تظاهرات العراق: حراك حكومي وبرلماني لإرضاء النجف

بغداد

عادل النواب

avata
عادل النواب
ذي قار

محمد علي

avata
محمد علي
21 نوفمبر 2019
1D3A88EA-3B16-4E44-AF5A-02A460A13F38
+ الخط -
على وقع استمرار التظاهرات العراقية، والتي تدخل يومها الـ26 على التوالي، والـ50 منذ انطلاقتها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من المنتظر أن ينتهي رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، خلال يومين، من اختيار أسماء وزراء جدد لحكومته، في تعديلٍ مرتقب قد يكون الأول من حيث الحجم. وبحسب مسؤول عراقي رفيع المستوى، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن عبد المهدي يسعى لتقديم تعديله للبرلمان الأسبوع المقبل، وهو سيطاول مسؤولين في الحكومة وفي مكتبه. وتأتي هذه المحاولة من قبل السلطة التنفيذية العراقية، بالتزامن مع حراك برلماني مماثل لإقرار قانون جديد للانتخابات، جرت قراءته بشكل أولي ليل أول من أمس الثلاثاء، بهدف التصويت عليه بعد القراءة الثانية المقررة الأسبوع المقبل.
ومع عدم اقتناع الشارع بأي من الحزم والمبادرات الحكومية والبرلمانية، يرى مراقبون ونواب عراقيون أن الحراك الرسمي موجه بالدرجة الأولى إلى النجف، في إشارة إلى المرجع الديني علي السيستاني، الناقم على القوى السياسية والمصطف مع مطالب الشارع. وتخشى القوى السياسية أن يصعد المرجع الديني من مواقفه، كأن يدعو إلى حل البرلمان والحكومة صراحة، ما سيفضي إلى اتساع رقعة التظاهرات في البلاد، وإجبار السلطة على الاتجاه نحو خيار الانتخابات المبكرة، الذي لا ترغب فيه أي من الرئاسات الثلاث، والتي تناور منذ شهر ونصف الشهر لتجنبه.
حراك الحكومة والبرلمان
وأكد مسؤول رفيع المستوى في بغداد لـ"العربي الجديد" أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي انتهى بشكل شبه كامل من اختيار أسماء جديدة لتعديله الوزاري، ستطاول وزارات مهمة وسيادية، لم يسمها. وبيّن المصدر أن الأسماء الوزارية المقترحة، ستصل إلى البرلمان الأسبوع المقبل، في حال جرى التوافق على سيرها والتأكد من سلامتها في ما يتعلق بقانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث)". وأوضح أن "البرلمان العراقي سيقوم يوم السبت المقبل، من جهته، بقراءة ثانية لقانون الانتخابات الجديد الذي يتضمن نقاطاً مهمة عدة". ومن أبرز هذه النقاط، بحسب المصدر، "عدم أحقية من يشغل مناصب رئيس الجمهورية ونوابه، رئيس الوزراء ونوابه، الوزراء ووكلاء الوزارات، رؤساء الهيئات المستقلة ونوابهم، رؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة ونوابهم، المستشارين، المحافظين ونوابهم، رؤساء وأعضاء مجالس المحافظات، ذوي الدرجات الخاصة، المدراء العامين والقضاة، أعضاء الادعاء العام وأفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، الترشح في الانتخابات. كما يتضمن القانون أن يأتي الفائز وفقاً لعدد الأصوات التي حصل عليها، لا وفقاً لأي اعتبار حسابي آخر، على أن تتم عملية التصويت إلكترونياً".
