أعادت تطورات الانتفاضة اللبنانية التي بدأت في 17 أكتوبر/تشرين الأول فتح النقاش حول الجيش اللبناني ودوره. عملياً وعلى الأرض، لم يقم الجيش بواجبه في ردع المعتدين عن المتظاهرين في مناطق الجنوب اللبناني، في بنت جبيل والنبطية وصور، فضلاً عن منطقة الهرمل في البقاع اللبناني، وصولاً إلى الاعتداءات في وسط بيروت، يوم الثلاثاء الماضي. ربط الجميع عدم قدرة الجيش على ممارسة دوره بأمثلة سابقة. فالجيش مثلاً، لم يتمكن من منع الاشتباكات المتفرقة بين جبل محسن ـ باب التبانة في طرابلس (شمال لبنان) بين عامي 2008 و2014، ولم يحمِ الناس إبان أحداث 7 مايو/أيار 2008، التي سيطر فيها حزب الله على العاصمة بيروت عسكرياً. يرى الجميع أن قرار تحريك الجيش سياسي، وغياب أي توافق على القرار يجعله مهدداً بالتفكك والانقسام. وهو ما حصل عملياً مع بدء حرب لبنان عام 1975، حين انقسم الجيش لألوية مؤيدة لمليشيات وأطراف سياسية، قبل أن تبدأ عملية إعادة توحيده، بعد الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990).
المآخذ بالنسبة إلى معسكر حزب الله، على جوزيف عون كثيرة، ومنها زياراته المتكررة للولايات المتحدة، وهو أمر اعتاده القادة السابقون للجيش، ومنهم إميل لحود وميشال سليمان، اللذين تسلّما سدة الرئاسة بعد قيادتهما الجيش. وعون نفسه كان تحت قيادة رئيس الجمهورية ميشال عون، حين كان الأخير قائداً للجيش، وشارك معه في الحروب أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. ويخشى كثر من تنامي قوة الجيش اللبناني، واحتمال تحوّله مستقبلاً إلى "الحلّ الوحيد لحماية لبنان"، ما يشي باحتمال حصول صدام مع حزب الله، في حال عدم الاتفاق على صيغة ما، تبدأ باستراتيجية دفاعية محدّدة. كذلك، بات قائد الجيش مرشحاً أساسياً لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقررة عام 2022، وهو ما يضعه على خطّ مواجهة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي حُكي الكثير عن محاولاته لإقالة قائد الجيش قبل أن يصعد نجمه. ويحظى جوزيف عون بدعمٍ كبير من أطراف سياسية عدة في البلاد، ما يعزّز حظوظه الرئاسية.