كواليس 4 ساعات انتهت باتفاق تهدئة "هش" في غزة

15 نوفمبر 2019
عناصر من الجهاد في القطاع (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، أن اتفاق التهدئة الذي توصل إليه جهاز المخابرات العامة المصري ووافقت عليه حركة "الجهاد الإسلامي" ودولة الاحتلال وبدأ سريانه منذ الساعة الخامسة والنصف صباح أمس الخميس، لوقف إطلاق النار في غزة، جاء بعد مفاوضات ماراثونية، بلغت ذروتها في الفترة من الساعة الثانية عشرة منتصف ليل الأربعاء-الخميس وحتى الساعة الرابعة من صباح أمس الخميس، بعدما وافقت قيادة حركة "الجهاد" على الصيغة النهائية التي تعهّدت بها مصر في الوقت الراهن. وأضافت المصادر أن "إسرائيل من جهتها أبدت مرونة مع مطلبين تمسكت بهما حركة الجهاد، وهما وقف عمليات الاغتيالات، ووقف إطلاق النار على مسيرات العودة، فيما كان المطلب الثالث والخاص بالتزام إسرائيل بتفاهمات اتفاق التهدئة وكسر الحصار، محل سجال كبير على مدار 4 ساعات، حتى تم انتهاء هذا السجال بتعهد مصر بانفراجة سيتمتع بها أهالي قطاع غزة من خلال تسهيلات كبيرة على معبر رفح، والسماح بتمرير جزء كبير من احتياجات القطاع من مواد البناء والمواد البترولية والأدوية، مع تقديم دفعة كبيرة من المساعدات التي ستقدّمها جهات مصرية".

وأوضحت المصادر أن "القاهرة استطاعت الحصول على تعهدات إسرائيلية بشأن العودة لمساحات الصيد المتفق عليها وفق اتفاق التهدئة، وعدد العمال الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة، وتيسير الحركة على المعابر التي تديرها إسرائيل، شرط التزام الفصائل بسلمية مسيرات العودة، والسيطرة على الأوضاع الأمنية في قطاع غزة ومنع إطلاق صواريخ على مستوطنات غلاف غزة". وتابعت المصادر "على الرغم من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه اتفاق هش للغاية"، موضحة أن "الاتفاق مليء بالألغام، في ظل عدم وجود طرف إسرائيلي قوي يضمن عدم خرقه"، مستطردة أن "الاتفاق هذا المرة كان الهدف ربما الأوحد له منع مواجهة شاملة كانت وشيكة للغاية".

وقالت المصادر إن "الجهاد تمتلك ترسانة صواريخ إيرانية ضخمة، بخلاف إدخالها تكتيكات نوعية، برعاية من حلفاء إقليميين للحركة، كما أن استمرار المعركة أكثر من ذلك كان سيدفع بباقي الفصائل وفي مقدمتها حماس إلى الدخول بقوة فيها"، متابعة "حماس كانت تشارك بشكل شرفي فقط حفاظاً على علاقات التنسيق مع حركة الجهاد". وكشفت أنه وعلى الرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن يعتزم منذ البداية الدخول في معركة شاملة، إلا أنه لم يكن يرغب أيضاً بإنهاء المشهد بلحظة انتصار تُحسب لحركة "الجهاد"، قائلة "ظلت إسرائيل تُبدي مماطلة حتى الساعة الواحدة من صباح الخميس، قبل أن تقوم سرايا القدس بتوجيه دفعة من الصواريخ قُدرت بنحو 80 صاروخاً في توقيت متزامن نحو تل أبيب وعدد من المدن، بعدها بدأت مرونة ظاهرة في اتصالات الجانب الإسرائيلي حتى تدخّلت مصر بجزء يخصها وهو التسهيلات عبر المعبر والحدود المشتركة".



في غضون ذلك، قال المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، الذي يزور القاهرة، إن "مصر والأمم المتحدة عملتا جاهدتين لمنع أخطر تصعيد في غزة"، مضيفاً أن "الساعات والأيام المقبلة ستكون حاسمة، ويجب على الجميع إظهار أقصى درجات ضبط النفس والقيام بدوره لمنع إراقة الدماء، والشرق الأوسط لا يحتاج مزيداً من الحروب".

وكان المتحدث باسم "الجهاد الإسلامي" مصعب البريم، أكد التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، إذ وافقت الفصائل الفلسطينية وخصوصاً حركة "الجهاد الإسلامي"، فجر الخميس، على المقترح المصري الخاص باستعادة الهدوء في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ فجر الثلاثاء.

في غضون ذلك، صرح وزير الهجرة والاستيطان، وعضو الكابينت (مجلس الوزرءا الإسرائيلي المصغّر) يوآف غالانت، بأن "إسرائيل لم تتعهد بشيء، وأن سياستها لم تتغير، والأحداث في الميدان هي التي تحدد". وقال غالانت في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي صباح أمس، "إن إسرائيل لم تتعهد بوقف إطلاق النار تجاه المتظاهرين على الحدود مع قطاع غزة، أو وقف الاغتيالات".

وفي سياق متصل، قال وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينت، "إن قواعد اللعبة الجديدة واضحة، والجيش سوف يعمل بأريحية كاملة في قطاع غزة، بدون أي قيود". وكانت مصادر مصرية خاصة كشفت لـ"العربي الجديد" أن هناك أزمة كبيرة في تواصل المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري المكلف بإدارة الملف الفلسطيني، مع قيادة حركة "الجهاد"، لبحث تبعات الخطوة الإسرائيلية، مضيفة أن مسؤولاً كبيراً في الحركة كان قد أبلغ الجانب المصري أنه لا حديث عن أي تفاهمات أو اتصالات مع أي طرف قبل أن ترد الحركة على الجريمة الإسرائيلية بحق القيادي في "سرايا القدس" التابعة لـ"جهاد"، بهاء أبو العطا وزوجته، وكذلك استهداف القيادي الآخر المتواجد في دمشق، أكرم العجوري.

وبحسب المصادر فإن "التصرف الإسرائيلي الأخير باغتيال أبو العطا له معنيان، أولهما هو رغبة إسرائيل في معرفة مدى التطور والقوة التي وصلت لها فصائل المقاومة، وبالتحديد الجهاد التي ترتبط بعلاقات قوية مع إيران، والثاني الضغط على الداخل للتسريع في عملية تشكيل الحكومة الجديدة في تل أبيب".