وتعليقاً على اتفاق عدد من القوى السياسية على وثيقة للحل يوم الإثنين الماضي، وحراك الحكومة والبرلمان، رأى رئيس حركة "كفى"، النائب العراقي السابق رحيم الدراجي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "جاء بهدف إيقاف تصعيد مرجعية النجف ضد الأحزاب الماسكة لزمام السلطة، وكذلك السلطة، لكن في الواقع فإن هذه الوثيقة أغضبت المرجعية، لأنها جاءت بخلاف ما تريده وما يطالب به الشعب".
واعتبر الدراجي أن "الدليل على فشل هذه الوثيقة الانسحابات المتتالية من قبل الجهات السياسية التي وقعت عليها". وأوضح أن "الوثيقة جاءت بإصلاحات لم تتمكن أحزاب السلطة طوال 16 عاماً من تنفيذها، فكيف سيتم ذلك خلال 45 يوماً فقط، خصوصاً أن رئيس الوزراء أكد أكثر من مرة أنه لا يملك عصىً سحرية لتنفيذ الإصلاحات بمدد زمنية سريعة".
وشدد النائب العراقي السابق على أن الوثيقة جاءت "بهدف إبقاء المنظومة السياسية الحالية عن طريق الانتخابات المقبلة أيضاً، فهم يريدون إجراء انتخابات مبكرة مع بقاء الحكومة، من أجل تزوير هذا الاستحقاق، ليأتي بالوجوه ذاتها"، معتبراً أن إجراء الانتخابات المبكرة يجب أن يتم بإشراف حكومة قوية من خارج المنظومة السياسية لمنع أي تزوير وتلاعب".
بدوره، رأى رئيس كتلة "بيارق الخير" البرلمانية النائب محمد الخالدي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الكتل السياسية تحاول الالتفاف على توجيهات وخطب مرجعية النجف، فلا حل للأزمة الحالية إلا باستقالة حكومة عبد المهدي، خصوصاً بعد نزيف الدم في الشوارع".
واعتبر أن الاتفاق الذي خرج من منزل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم "لم يقدم شيئاً ملموساً لا للشارع ولا حتى للمرجعية، التي لم توقف من تصعيدها بعد الاتفاق، بل ستواصل تصعيد لهجتها ضد الحكومة والقوى السياسية الداعمة لها".
وأكد الدراجي أن "الشارع العراقي أعلن رفضه بشكل واضح وعلني لهذا الاتفاق، فيما تعتمد المرجعية على موقفه، ولهذا فهي سوف تذهب إلى التصعيد خلال الأيام المقبلة، لأن الاتفاق لا يقنع أي عاقل".
وبحسب المحلل السياسي العراقي، محمد التميمي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "اتفاق الكتل السياسية تم رفضه من قبل مرجعية النجف، إذ إن هناك تواصلاً غير مباشر بين الطرفين"، معتبراً أن رفض النجف جاء "لإدراكها أن الطبقة السياسية الحالية عاجزة عن إجراء أي إصلاحات أو تغيير حقيقي".
وأعرب التميمي عن اعتقاده أن خطبة المرجعية المقبلة سوف تشهد إعلاناً رسمياً، لرفض تلك الوثيقة أو الاتفاق، كما سوف تشهد تصعيداً جديداً ضد حكومة عبد المهدي والكتل والأحزاب الداعمة لها.

