اتجهت قوات الأمن العراقية أمس الأحد إلى تطبيق الخطة الجديدة التي أقرتها السلطات لإخماد الاحتجاجات، وذلك عبر رفع مستوى العنف ضد المتظاهرين إلى أعلى درجاته في بغداد وجنوب ووسط البلاد، والذي وصل إلى حد استخدام القنابل الصوتية والذخيرة الحية، إلى جانب قنابل الغاز في أغلب مواجهاتها مع المتظاهرين، على الرغم من بيانات وتصريحات للحكومة ورئيس الجمهورية عن توجيه قوات الأمن للحفاظ على أمن المتظاهرين. بالتوازي، برزت مخاوف من هجوم وشيك على ساحة التحرير وسط بغداد بعد انسحاب فرق الإسعاف الطبية منها، وكذلك منع وكالات أنباء ومحطات تلفزيون من الوجود فيها ومطالبتها بمراجعة وزارة الداخلية للحصول على تراخيص، بدت وكأنها وسيلة لإبعادها عن الساحة التي تضج بعشرات آلاف المتظاهرين. فيما ارتفع عدد الضحايا أمس إلى 319 قتيلاً منذ بدء التظاهرات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، التي تحدثت في بيان لها عن وسائل قمع مختلفة منها "القناصون والضربات ببنادق صيد وتفجير قنابل صوتية قرب ساحات التظاهر".
مقابل ذلك، أكد مسؤولون وقيادات سياسية وجود انقسام حاد داخل القوى الرئيسة في البرلمان بشأن صفقة بقاء عادل عبد المهدي على رأس الحكومة، واعتبارها من قبل بعض الكتل مهينة، كونها فُرضت من الخارج، في إشارة إلى إيران.
بينما جددت السلطة محاولتها دفع المتظاهرين إلى الخروج من الشوارع، إذ أعلنت الرئاسات الثلاث في بيان أن السلطات تعمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات يضمن العدالة في التنافس الانتخابي، ويضع حداً لـ"الاحتكار الحزبي". وبعد اجتماع عقده الرئيس العراقي برهم صالح في بغداد مع عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أكد المجتمعون رفضهم أي حل أمني في التعامل مع التظاهرات، وشددوا على محاسبة المتسببين في "العنف المفرط"، معلنين أن السلطتين التنفيذية والقضائية باشرتا العمل القانوني لملاحقة المتهمين في قضايا الفساد.
لكن هذا البيان لا يخفي الانقسام في صفوف القوى السياسية، إذ كشف نائب بارز في البرلمان، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "شخصيات سياسية عراقية هددت بالكشف عن تفاصيل الإملاءات الإيرانية الأخيرة على العملية السياسية في العراق ككل ومنها فرض بقاء عبد المهدي على رأس الحكومة، ورفض المطالب الرئيسة للمتظاهرين، وهي إجراء انتخابات مبكرة تحت إشراف أممي وحل الحكومة والبرلمان الحالي"، مؤكداً أن تسريب اجتماع قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني مع قيادات سياسية عراقية لوكالات أنباء عالمية تم بشكل متعمد من قبل قيادات سياسية رافضة للاتفاق. وأضاف "كتلة عمار الحكيم تراجعت عن موقفها المطالب بإقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، بينما تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أعلن رفضه صفقة بقاء عبد المهدي، وكذلك جبهة الإنقاذ بزعامة أسامة النجيفي، في وقت ذهب فيه الحزب الشيوعي العراقي لأول مرة في موقف منفصل عن تحالف سائرون بإعلانه رفض بقاء عبد المهدي واعتبار حكومته فاقدة الشرعية بعد قتل المتظاهرين، بينما بقي تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر، تحت ضغوط إيرانية ومخاوف على رصيده الشعبي والجماهيري في الجنوب ولم يحسم موقفه حتى الآن على الرغم من التصريحات والبيانات التي صدرت في الساعات الماضية وتؤكد أنه ما زال على موقفه".
وبحسب المصدر ذاته، فإن "الانقسام الحالي ينذر بتشتت كبير داخل القوى العربية الشيعية، على الرغم من حراك قاسم سليماني لإعادة لملمة الكتل الشيعية في تحالف واحد وإنهاء حالة الانقسام التي خلّفتها الانتخابات السابقة وأنتجت ما عرف بالكتل العابرة للطائفية أو الكتل الوطنية".
