ألمانيا: العملية التركية تعيد فتح ملف مقاتلي "داعش"... وجدال حول استعادتهم

17 أكتوبر 2019
العملية التركية زادت الضغوط على الحكومة الألمانية (Getty)
+ الخط -

شكلت العملية العسكرية التركية في شمال شرق سورية، حيث تتواجد معتقلات "قسد" التي تحوي العناصر السابقة لتنظيم "داعش" الإرهابي، المزيد من الضغط على الحكومة الألمانية، لا سيما أن ما يقارب المائة منهم يحملون الجنسية الألمانية وما زالوا يقبعون في تلك المعسكرات، وبات الخوف الآن من عودة غير منضبطة لهؤلاء إلى البلاد، علماً بأن السلطات الألمانية كانت قد رفضت في أوقات سابقة دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستعادة المعتقلين لأسباب مختلفة.

أمام هذا الواقع المنتظر، رفعت العديد من الأحزاب الألمانية الصوت عاليا، بينها الاشتراكي الديمقراطي والخضر، للتنبيه من مغبة عودة مقاتلي التنظيم إلى ألمانيا بطرق ملتوية ودون مراقبة، هرباً من الحرب.

وكان الأبرز في هذا الإطار تصريح وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى، بوريس بيستوريس، المنتمي إلى الاشتراكي، لـ"شبيغل أون"، قائلا "من وجهة نظري الأمر يشكل جزءاً من مصداقية الدولة الألمانية التي لها أن تدين الجناة هنا، ووفقا للإجراءات القانونية والقضائية النظامية"، موضحا أنه على المستوى القانوني هناك التزام تجاه حاملي الجنسية الألمانية.

وحيال ذلك أيضا، اعتبرت المتحدثة باسم كتلة الخضر إيرين ميهاليك، أنه من الضروري نقل هؤلاء إلى ألمانيا، وأوضحت قائلة: "في الواقع كان من مسؤولية الدولة الألمانية، ومنذ فترة طويلة، تنظيم عودة مقاتلي داعش السابقين من الألمان، حتى تتمكن من مقاضاتهم هنا، الآن أصبحت العودة غير المنضبطة تهدد الناس، وقد تشكل أخطارا أخرى".

لكن في المقابل، يخالف حزب المستشارة ميركل، "المسيحي الديمقراطي"، الأحزاب الأخرى في طرحها لاستعادة المقاتلين السابقين. إذ اعتبر نائب رئيس الكتلة، وفق ما ذكرت صحيفة "دي فيلت"، أن حزبه لن يعمل على عودة هؤلاء، مؤكدا أن العائدين من "داعش" هم في مستوى مرتفع للغاية من المخاطر الأمنية، ومشيرا إلى أن العراق يسعى لوضع مقاتلي "داعش" أمام محكمة وطنية، كما أنه من المتصور إدانتهم أمام محكمة دولية.


وكان وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس رأى أن طلب الرئيس الأميركي ترامب، في أوقات سابقة، استعادة هؤلاء المقاتلين من الألمان، كان من الصعب تحقيقه، لكن ومع تطور الوضع الأمني الآن في شمال سورية، يتزايد الضغط على الحكومة الألمانية، وفق ما أشارت إليه، اليوم الخميس، صحيفة "دي فيلت".

لكن هناك من يرى أن وزير داخلية سكسونيا السفلى محق في المطالبة باستعادتهم، انطلاقا من أن هذا الإجراء يلبي المعايير القانونية والإنسانية المطبقة في البلاد، حيث المطلوب التنبه لأمن المواطنين، في حين أن المعارك الدائرة حاليا في مناطق تواجدهم في المعتقلات لدى الأكراد ستوفر لهم فرصة للهروب، ولذلك فإن النقل المنظم لهؤلاء مطلوب ويشكل سياسة أمان.

الموضوع حساس سياسياً وأمنياً

وتواجه الحكومة الألمانية وقتاً عصيباً للالتزام الواضح باستعادة هؤلاء في ظل الخوف من أن القضاء الألماني سيطلق سراح بعض الإرهابيين المزعومين، لأن الأدلة ضدهم لن تكون كافية، وبالتالي إمكانية قيامهم بتنفيذ أعمال إرهابية على طريقة الذئاب المنفردة.

في هذا السياق، بينت "شبيغل"، في وقت سابق، أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الألمانية بحق أعضاء من "داعش" تتعرض للكثير من الانتقادات في الخارج، ومن قبل محققين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لكون أحكامها مخففة نسبيا، بحيث يعود المتهمون إلى حياتهم الطبيعية بعد أعوام قليلة أو يخضعون لأحكام مع وقف التنفيذ.

ويعود السبب في تبرئة البعض لصعوبة التوصل إلى أدلة دامغة لإدانتهم، ويعاقب عليها القانون، وهو ما يواجهه المحققون. وفي هذا الإطار، يلفت الخبراء، وهو ما بينته تحقيقات صحافية وإعلامية، إلى أنه كان من الضروري أن يشارك المحققون الأوروبيون في التشكيلات العسكرية المناهضة للتنظيم من أجل جمع الأدلة على أرض الواقع في سورية والعراق للحصول على أدلة تخدم التحقيقات ضد أفراد يشتبه بانتمائهم إلى "داعش".