الحراك يخشى تكتيكات قمعية
وعلى صعيد الحراك، فقد وصل المتظاهرون في بغداد ليل الثلاثاء بنهار أمس الأربعاء، حيث بقوا مرابطين في الشوارع، وذلك بعد عملية استبدال أمنية، اعتبرت مؤشراً على احتمال تقدم باتجاه ساحة التحرير وسط العاصمة. وتحسباً، واصل المتظاهرون الانتشار في شارع السعدون وبداية شارع الرشيد وعند بداية جسر السنك وفي محيط المطعم التركي.
ووفقا لما أكده عدد من ناشطين، فإن قوات فضّ الشغب انسحبت من محيط التظاهرات، مع وصول قوات أخرى من وحدات التدخل السريع سيئة الصيت في تعاملها مع المتظاهرين في الجنوب العراقي، خصوصاً في كربلاء والبصرة، ما دفع المتظاهرين إلى اتخاذ احتياطاتهم.
وقال الناشط العراقي حيدر فاضل (26 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إن المتظاهرين يسعون إلى تجنّب خسارة مناطق التظاهر، فيما تراهن الحكومة على استنزافهم بعامل الوقت والملل واليأس"، مؤكداً أن هذا الأمر لن يحصل، وأن كاميرات تصوير موجودة "ستعمل على توثيق أي جريمة أو انتهاك قد يتعرض له المتظاهرون على يد الحكومة".
من جهته، قال الناشط السياسي والمشارك في تظاهرات بغداد، وليد النجار، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأمنية عادت لاستخدام العنف والقمع، وتحديداً في منطقة ساحة الخلاني، إذ لا يتوقف المسلحون عن رمي القنابل الدخانية باتجاه المتظاهرين، وقد سقط أخيراً قتيلان، أحدهما من بابل والآخر من الناصرية، كانا قد وفدا إلى الساحة من أجل المشاركة". ولفت النجار إلى أن "الحكومة تُكذّب أنباء الاختطاف الذي يطاول ناشطين ومتظاهرين، وتنكر أحداث القتل التي تتواصل، وحتى استخدام الرصاص الحي الذي يوثقه المتظاهرون، والذين يزدادون عزماً على الرغم من استمرار العنف والقمع بحقهم".
إلى ذلك، شهد الجنوب العراقي تظاهرات واسعة بالتزامن مع استمرار إغلاق المدارس والجامعات وبعض الدوائر الحكومية منذ بداية الأسبوع الحالي. وفي البصرة، حذر زعماء قبائل من مغبة "ضرب أبنائهم المتظاهرين"، بعد اجتماع قبلي. وشهدت سفوان وشط العرب والمديّنة والعشار والزبير وأم قصر تظاهرات واسعة خاصة في فلكة البحرية، وهي ساحة التظاهرات الرئيسية في المحافظة المطلة على الخليج العربي، أقصى جنوب العراق، والتي تتعامل الحكومة معها بحساسية عالية، بسبب ارتباط وضعها بتصدير النفط العراقي عبر الموانئ التي بدت مرتبكة خلال الساعات الماضية بسبب قطع الطرق المؤدية إليها ثم فتحها من قبل المتظاهرين مرات عدة.
كذلك شهدت النجف، حيث تتخذ قوات الأمن إجراءات مشددة لمنع وصول التظاهرات أو الاعتصامات إلى محيط مرقد الإمام علي بن أبي طالب في المدينة القديمة، فعاليات عدة، في خلال التظاهرات في شارع المحافظة الرئيسي. وتركزت الشعارات على رفض وثيقة الاتفاق السياسي الموقعة بين القوى السياسية، وكذلك رفض ما اعتبروه العودة إلى منازلهم من دون تغيير حقيقي وملموس.
وأكد الناشط من النجف، علي الحجيمي، أن "المعتصمين في الخيام لا يشغلهم سوى استقالة الحكومة وتنحيها"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "السلطات الأمنية كانت قد اعتقلت أعداداً كبيرة من المتظاهرين خلال الأيام الخمسة الماضية، إلا أنها أفرجت عنهم جميعاً بعد تطوع شبكة من المحامين للدفاع". لكنه في المقابل لفت إلى حادثة اختطاف نشطاء مساء الثلاثاء في طريق عودتهم إلى منازلهم وسط المدينة"، مؤكداً "استمرار التظاهرات والاعتصامات، ورفض التنازل عن أي من المطالب الشعبية، وأولها رحيل كل الأحزاب الحاكمة بمسمياتها كافة".
وشهدت محافظة كربلاء تظاهرات مماثلة، فيما بقيت ذي قار أمس متصدرة للمشهد الجنوبي من حيث حدة التظاهرات واتساع المشاركين فيها، وحتى نوعية التعاطي الأمني منها.
وقال الناشط خليل علاوي من ذي قار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن مقرات الفصائل والأحزاب في المحافظة لا تزال خالية منذ نحو شهر بعدما تمّ حرقها أو غلقها من قبل المتظاهرين. 



دلالات

ذات صلة

الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
المساهمون