المغرب: قادة "حراك الريف" بالحبس الانفرادي بعد التسجيل الصوتي للزفزافي

04 نوفمبر 2019
التسجيل الصوتي هو الأول للزفزافي منذ اعتقاله(فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون المغربية، صباح اليوم الإثنين، اتخاذها قرارات عقابية صارمة في حق قادة الاحتجاجات التي شهدها المغرب، قبل عامين، والمعروفة بـ"حراك الريف"، وذلك بعد أحداث العنف التي شهدها السجن الذي يمكثون فيه، إثر تسريب تسجيل صوتي لقائدهم ناصر الزفزافي.

وأشار بيان صادر عن المندوبية، إلى أنّه بعد إنزالها العقوبات الإدارية في حق مدير السجن وعدد من الموظفين، بسبب ثبوت تقصيرهم في واقعة تسريب تسجيل صوتي طويل لقائد "حراك الريف" ناصر الزفزافي، الأسبوع الماضي، وبعد ثبوت ما قالت إنّه "قيام مجموعة من السجناء على خلفية أحداث الحسيمة بالتمرد والتنطع في وجه الموظفين والاعتداء عليهم ورفض تنفيذ الأوامر"، اتخذت المندوبية "قرارات عقابية" في حق هؤلاء السجناء.

وتتمثل هذه القرارات، بحسب المندوبية، بترحيل هؤلاء السجناء وتوزيعهم على مؤسسات سجنية متفرقة، "ووضعهم في زنازين التأديب الانفرادية، ومنعهم من الزيارة العائلية، ومن التواصل عبر الهاتف لمدة 45 يوماً، وذلك تطبيقاً للقانون وحفاظاً على أمن المؤسسة وسلامة نزلائها".

ودخلت السلطات المغربية، بعد تلك القرارات العقابية، في سجال مع أقارب المعتقلين، إذ أعلن والد الزفزافي، مساء اليوم، عبر حسابه الشخصي في "فيسبوك"، أن ابنه وباقي المعتقلين معه في سجن راس ألما قرب مدينة فاس، يتعرضون للتعذيب.

وأضاف أحمد الزفزافي، أنه وبشهادة بعض المعتقلين من السجن نفسه، فإن المعتقلين المرحلين من الدار البيضاء إلى فاس، وهم كل من ابنه وعدد ممن يعتبرون قادة الحراك، "تعرضوا لتعذيب وحشي وناصر ما زال تحت التعذيب إلى حدود الساعة"، مناشداً الجميع الضغط من أجل وقف ما أسماه بالتعذيب.

من جانبها أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون المغربية، بياناً يكذّب هذه التصريحات ويهاجم الزفزافي الأب بشدة.

وقال بيان المندوبية إنه على عكس هذه "الادعاءات الكاذبة"، فإن السجناء المعتقلين بالسجن المذكور على خلفية أحداث الحسيمة "لم يتعرضوا إطلاقاً لأية معاملة سيئة؛ بل هم الذين اعتدوا على عدد من موظفي المؤسسة وتنطعوا في وجههم رافضين تنفيذ الأوامر بالدخول إلى زنازينهم".

وعادت المندوبية إلى تبرير قرارها القاضي بتفريق هؤلاء السجناء بين سجون مختلفة وفرض الحبس الانفرادي عليهم لمدة 45 يوماً، قائلة إنه "وبالنظر إلى ارتكابهم هذه المخالفات، وحفاظا على أمن المؤسسة وسلامة نزلائها، تم اتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم بالتنقيل إلى أحياء أخرى من نفس المؤسسة أو إلى مؤسسات أخرى مع وضعهم في زنازين التأديب".

وبخصوص إعلان أحمد الزفزافي أن ابنه ما زال تحت التعذيب، قال بيان المندوبية إن ناصر الزفزافي وفي اللحظات التي كان فيها والده ينشر هذه الأنباء، كان برفقة بعض محاميه الذين قاموا بزيارته "مما يدل على أن الادعاءات المنشورة ما هي إلا افتراء وبهتان".

وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون، قد سارعت، بعد يوم واحد، من التسجيل الصوتي المنسوب إلى الزفزافي، الذي نُشر عبر صفحة على موقع "فيسبوك"، الخميس الماضي، إلى إقالة مدير السجن الذي يقضي فيه الزفزافي عقوبته المتمثلة في 20 سنة سجناً.

وقالت في بيان، الجمعة، إنّها بناءً على نتائج التحقيق الذي يُجرى في السجن المحلي رأس الماء قرب مدينة فاس، تقرّر إعفاء مدير السجن وتوقيف ثلاثة موظفين وإحالتهم على المجلس التأديبي للنظر في المخالفات المنسوبة إليهم، "وذلك في انتظار استكمال البحث الإداري لترتيب الإجراءات القانونية اللازمة في حق كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الملف".

وأعلنت المندوبية، في بيان آخر، صدر الجمعة، إيفاد لجنة تفتيش مركزية بعد تسريب تسجيل صوتي للزفزافي من داخل المؤسسة، ونشره على بعض المواقع الإلكترونية، وتداوله في مواقع التواصل الاجتماعي.


وسبّب التسجيل الصوتي استنفار السلطات المغربية، حيث قامت إدارة السجون بعملية تفتيش طارئة للسجن الذي يأوي قادة الحراك، ما أدى إلى مواجهة عنيفة مع المعتقلين.

والتسجيل الصوتي هو الأول من نوعه لناصر الزفزافي منذ اعتقاله قبل عامين ونصف، جدّد فيه تأكيد مواقفه الخاصة باعتبار منطقة الريف شمال المغرب، "ضحية لظلم تاريخي من جانب السلطات"، وتبرأ فيه بالمقابل من حادث حرق العلم المغربي الذي شهدته مسيرة احتجاجية، نُظمت يوم السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالعاصمة الفرنسية باريس، بدعوة من السجناء.

والتسجيل المطوّل مدته ساعة و26 دقيقة، وجرى تداوله على نطاق واسع، صباح الخميس الماضي، حيث نُشر أولاً عبر إحدى صفحات "فيسبوك"، قبل أن ينتشر على نطاق واسع بين نشطاء على الشبكات الاجتماعية.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، أيدت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، حكماً ابتدائياً بالسجن 20 عاماً بحق الزفزافي، بتهمة "المساس بالسلامة الداخلية للمملكة". وتضمنت الأحكام التي جرى تأييدها أيضاً، وهي نهائية، السجن لفترات تتراوح بين عام و20 عاماً، بحق 41 آخرين من موقوفي الحراك.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2016 وعلى مدى 10 أشهر، شهدت مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف (شمال)؛ احتجاجات للمطالبة بـ"تنمية المنطقة وإنهاء تهميشها"، وفق المحتجين، وعُرفت تلك الاحتجاجات بـ"حراك الريف".
ونهاية يوليو/تموز الماضي، أصدر العاهل المغربي محمد السادس، عفواً عن 4 آلاف و764 شخصاً في سجون المملكة، بمناسبة الذكرى الـ20 لتوليه الحكم، بينهم مجموعة من معتقلي أحداث الحسيمة.