بعد صمت روسي دام قرابة شهرين، نفى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف اليوم الخميس، أنباءً عن وجود مرتزقة روس في ليبيا، مؤكدا أنه "لا دليل عليها".
جاء ذلك في وقت عبر فيه السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، عن قلق بلاده بشأن تصاعد تورط الجهات الخارجية الحكومية والمرتزقة في الصراع الليبي.
وجاء رد ريابكوف على تقارير متتالية لصحافة أميركية، آخرها تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأربعاء، أكد وصول مئات المرتزقة الروس إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد قوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق.
ونقلت سبوتنيك، اليوم عن ريابكوف قوله للصحافيين إنه يرفض "بشكل قاطع مثل هذه المزاعم"، مؤكدا أن بلاده تعمل من "أجل تحقيق تسوية في ليبيا وتدعم جهود السلام ونحن في حوار مع أولئك الذين يؤثرون على الوضع بطريقة أو بأخرى".
وعن دعم بلاده لأي من طرفي القتال في ليبيا قال "نحن لا نعتقد أن هناك أسباباً لهذه المزاعم، لكن هذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها وسائل إعلام أميركية كل أنواع الخرافات والشائعات الخاطئة والتلفيقات الموجهة إلينا".
وشن نائب وزير الخارجية الروسي هجوماً على تقارير الصحف الأميركية، واعتبر أن "هذه التلفيقات لها تأثير سلبي على الحالة المزاجية داخل الولايات المتحدة، مما يؤثر على العلاقات الثنائية"، مضيفاً أن "مزاج الجمهور الداخلي الأميركي يتأثر سلبيا من هذا النوع من المزاعم، وللأسف، لا يسهم الجو العام في الولايات المتحدة في تطبيع علاقاتنا، وهو ما نسعى إليه جاهدين".
لكن الحديث عن وجود مرتزقة روس يقاتلون إلى جانب حفتر ضد قوات الحكومة في محيط طرابلس، لم يعد حديث الصحافة فقط، بل تحول إلى حديث رسمي لدى مسؤولي عديد الدول، سيما الجانب الأميركي.
وعبر السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، عن قلق بلاده بشأن تصاعد تورط الجهات الخارجية الحكومية والمرتزقة في الصراع الليبي، وفقاً لبيان للسفارة الأميركية في ليبيا أمس.
وأكد البيان أن نورلاند أعرب، خلال لقائه بوزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا، عن قلقها أيضا بشأن الأعداد المتزايدة من الضحايا المدنيين.
وإن لم يسمّ السفير الأميركي جنسية أولئك المرتزقة والجهات الحكومية المتورطة في الصراع الليبي، ولصالح أي من الطرفين، إلا أن برلمانيين إيطاليين حذروا من "مشاركة المئات من المرتزقة الروس" إلى جانب قوات حفتر، بحسب وكالة آكي الإيطالية.
وقالت الوكالة، في تقرير لها أمس الأربعاء، إن البرلمانيين اعتبروا استعانة حفتر بمرتزقة روس "تحولا مقلقا في مسار الصراع الليبي، خصوصًا قبل انطلاق مؤتمر برلين الدولي حول الأزمة".
وطالب البرلمانيون الحكومة الإيطالية بضرورة التحرك و"عدم الوقوف بصمت إلى جانب النافذة لمشاهدة قوى عالمية وإقليمية تتدخل على مرأى من الجميع، في صراع يزعزع استقرار بلد له أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة إلى إيطاليا".
وكانت "نيويورك تايمز"، قد تحدثت في تقرير مطول لها عن تزايد الدور الروسي في ليبيا، محذرة من انزلاقها إلى السيناريو السوري.
ونقلت الصحيفة عن أطباء ليبيين أنهم شاهدوا شكلا جديدا من الإصابات التي تصل إلى المستشفيات بسبب استخدام أسلحة متطورة في القتال، وهو الأمر الذي أكد لقادة قوات الحكومة أنه عمل مرتزقة روس.
وأكدت الصحيفة الأميركية وجود قناصة روس بين مئتي مقاتل روسي وصلوا إلى ليبيا خلال الفترة القريبة كجزء من حملة روسية لدعم حفتر ضمن سياستها لإعادة تشكيل خارطة وجودها في ليبيا.
ونقلاً عن عدد من مسؤولين ليبيين كبار وخمسة دبلوماسيين غربيين أكد أن "القناصة الروس ينتمون إلى مجموعة فاغنر، الشركة الخاصة المرتبطة بالكرملين، التي سبق وأن تدخلت أيضاً في سورية".
وكان مسؤول حكومي ليبي رفيع المستوى أكد، لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، وجود عدد من الطيارين والفنيين المرتزقة من أوكرانيا وبيلاروسيا يقودون طائرات حربية وفّرتها الإمارات لحفتر تستهدف عدة مواقع لقوات حكومة الوفاق في طرابلس ومدناً مجاورة لها، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود خلافات داخل الكرملين الروسي بشأن الموقف الرسمي من الأزمة الليبية.
وأرجع المسؤول الحكومي كثافة الضربات الجوية خلال الآونة الأخيرة على مواقع قوات حكومة الوفاق، إلى وجود هؤلاء المرتزقة والطائرات الجديدة التي وفرتها الإمارات، آخرها استهداف مقر لقوة الردع بطرابلس، منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، أدى الى مقتل شرطيين وإصابة خمسة آخرين.
لكن المسؤول الذي أكد وجود خلافات داخل الكرملين الروسي بشأن الموقف الرسمي من أزمة بلاده، رجح تراجع الدعم الروسي لحفتر، مؤكداً ان موسكو ان تجازف بخططها التوسعية في شمال أفريقيا بالرهان على طرف خاسر كحفتر.