من جهتها، قالت المتحدثة باسم ائتلاف "النصر"، آيات نوري، لـ"العربي الجديد"، إن "موقف النصر لغاية الساعة هو إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة"، مضيفة "الاجتماع الذي حصل قبل يومين (تقصد اجتماع سليماني) للكتل السياسية لم يحضره ائتلاف النصر وتحالف سائرون وجبهة الإنقاذ والتنمية"، لافتة إلى أن "الاجتماع ناقش قضية إجراء التعديلات الوزارية وكذلك حزم الإصلاحات، مع الإبقاء على عبد المهدي في رئاسة الحكومة، ولهذا تمت مقاطعة الاجتماع". وأكدت نوري أن "النصر وسائرون وجبهة الإنقاذ والتنمية، ثابتة على مواقفها وهي إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، فهذه مطالب الشعب العراقي، ونحن نقف معها وندعمها". وأضافت "لم نتعرض لأي ضغوط إيرانية أو غيرها للتراجع عن موقفنا، لكن محاصرة منزل زعيم الائتلاف حيدر العبادي، من قبل جماعات مسلحة مجهولة، هي رسالة تهديد ومحاولة ليّ الأذرع، لكن هذا الشيء لم ولن يخيفنا وسنبقى ثابتين على موقفنا".
أما سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "المتظاهرين لم يشاركوا في أي اجتماعات مع القوى السياسية، كما أن الحزب الشيوعي يرفض المشاركة في أي جلسات سياسية لتدارك الأزمة واللعب على مشاعر المحتجين وتسويف مطالبهم، كما أنه لا توجد جهة واحدة تمثل المتظاهرين على اختلاف تنويعاتهم، وهم لديهم قائمة من المطالب، أولها استقالة حكومة عبد المهدي"، مبيناً أن "الحكومة بتركيبتها الحالية، ونظراً لما حدث من قمع، لم تعد مصدر ثقة".
وأضاف: "القوى السياسية هي أطراف في الأزمة، وبالتالي كيف لها أن تجتمع لتقرر مصير المتظاهرين والحكومة؟ لكنها تشعر بأن النظام في العراق مهدد، وهي تقاتل حالياً من أجل منع استقالة عبد المهدي الذي ينسجم مع مصالحها"، مشيراً إلى أن "الشيوعي يرفض أن يُهمل عبد المهدي أي مدة جديدة، وهو متورط بكل الدماء التي سالت من المتظاهرين، كما أنه لم يعتذر للمحتجين عن الأخطاء الكارثية التي تسببت بمقتل وجرح الآلاف منهم، ولم يقدم الجناة للمحاكمة، ولم يعلن تحمله مسؤولية ما حدث خلال التظاهرات القائمة".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك قال حيدر الملا، القيادي في "تحالف القوى العراقية"، برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "الفاعل السياسي الإيراني لا يريد خسارة حكومتين (العراق ولبنان) في المنطقة في آن واحد، ولهذا الضغط الإيراني تأثير واضح بعدم اتخاذ التوجه لإيجاد بديل لعادل عبد المهدي". ورأى أن "المشكلة اليوم هي أن مطالب المتظاهرين بالإصلاح يجب أن تبدأ بإقالة حكومة عبد المهدي، خصوصاً بعد تورطه بصفة القائد العام للقوات المسلحة في إراقة الدم العراقي"، معتبراً أن "القوى السياسية لا تستطيع الاستمرار والصمود بدعم هذه الحكومة، لكن أغلب هذه القوى لا تريد تغيير الحكومة تحت الضغط الجماهيري".
من جهته، أكد القيادي في تحالف سائرون، علي مهدي، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن التحالف "ليس مع اتفاق بقاء عبد المهدي في منصبه مقابل إجراء تعديلات وزارية وإطلاق حزم إصلاح جديدة، بل موقفنا ثابت حتى اللحظة مع الإقالة، وتم تقديم طلب استجواب بذلك، بسبب تورط عبد المهدي في قتل المتظاهرين، فهو القائد العام للقوات المسلحة، وهو المسؤول التنفيذي الأول في الدولة العراقية، ويتحمل أي إراقة دماء شرعاً وقانوناً". وأضاف "نعتقد أن إقالة عبد المهدي تحت قبة البرلمان، صعبة، بسبب أن أغلب القوى السياسية (الشيعية، السنية، الكردية) داعمة لبقائه، وحتى تيار الحكمة الآن مع بقاء الحكومة، لكن نحن مستمرون في التحرك نحو إقالتها، وفق مطالب المتظاهرين، ولا تراجع عن هذا القرار، وحديث بعض الجهات السياسية عن تراجع سائرون عن موقفه غير صحيح، وهي شائعات للتشويش على الرأي العام وخلط الأوراق".
في غضون ذلك، اتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في مؤتمر صحافي أمس، دولاً وجهات لم يسمّها بـ"استغلال" الاحتجاجات في العراق، قائلاً إن بلاده "تدعو إلى عودة الأمن والهدوء"، معتبراً أن "هناك أعداء متربصين بدول المنطقة من داخلها وخارجها يريدون استمرار الخلافات"، معربا عن أمله في "أن تحبط دول المنطقة هذه المؤامرات".
واعتبر أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة الماضية، "كانت صحيحة وفي مكانها". وكان أردوغان قد قال للصحافيين أثناء رحلته إلى المجر عن التظاهرات في العراق، إن لديه "تكهنات حول الجهات التي تقف وراء الاضطرابات (في العراق)"، معرباً عن توقعه "احتمال أن تمتد إلى داخل إيران"، مشيراً إلى أن الهدف هو تقسيم وتمزيق العالم الإسلامي وإحداث الخلافات داخله.
ميدانياً، شهدت الساعات الأربع والعشرين الماضية، وبعد عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن، سيطرة الأخيرة على ساحة الخلاني وجسري السنك والأحرار في بغداد، بعد مقتل ستة متظاهرين وإصابة ما لا يقل عن 200 آخرين، وهو ما يعني فقدان المتظاهرين في العراق مناطق مهمة وفعالة كانوا موجودين فيها طوال الأسابيع الماضية. في المقابل تواصلت مواجهات الأمن مع المتظاهرين عبر شارع الرشيد وحافظ القاضي وجسر الباب المعظم، على الرغم من تراجع المتظاهرين باتجاه ساحة التحرير بعد سيل كثيف من قنابل الغاز والرصاص.
وقال الناشط في التظاهرات عباس زغير، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الأمن أطلقت الرصاص على جدران المطعم التركي الذي تحصن فيه المتظاهرون وكذلك على الموجودين قرب جسر الجمهورية، بينما وصلت القنابل الغازية إلى وسط ساحة التحرير لأول مرة، بعدما كانت بعيدة نسبياً عنها. وأضاف "نعتقد أنهم يريدون حصارنا داخل ساحة التحرير وتضييق الخناق من كل الاتجاهات، ووجّهنا طلبات مكتوبة للأمم المتحدة لتوفير حماية لنا وكذلك للصليب الأحمر بعد أمر وزارة الصحة لكوادرها الطبية بالانسحاب من الساحة".
في السياق، قال عضو التيار المدني وليد حسين التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تراهن من خلال القمع في بغداد على تراجع عدد المتظاهرين"، معتبراً أن "موقف الأمم المتحدة مخجل للغاية".
في هذا الوقت، شهدت ذي قار وكربلاء والبصرة وميسان والنجف تصاعداً في حدة الاحتجاجات، وتم إغلاق إذاعة حكومية في ميسان من قبل متظاهرين بعد حديث لها اعتبر إساءة للمتظاهرين. كما جرى إغلاق دوائر التربية والرعاية الاجتماعية والخزينة وديوان الوقف الشيعي في النجف وفي الناصرية ودوائر حكومية أخرى وكتب عليها مغلقة بأمر الشعب.
في المقابل، شهدت بلدات ومناطق عدة في البصرة وكربلاء وميسان والديوانية وذي قار عمليات اعتقال واسعة نفذتها قوات أمن عراقية طاولت ما لا يقل عن 200 ناشط ومتظاهر. ووفقاً لمصادر حقوقية عراقية وعضو في مجلس محافظة البصرة الذي أُقر حله قبل أيام ضمن حزم الإصلاحات الحكومية، فإن العشرات جرى اعتقالهم من منازلهم أو الشوارع في شط العرب والزبير وأم قصر ومناطق أخرى من البصرة، كما أن الرفاعي والكحلاء والديوانية والناصرية وعلي الغربي والسماوة وسوق الشيوخ ومدن أخرى في الجنوب شهدت اعتقالات مماثلة خلال الساعات الماضية.
