الهجوم الجوي الأميركي، الذي ارتفعت حصيلته إلى 28 قتيلاً من "الكتائب"، فضلاً عن عشرات الجرحى، كان قد أتى على المعسكر بشكل كامل، بما في ذلك مخزن أسلحة وصواريخ مختلفة تحت الأرض، في ضربة مدمرة، رداً على آخر هجوم تعرضت له واشنطن في كركوك، وأدى إلى مقتل أميركي وصفه بيان للبنتاغون بأنه متعاقد مدني، وجرح ثلاثة جنود أميركيين آخرين.
وعلى طول الفترة السابقة، كانت حدة التهديدات بين الطرفين تتصاعد كلما تشنج الخطاب بين واشنطن وطهران. وفيما حاولت الدبلوماسية الأميركية أخذ تعهدات من رئيس الحكومة المستقيل، عادل عبد المهدي، بضبط تلك المليشيات، لكنها (واشنطن) لم تسلّم بأي تعهد لعلمها بعدم قدرته على ذلك.
وسجلت القواعد الأميركية المنتشرة في عدد من المحافظات العراقية، طوال الأشهر الماضية من العام الحالي، قصفاً بصواريخ الكاتيوشا، سبّب أضراراً أحياناً، لكنه لم يُوقع قتلى بين صفوف الأميركيين، في وقت واصل فيه قادة تلك الفصائل توجيه التهديدات المباشرة إلى الولايات المتحدة بإنهاء وجودها من العراق.
ووفقاً لمسؤول عراقي رفيع في وزارة الدفاع ببغداد، فإن أكثر من 30 هجوماً تعرضت لها القواعد والمصالح الأميركية، تصدرت بغداد قائمة المدن العراقية التي تعرضت فيها منشآت تضم أميركيين لهجمات بصواريخ الكاتيوشا، أبرزها السفارة الأميركية ومعسكري المطار والتاجي غربي بغداد وشماليها، ومنطقة القصور الرئاسية في الموصل، والبرجسية في البصرة، وعين الأسد في الأنبار، وبلد في صلاح الدين، وموقع قرب سايلوات الحنطة في ربيعة على الحدود العراقية السورية غرب الموصل، مبيناً أن أربعة فصائل تعتبر أبرز المتورطين بتلك الهجمات، هي "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"العصائب" و"سيد الشهداء".
وكانت السفارة الأميركية الواقعة داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين، أكثر تلك المقار تعرضاً للقصف خلال الأشهر الماضية.
ففي الـ19 من مايو/ أيار الماضي، سقط صاروخ كاتيوشا في ساحة قريبة من مبنى السفارة، وتعرضت السفارة في 13 من يوليو/ تموز الماضي لقصف بقذيفة هاون، وسقطت قذائف قرب المبنى في 12 من أغسطس/ آب الماضي. وفي الـ24 من سبتمبر/ أيلول تعرضت أيضاً لقصف بصاروخين من نوع كاتيوشا، سقط اثنان منها على مقربة من السفارة، والثالث في نهر دجلة المحاذي لها، كذلك سقطت قذائف قرب مبنى السفارة في الـ30 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتعرضت قاعدة التاجي العسكرية (شمالي بغداد)، في الأول من مايو/ أيار الماضي، لقصف بصاروخين، وقد ألقي القبض، في وقت لاحق، على اثنين من أفراد مليشيا "العصائب"، المرتبطة بـ"الحشد الشعبي"، وهما متورطان بالحادث، كذلك قصفت في الـ17 من الشهر ذاته بصاروخ آخر.
ولم تكن قاعدة بلد الجوية، التي تقع في محافظة صلاح الدين (شمال بغداد)، وهي قاعدة مترامية الأطراف، بمنأى عن قصف تلك الفصائل، إذ استُهدِفَت في الـ15 يوليو/ تموز الماضي بعدد من قذائف المورتر، وتعرضت في الخامس من الشهر الجاري لقصف بصواريخ كاتيوشا.
وتعرضت القواعد الأميركية في الموصل لقصف مماثل أيضاً، إذ قُصفت قاعدة القيارة الجوية جنوبي الموصل، في الـ12 من فبراير/ شباط الماضي، بثلاثة صواريخ كاتيوشا، وقُصفت القاعدة في الـ8 نوفمبر/ تشرين الثاني بعدد من الصواريخ سقطت في ساحة داخل القاعدة.
وتعرضت القصور الرئاسية في الموصل، التي توجد فيها قوات أميركية، لقصف بصاروخ كاتيوشا، في الـ19 من يونيو/ حزيران الماضي.
وفي البصرة، تعرض موقع تستخدمه شركة الطاقة الأميركية "إكسون موبيل" لقصف صاروخي في الـ19 يونيو/ حزيران الماضي.
وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر قد أعلن، أمس، أن بلاده اتخذت إجراءات هجومية ضد جماعة ترعاها إيران، فيما قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الإجراءات التي تتخذها إيران، والتي من شأنها أن تعرّض الرجال والنساء الأميركيين للخطر.
ويحذّر سياسيون عراقيون من خطورة جرّ العراق إلى حرب بالوكالة. وقال رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي إن "الابتعاد عن الانحياز الجهوي هو الحل الوحيد لإيقاف الاعتداءات على العراق"، مبيناً، في تغريدة له، أن "العراق لن يكون ساحة لتصفية الحسابات، وشبابه لن يكونوا حطباً لحرب بالوكالة".
وحذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من مخاطر زجّ العراق بحرب بين أميركا وإيران، قائلاً: "لست مع تأجيج الحرب بين إيران وأميركا، ولست مع زجّ العراق في هذه الحرب وجعله ساحة للصراع الإيراني – الأميركي... نحن بحاجة إلى وقفة جادة من كبار القوم لإبعاد العراق عن تلك الحرب". وشدد بالقول: "إن لم يقف العراق وقفة واحدة وجادة، فستكون تلك الحرب نهاية للعراق فيما لو دارت رحاها". وقصف الطيران الأميركي، مساء أمس، مواقع لمليشيا "الحشد الشعبي" قرب الحدود السورية غربي محافظة الأنبار، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات.