ويأتي ذلك بعدما صوّت الأعضاء، الأسبوع الماضي، بأكثرية بسيطة لصالح شخصيتين من الجناح اليساري للحزب لقيادته، ومؤيدين للخروج من الائتلاف الحاكم مع الاتحاد المسيحي، مع ما قد يحمله هذا الخيار من كلفة على الحزب العريق، فضلا عن تداعياته على مستوى الدولة.
وفي السياق، اعتبر الاتحاد المسيحي، على لسان زعيمة المسيحي الديمقراطي أنغريت كرامب كارنبور، إعادة التفاوض مستبعدة، إذ قالت، في عدة تصريحات إعلامية، إنه "لن تكون هناك إعادة تفاوض بشأن اتفاقية الائتلاف"، مشيرة إلى أن "الاتحاد المسيحي مخلص للاتفاق والتحالف الكبير، وعلى الاشتراكي أن يقرر ما إذا كان يريد البقاء في التحالف أو المغادرة"، علما أن بند المراجعة في اتفاق التحالف يجعل المفاوضات الجديدة ممكنة.
بدوره، قال رئيس كتلة الاجتماعي المسيحي، الشريك الأصغر في الائتلاف، ألكسندر دوبراندت، في حديث مع "بيلد" أخيرا، إنه "يتعين على الاشتراكي أن يقرر ما إذا كان يريد استعادة ثقة الناخبين من خلال عمل حكومي مستقر، أو خوفا من المسؤولية سيراكم خسارة الأصوات".
وبات أسكن وفالتر بوريانس في مأزق بين الوعود والواقع السياسي، وفي حال الاستمرار في الائتلاف بعد مراجعة منتصف المدة بشكل إيجابي، فإن الانتكاسة ستكون لأنصارهم الذين توقعوا أن يقدم الثنائي الجديد على تنفيذ ما وعدا به خلال الحملات الانتخابية في 23 مؤتمرا إقليميا.
من جهة ثانية، يعتبر المراقبون أن الثنائي يبالغ في آماله وطموحاته، وبخاصة عندما أعلنا أنهما يريدان مضاعفة أرقام استطلاعات الرأي بخصوص حزبهما العام المقبل إلى 30% وربما أكثر، وهو ما وصف بـ"الخطأ الفادح".
وفي هذا السياق، قال الرئيس الأسبق للبوندستاغ فولفعانغ تيرزه المنتمي إلى الاشتراكي، بحسب ما ذكرت "تاغس شبيغل"، إن "عدم الخروج الآن من الائتلاف يضر بمصداقية الزعيمين المنتخبين، لأن منطق التصويت كان لكلاهما لأنهما يؤيدان الخروج من الائتلاف، إنما في المقابل من شأن الخروج من الائتلاف أن يعرض الإنجازات المهمة للاشتراكي داخل الحكومة للخطر".
ووفقا للمداولات، فإن الثنائي الجديد لا يريد المخاطرة والتسرع بالخروج الفوري من الائتلاف، إنما يسعى أولا إلى التباحث وإجراء مفاوضات مع شريكه في الائتلاف الاتحاد المسيحي بخصوص ملفات بعينها، كحماية المناخ والاستثمارات الإضافية في ظل التباطؤ الاقتصادي والاستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية، وهو ما عبر عنه صراحة فالتر بوريانس أخيرا لصحيفة الحزب الاشتراكي، بقوله: "الخروج من (غروكو) ليس غاية بحد ذاته".
وقالت أسكن، عندما سئلت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على قناة "فينيكس" حول مسألة ما إذا كان ينبغي لحزبها الاشتراكي الديمقراطي ترك الائتلاف، إذا لم يسمح الاتحاد المسيحي بإعادة التفاوض: "نعم، هذا ما أقترحه"، فيما تدعو الآن إلى "تحديث اتفاق الائتلاف، أو انسحاب منظم".
وتشير تقديرات إلى أنه حتى ولو ترك الاشتراكي الديمقراطي الائتلاف فلا داعي لإجراء انتخاب جديدة، لأن حكومة أقلية من الاتحادي المسيحي، الذي يضم حزب المستشارة المسيحي الديمقراطي، والشريك الأصغر الاجتماعي المسيحي، سيكون لهما أساس مالي آمن بعدما أقر البوندستاغ أخيرا ميزانية بقيمة 362 مليار يورو لعام 2020.
وللمفارقة، فإن أكثر المعارضين لـ"غروكو" المدير التنفيذي لمنظمة الشباب كيفن كونيهرت ( 30 عاما)، الداعم للثنائي فالتر بوريانس وأسكن، دافع بعد الانتخابات عن التحالف الكبير، وحذر من "خروج متسرع"، قائلا في حوار تلفزيوني: "إذا تركت التحالف فستفقد بعضا من سيطرتك، وعلى مندوبي الاشتراكي أن يأخذوا هذا الأمر بالاعتبار"، مضيفا أن "القرارات تحتاج إلى التفكير فيها من أسفل إلى أعلى"، وفق ما ذكرت "إيه آر دي"، في موقف لافت يوحي وكأنه بات متمسكا بالسلطة، وهو والذي يتحضر لانتخابه كأحد نواب رئيس الحزب الثلاثة.
وفي هذا الصدد، حذرت النقابات العمالية والصناعية من انفراط "غروكو"، وذكرت "تاغس شبيغل"، نقلا عنها، أنه "سيكون من الجيد أن يستمر الاشتراكي في اتباع الخط الذي سبق وتم احترامه في الماضي"، ومبرزة أن "سياسة الاشتراكي الديمقراطي دائما ما كانت موجهة وتساند الموظف، ويجب أن يظل ذلك قائما".