كما قامت قوة أمنية بمهاجمة مستشفى الحبوبي وسط مدينة الناصرية، ونفذت عملية اعتقال بحق 11 متظاهراً أصيبوا باختناقات جراء قنابل الغاز، كما اعتدت على عدد من الأطباء بعد محاولتهم منع الاعتقال، كونه مخالفاً للقانون العراقي في حالات الجرحى والمرضى الراقدين في المستشفيات.
مقابل ذلك، أكد مسؤولون وقيادات سياسية وجود انقسام حاد داخل القوى الرئيسة في البرلمان بشأن صفقة بقاء عادل عبد المهدي على رأس الحكومة، واعتبارها من قبل بعض الكتل مهينة، كونها فُرضت من الخارج، في إشارة إلى إيران.
بينما جددت السلطة محاولتها دفع المتظاهرين إلى الخروج من الشوارع، إذ أعلنت الرئاسات الثلاث في بيان أن السلطات تعمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات يضمن العدالة في التنافس الانتخابي، ويضع حداً لـ"الاحتكار الحزبي". وبعد اجتماع عقده الرئيس العراقي برهم صالح في بغداد مع عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أكد المجتمعون رفضهم أي حل أمني في التعامل مع التظاهرات، وشددوا على محاسبة المتسببين في "العنف المفرط"، معلنين أن السلطتين التنفيذية والقضائية باشرتا العمل القانوني لملاحقة المتهمين في قضايا الفساد.
وبحسب المصدر ذاته، فإن "الانقسام الحالي ينذر بتشتت كبير داخل القوى العربية الشيعية، على الرغم من حراك قاسم سليماني لإعادة لملمة الكتل الشيعية في تحالف واحد وإنهاء حالة الانقسام التي خلّفتها الانتخابات السابقة وأنتجت ما عرف بالكتل العابرة للطائفية أو الكتل الوطنية".
من جهتها، قالت المتحدثة باسم ائتلاف "النصر"، آيات نوري، لـ"العربي الجديد"، إن "موقف النصر لغاية الساعة هو إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة"، مضيفة "الاجتماع الذي حصل قبل يومين (تقصد اجتماع سليماني) للكتل السياسية لم يحضره ائتلاف النصر وتحالف سائرون وجبهة الإنقاذ والتنمية"، لافتة إلى أن "الاجتماع ناقش قضية إجراء التعديلات الوزارية وكذلك حزم الإصلاحات، مع الإبقاء على عبد المهدي في رئاسة الحكومة، ولهذا تمت مقاطعة الاجتماع". وأكدت نوري أن "النصر وسائرون وجبهة الإنقاذ والتنمية، ثابتة على مواقفها وهي إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، فهذه مطالب الشعب العراقي، ونحن نقف معها وندعمها". وأضافت "لم نتعرض لأي ضغوط إيرانية أو غيرها للتراجع عن موقفنا، لكن محاصرة منزل زعيم الائتلاف حيدر العبادي، من قبل جماعات مسلحة مجهولة، هي رسالة تهديد ومحاولة ليّ الأذرع، لكن هذا الشيء لم ولن يخيفنا وسنبقى ثابتين على موقفنا".
أما سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "المتظاهرين لم يشاركوا في أي اجتماعات مع القوى السياسية، كما أن الحزب الشيوعي يرفض المشاركة في أي جلسات سياسية لتدارك الأزمة واللعب على مشاعر المحتجين وتسويف مطالبهم، كما أنه لا توجد جهة واحدة تمثل المتظاهرين على اختلاف تنويعاتهم، وهم لديهم قائمة من المطالب، أولها استقالة حكومة عبد المهدي"، مبيناً أن "الحكومة بتركيبتها الحالية، ونظراً لما حدث من قمع، لم تعد مصدر ثقة".
وأضاف: "القوى السياسية هي أطراف في الأزمة، وبالتالي كيف لها أن تجتمع لتقرر مصير المتظاهرين والحكومة؟ لكنها تشعر بأن النظام في العراق مهدد، وهي تقاتل حالياً من أجل منع استقالة عبد المهدي الذي ينسجم مع مصالحها"، مشيراً إلى أن "الشيوعي يرفض أن يُهمل عبد المهدي أي مدة جديدة، وهو متورط بكل الدماء التي سالت من المتظاهرين، كما أنه لم يعتذر للمحتجين عن الأخطاء الكارثية التي تسببت بمقتل وجرح الآلاف منهم، ولم يقدم الجناة للمحاكمة، ولم يعلن تحمله مسؤولية ما حدث خلال التظاهرات القائمة".
