ولا يزال الحزب مصراً على تمرير المبادرة التي قدمها الشاهد السنة الماضية، المتعلقة بتنقيح القانون الانتخابي وإعلاء سقف العتبة، وذلك لمنع صعود بعض الأحزاب إلى البرلمان.
يأتي ذلك في توقيت حرج تعيشه البلاد إثر تعثر محادثات تشكيل الحكومة، وتلميح جهات سياسية إلى أن إعادة الانتخابات سيناريو وارد خلال الفترة المقبلة.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس حزب تحيا تونس، يوسف الشاهد، خلال كلمة ألقاها الجمعة خلال تظاهرة اقتصادية، إنه "من الضروري اليوم تنقيح القانون الانتخابي الذي يسمح لمن هب ودب بالترشح للبرلمان".
وأضاف الشاهد أنه "من الأولويات اليوم تنقيح القانون الداخلي للبرلمان والدستور أيضا"، موضحاً أنه "وفي ظل التجاذبات السياسية التي تعيشها البلاد، يجب التفكير في تعديل القانون والنظام الداخلي للبرلمان من أجل تجاوز هذه التجاذبات".
وأشار إلى أن تعديل الدستور "مستوجب أيضا لتجاوز أزمة النصاب اللازم لتشكيل الحكومة (109 أصوات)، والتي تواجه الأطراف الفائزة اليوم بالبرلمان والمكلفة دستوريا بتشكيل الحكومة وتوفير قاعدة نيابية لمنحها الثقة".
وأبرز أن تغيير منظومة الأحزاب السياسية من أجل تفعيل الرقابة على تمويلها "أمر ذو أهمية أيضا، لا سيما خلال فترة تمتاز بأزمة سياسية وأخلاقية".
ويعيد بذلك، رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد مبادرته السابقة المتعلقة بتنقيح القانون الانتخابي إلى الضوء، بعد أن تجاهلها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وامتنع عن ختمها ونشرها بالرائد الرسمي.
وكان الشاهد قد قدم السنة الماضية مبادرة تقضي بالترفيع في سقف العتبة الانتخابية، قبيل أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية. وامتنع السبسي عن توقيعها إضافة إلى استهجان المجتمع المدني والأحزاب المعارضة لها. وطالب الحزب الرئيس المؤقت محمد الناصر بختم المبادرة ونشرها، بيد أنه امتنع عن ذلك أيضا.
وتقتضي هذه التعديلات ألا يُقبل ترشح أي شخص أو قائمة للانتخابات التشريعية متى تبين للهيئة قيامه أو استفادته، خلال السنة التي تسبق الانتخابات، من أعمال يمنعها المرسوم المنظم للأحزاب السياسية، من بينها توظيف العمل الجمعياتي في الدعاية السياسية أو الاستفادة من التمويل الأجنبي أو تقديم امتيازات مالية أو عينية للناخبين، إضافة إلى استفادة المترشح أو القائمة من الإشهار السياسي.
ويرفض كذلك ترشح كل من ثبت تصريحه سابقا بخطاب لا يحترم النظام الجمهوري والديمقراطية والدستور والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان. وأضاف التنقيح أيضا ترفيعا لسقف العتبة الانتخابية المستوجب إلى خمسة في المائة.
ولاقت هذه التعديلات آنذاك رفضا من المعارضة البرلمانية في العهدة الماضية، ومن كتلة نداء تونس التي اعتبرتها إقصائية وتغييراً لقواعد اللعبة الانتخابية قبيل الانتخابات التشريعية، وخرقا لقانون الانتخابات والاستفتاء الذي لا يجيز إدخال تنقيحات عليه قبل سنة من الانتخابات.
وقدم معارضو هذه التعديلات طعنا بعدم دستوريتها، الذي ووجه بالرفض من قبل الهيئة المؤقتة للرقابة على دستورية مشاريع القوانين التي أقرت التنقيحات الجديدة، وأحالته إلى رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي من أجل ختمه ونشره بالجريدة الرسمية للبلاد.
بيد أن رئاسة الجمهورية ذهبت نحو الصمت وعدم التوقيع، ولم تجد المطالبات المتكررة للقائم بأعمال رئاسة الجمهورية محمد الناصر نفعا، إذ تجاهل بدوره هذه الدعوات.
واعتبر مراقبون أن إعادة إحياء هذه المبادرة وتقديمها حلا للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، محاولة لدفع الرئيس الحالي قيس سعيد لختمها وتبنيها، خاصة أن سعيد كان من أشد منتقدي النظام الانتخابي وبعض البنود الدستورية.
ويرى هؤلاء أن البلاد على حافة إعادة الانتخابات، نظرا لصعوبة نيل حكومة رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي الثقة وإمكانية إخفاق كل الحلول الدستورية لتشكيل الحكومة، نتيجة ضعف الأغلبيات داخل البرلمان وضيق دائرة التحالفات اللازمة لتحصيل الأغلبية اللازمة لتمرير الحكومة.
لا علاقة بين التغيير والمستجدات السياسية
في هذا السياق، نفى القيادي في "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون تصريح الشاهد في اتجاه استباق إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة ومحاولة وضع إطار تشريعي جديد.
وأفاد بن أحمد أن الحزب "لا يزال مصرا على ضرورة تغيير النظام الانتخابي بصرف النظر عن مستجدات الساحة السياسية".
وفند نائب رئيس الهيئة السياسية ورئيس الكتلة النيابية لـ"تحيا تونس" أن يكون الحزب من الدافعين نحو إعادة الانتخابات، معتبرا هذا الأمر "مستبعدا، فالموعد الدستوري للانتهاء من تشكيل الحكومة وحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة لا يزال في بدايته، والتوقيت سانح لتفادي الإشكاليات أو للمرور إلى حل حكومة الرئيس. بيد أن تحيا تونس يبقى مستعدا سياسيا لأي طارئ يحدث".
ولفت بن أحمد في تصريحه لـ"العربي الجديد" إلى أن "تحيا تونس لا يزال مصرا على ضرورة تعديل القانون الانتخابي، الذي سبق أن قدمه الشاهد للبرلمان السنة الماضية، ويعتبره حلا للأزمة السياسية وترشيدا للساحة السياسية".