجية.

الاحتجاجات مستمرة

وعلى صعيد الاحتجاجات الرافضة لترشح بوتفليقة، تحرك المحامون لدعم الحراك الشعبي، تزامنا مع مظاهرات لطلبة الثانويات.

ونظم المحامون الجزائريون وقفة سلمية أمام محكمة سيدي امحمد بالعاصمة الجزائرية، للتعبير عن موقفهم الرافض لاستمرار بوتفليقة في الحكم، وسط تطويق أمني لمنعهم من تنظيم مسيرة في محيط المحكمة.

ودان المحامون عمليات اعتقال طاولت عددا من زملائهم، أبرزهم المحاميان مصطفة بوشاشي وزبيدة عسول، أمس الأحد، عند مشاركتهما في مسيرة احتجاجية.

وقال المحامي عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، إن "اعتقال محام كبير في حجم بوشاشي أمس، يدل على أن هذا النظام متوحش وليست له أي اعتبارات أو ضوابط أخلاقية".

وفي السياق، بادر تلاميذ الثانويات في منطقة أوقاس ببجاية (منطقة الأمازيغ)، إلى الخروج في مسيرة، اليوم، وسط المدينة ضد ترشح بوتفليقة. ولم تتدخل الشرطة لفض المسيرة.

وفي سياق متصل، أطلقت لجان طلابية، اليوم الإثنين، دعوة لطلاب الجامعات للتحرك وتنظيم وقفات سلمية داخل الحرم الجامعي، مناوئة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.

وقالت هيئة تطلق على نفسها اسم "نحن طلاب الجزائر"، إنّ "الجامعة هي أيضاً صوت الشعب"، وأنهم "لن يسمحوا لأحد أن يتكلم باسمهم"، في إشارة إلى التنظيمات الطلابية الداعمة للعهدة الخامسة. ودعت الهيئة "كل الطلبة عبر القطر الوطني، لقول كلمتهم يوم الثلاثاء 26 فبراير (شباط) رفضاً للعهدة الخامسة"، كما حثت على إبقاء الشعار المركزي برفض العهدة الخامسة لبوتفليقة، دون أي شعارات إيديولوجية أخرى.

وقالت الهيئة في هذا الصدد: "شعارنا رفض العهدة الخامسة فقط، وليس دعماً لأي أحد، ولا لخدمة أي طرف، وكذلك لكي نبين بأننا لا نرضى أن يتكلم باسمنا رؤساء التنظيمات الطلابية الباحثين عن مصالحهم الشخصية الضيقة على حساب الوطن، كما ستكون وقفتنا داخل الجامعات دون الخروج بالطلبة إلى خارج الحرم الجامعي".

إلى ذلك، أعلنت الرابطة الجزائرية لكرة القدم تأجيل العديد من المباريات التي كانت مقررة هذا الأسبوع، بسبب المظاهرات المناوئة لبوتفليقة، وتخوفا من استغلالها للتعبير عن مواقف سياسية، كما حدث في مقابلات ربع نهائي كأس الجزائر، الثلاثاء الماضي، حيث تحولت ملاعب في العاصمة الجزائرية وعنابة، شرقي الجزائر، إلى منابر لرفع شعارات ضد الرئيس.

والتحقت الجامعة الجزائرية - الأساتذة الجامعيون والطلاب - اليوم الإثنين، بركب القوى الجزائرية الرافضة لاستمرار بوتفليقة في الحكم وترشحه لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل/نيسان المقبل.

وفي بيان أصدروه، مؤكدين فيه انحيازهم لـ"الإرادة الشعبية"، قال أساتذة وباحثون جامعيون في الجزائر: "نحن الجامعيون والمثقفون، ننطلق من قناعة أن وضوح المواقف والشجاعة الفكرية يكسبان في هذه اللحظات التاريخية المفصليّة من مستقبل الجزائر، لا يحق لنا كجامعيين ومثقفين تفويت فرص التحوّل الاجتماعي والسياسي على مجتمع يصبو أفراده للعيش معاً في كنف الحرية والكرامة والرقي، والاعتراف بهم كمواطنين ينتمون إلى مجموعة وطنية متناغمة في اختلافاتها الثقافية".


ويبرز بين الموقعين على النداء الأساتذة رضوان بوجمعة، خولة طالب الإبراهيمي، عبد العزيز بوباكير، محمد هناد، ناصر جابي، شريف دريس وعدد آخر. وتوجه النداء إلى "الجامعيين والمثقفين الأحرار والشرفاء، للتعبير عن تلاحمهم وانصهارهم في مسيرة التغيير التي يطالب بها المجتمع، للانعتاق من قيود نظام التسلّط والحقرة والريع والرداءة والمحسوبية والفساد، ولدعم إرادة التغيير السلمي التي عبّر عنها الجزائريون في التظاهرات الأخيرة، وعدم الاستخفاف بطموحات المجتمع، وإعطاء أفراده الإمكانيات السياسية لتجنّب الفراغ وتجنيب الدولة عُطالة نظام سياسي منتهية صلاحيّته".

وأضاف البيان "مسؤوليتنا هي الدفع بالمجتمع ليشقّ طريقه نحو التحرر والانعتاق، ومن أجل تغيير المنظومة التي أنتجت العنف والفساد والعصبيّة، والوقوف إلى جانب المجتمع ومشاركته كل أشكال المقاومة السلمية، ندعوه للاستمرار في مسيرته في سلميّتها ومدنيتها، وعدم الرد على كل أشكال العنف بالعنف".

المساهمون