إلى ذلك قال حيدر الملا، القيادي في "تحالف القوى العراقية"، برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "الفاعل السياسي الإيراني لا يريد خسارة حكومتين (العراق ولبنان) في المنطقة في آن واحد، ولهذا الضغط الإيراني تأثير واضح بعدم اتخاذ التوجه لإيجاد بديل لعادل عبد المهدي". ورأى أن "المشكلة اليوم هي أن مطالب المتظاهرين بالإصلاح يجب أن تبدأ بإقالة حكومة عبد المهدي، خصوصاً بعد تورطه بصفة القائد العام للقوات المسلحة في إراقة الدم العراقي"، معتبراً أن "القوى السياسية لا تستطيع الاستمرار والصمود بدعم هذه الحكومة، لكن أغلب هذه القوى لا تريد تغيير الحكومة تحت الضغط الجماهيري".
في غضون ذلك، اتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في مؤتمر صحافي أمس، دولاً وجهات لم يسمّها بـ"استغلال" الاحتجاجات في العراق، قائلاً إن بلاده "تدعو إلى عودة الأمن والهدوء"، معتبراً أن "هناك أعداء متربصين بدول المنطقة من داخلها وخارجها يريدون استمرار الخلافات"، معربا عن أمله في "أن تحبط دول المنطقة هذه المؤامرات".
واعتبر أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة الماضية، "كانت صحيحة وفي مكانها". وكان أردوغان قد قال للصحافيين أثناء رحلته إلى المجر عن التظاهرات في العراق، إن لديه "تكهنات حول الجهات التي تقف وراء الاضطرابات (في العراق)"، معرباً عن توقعه "احتمال أن تمتد إلى داخل إيران"، مشيراً إلى أن الهدف هو تقسيم وتمزيق العالم الإسلامي وإحداث الخلافات داخله.
ميدانياً، شهدت الساعات الأربع والعشرين الماضية، وبعد عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن، سيطرة الأخيرة على ساحة الخلاني وجسري السنك والأحرار في بغداد، بعد مقتل ستة متظاهرين وإصابة ما لا يقل عن 200 آخرين، وهو ما يعني فقدان المتظاهرين في العراق مناطق مهمة وفعالة كانوا موجودين فيها طوال الأسابيع الماضية. في المقابل تواصلت مواجهات الأمن مع المتظاهرين عبر شارع الرشيد وحافظ القاضي وجسر الباب المعظم، على الرغم من تراجع المتظاهرين باتجاه ساحة التحرير بعد سيل كثيف من قنابل الغاز والرصاص.
وقال الناشط في التظاهرات عباس زغير، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الأمن أطلقت الرصاص على جدران المطعم التركي الذي تحصن فيه المتظاهرون وكذلك على الموجودين قرب جسر الجمهورية، بينما وصلت القنابل الغازية إلى وسط ساحة التحرير لأول مرة، بعدما كانت بعيدة نسبياً عنها. وأضاف "نعتقد أنهم يريدون حصارنا داخل ساحة التحرير وتضييق الخناق من كل الاتجاهات، ووجّهنا طلبات مكتوبة للأمم المتحدة لتوفير حماية لنا وكذلك للصليب الأحمر بعد أمر وزارة الصحة لكوادرها الطبية بالانسحاب من الساحة".
في السياق، قال عضو التيار المدني وليد حسين التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تراهن من خلال القمع في بغداد على تراجع عدد المتظاهرين"، معتبراً أن "موقف الأمم المتحدة مخجل للغاية".
في هذا الوقت، شهدت ذي قار وكربلاء والبصرة وميسان والنجف تصاعداً في حدة الاحتجاجات، وتم إغلاق إذاعة حكومية في ميسان من قبل متظاهرين بعد حديث لها اعتبر إساءة للمتظاهرين. كما جرى إغلاق دوائر التربية والرعاية الاجتماعية والخزينة وديوان الوقف الشيعي في النجف وفي الناصرية ودوائر حكومية أخرى وكتب عليها مغلقة بأمر الشعب.
كما قامت قوة أمنية بمهاجمة مستشفى الحبوبي وسط مدينة الناصرية، ونفذت عملية اعتقال بحق 11 متظاهراً أصيبوا باختناقات جراء قنابل الغاز، كما اعتدت على عدد من الأطباء بعد محاولتهم منع الاعتقال، كونه مخالفاً للقانون العراقي في حالات الجرحى والمرضى الراقدين في المستشفيات.
(شارك بالتغطية من بغداد: سلام الجاف)