عملية المصادقة كانت متوقعة اليوم الإثنين في جلسة عمومية مباشرة بعد جلسة الأسئلة الشفوية التي تعقد أسبوعيا، إلا أن جدول الأعمال الرسمي لهذه الجلسة جاء خاليا من المشروعين اللذين صادقت عليهما اللجنة المختصة الأسبوع الماضي.
ويتضمّن جدول أعمال الجلسة الخاصة بالمصادقة على مشاريع القوانين الجاهزة، عشرة مشاريع جلها يتعلق باتفاقيات ثنائية ودولية وقعها المغرب حديثا مع دول أفريقية، إلى جانب مشروع قانون خاص بتصفية القانون المالي للعام 2017.
وفيما لم يعلن بشكل رسمي عن تأجيل هذه المصادقة أو تعليقها، قالت مصادر برلمانية خاصة لـ"العربي الجديد"، إن عدم إدراج مشروعي القانونين المتعلقين بالحدود المائية للمغرب، تم بطلب من وزارة الخارجية، باعتبارها الجهة التي عرضت المشروعين أمام البرلمان.
هذه الخطوة المغربية جاءت بعد الانزعاج الكبير الذي عبّرت عنه إسبانيا من الخطوة المغربية الرامية إلى رسم حدود المياه الإقليمية للصحراء وإخضاعها لسيادته القانونية، وهو ما يهم المصالح الإسبانية لوجود أرخبيل من الجزر التابعة لها قبالة هذه السواحل المغربية، وهو أرخبيل جزر الكناري.
رئيس الحكومة المحلية لجزر الكناري الإسبانية، أنخيل فيكتور ترويس، سارع إلى الترحيب بإقدام المغرب على تأجيل مصادقة مجلس النواب على مشروعي القانونين المثيرين للجدل، وقال في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الإسبانية، إنه يقدّر الخطوة المغربية بتأجيل المصادقة على مشاريع القوانين، مضيفا أن كلا من الحكومة المحلية لجزر الكناري والحكومة الإسبانية ستبقيان يقظتين تجاه هذا الموضوع.
وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد عرض الأسبوع الماضي مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة على كلّ مجالاتها البحرية، بما فيها تلك الخاصة بسواحل الصحراء.
المشروع الأول يتعلق بحدود المياه الإقليمية، والثاني ينشئ المنطقة الاقتصادية الخالصة على مسافة 200 ميل بحري على عرض الشواطئ المغربية.
وصادقت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، مساء الاثنين الماضي بالإجماع، على مشروعَي القانونين، في خطوة تُعتبر الأخيرة قبل عرضهما على جلسة عامة للتصويت.
وأثارت الخطوة ردود فعل غاضبة من كل من الحكومة المحلية لجزر الكناري، وهي عبارة عن أرخبيل من الجزر المقابلة للصحراء والتابعة للسيادة الإسبانية، وبعض الأحزاب الإسبانية، والتي حذّرت من المساس بمصالح الجزر من خلال الخطوة المغربية.
الحزب الاشتراكي الإسباني، الذي يقود الحكومة حاليا وتصدّر الانتخابات التشريعية الأخيرة تمهيدا لتشكيله حكومة جديدة، أصدر بيانا لأمينه المكلّف بالعلاقات الدولية، قال فيه إن وضع حدود المياه المغربية المجاورة لجزر الكناري أو لمدينتي سبتة ومليلية، ينبغي أن يتم في إطار اتفاق بين الطرفين.
وعلى منوال الحزب الاشتراكي الإسباني، نسج الفرع التابع للحزب الشعبي (يمين) الإسباني في جزر الكناري، حيث عبّر عن قلقه من الخطوة المغربية، مثله في ذلك مثل رئيس الحكومة المحلية الذي سارع إلى مطالبة مدريد بالتحرك بعد شروع المغرب في مناقشة قوانين تتعلق برسم حدود المياه الإقليمية للصحراء.
جبهة "بوليساريو" من جانبها، أصدرت بيانا عبر ما تسميه "حكومة"، حذّرت فيه من الأعمال التي وصفتها بـ"غير الشرعية"، ومن "انتهاك القانون الدولي عبر تحديد المناطق البحرية للصحراء المتنازع عليها".
ووصفت "بوليساريو" الخطوة المغربية بأنها "عمل باطل ولاغ وليس له أي شرعية قانونية، ولن يؤثر على طبيعة الصحراء الغربية المصنفة لدى الأمم المتحدة كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي ما زال ينتظر استكمال عملية إنهاء الاستعمار والاستقلال الكامل".