وفي هذا السياق، قال وزير عراقي، يتولى حالياً بالوكالة إدارة وزارة أخرى بسبب عدم اكتمال تشكيلة الحكومة، إنّ أول ملفات العام الجديد هو الأمن والوصول إلى مرحلة الاستقرار التام أو الجيّد في المدن المحررة". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هذا الأمر مرتبط بأمور عدة، منها إعادة النظر في الانتشار العسكري للقوات العراقية في هذه المدن وفي بغداد ومدن الجنوب أيضاً، ومراجعة الخطط المعمول بها وتحقيق انسجام بين المواطنين وأفراد الأمن في المدن التي تم تحريرها، وإعادة جميع النازحين من المخيمات إلى مدنهم، بالإضافة إلى إنشاء نظام إلكتروني أمني يحمل قاعدة بيانات متطورة تشترك به مختلف التشكيلات الأمنية والعسكرية العراقية لمنع الإرباك أو التداخل في ما بينها، فضلاً عن الملف الخدمي الذي بات عاملاً يهدد استقرار مدن جنوبي العراق".
وبحسب المسؤول ذاته، فإنّ ملف الأمن والخدمات له الأولوية ورئيس الوزراء يأمل من الأحزاب والكتل أن تساعده لا أن تستمر بنهجها المعرقل للحكومات من خلال التشكيك أو الطعن". أما من الناحية الخارجية، فلفت الوزير إلى أنّ "العراق سيحرص على أن يكون على علاقة طيبة مع جيرانه الستة (السعودية والكويت والأردن وسورية وتركيا وإيران)"، كاشفاً أنّ "عبد المهدي أوصل إشارات للمسؤولين في واشنطن بأنه لا يرغب أن يكون العراق طرفاً في أي صراع مع إيران، وأن مطالبات بغداد بوقف استيراد الغاز والكهرباء من طهران، يجب أن يرافقها تقديم بديل عن ذلك".
وملفات الأمن والخدمات والعلاقة الخارجية المتوازنة ليست كل ما سيواجه العراق خلال هذا العام، بل ينتظر الحكومة ما لا يقل عن 20 ملفاً آخر، بحسب مراقبين، أكدوا أنّ عبد المهدي غير قادر على تجنّبها حالياً. ومن هذه الملفات ملف إعادة إعمار المدن المحررة شمال وغرب البلاد والتي تعيش أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية، فضلاً عن إعادة سكانها الذين نزحوا، بالإضافة إلى ملف تصاعد معدلات الفقر والبطالة، والتصدي لملف الفساد المالي الذي ينخر مؤسسات الدولة، وكذلك معالجة أزمة المياه المتوقع أن تعود لتتفاقم خلال الصيف المقبل، وهو ملف شائك مع الجارين التركي والإيراني. وهناك أيضاً ملف العلاقة مع أربيل وحلّ المشاكل العالقة حول المناطق المتنازع عليها، وكذلك ملف حقوق الإنسان المزدحم بالانتهاكات. ولا يتوقع أن يتم إنجاز هذه الملفات، لكن ينبغي على الحكومة عدم إهمالها وتركها بالمطلق.
وفي هذا الإطار، قال السياسي العراقي البارز، حامد المطلك، إنّ "الأداء الحكومي الحالي، ووضع مؤسسات الدولة لا يبشّر بالخير"، موضحاً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "ملف النازحين يعدّ الأعقد والأكثر إلحاحاً من حيث ضرورة تنفيذه، إذ لا يزال مئات آلاف المواطنين الذين اضطروا للهروب بعد اقتحام تنظيم داعش الإرهابي مدنهم، في مخيمات النزوح وبحال يرثى له". ورأى المطلك أنّ "هذا الملف المهمّ لا يلقى جدية لا من قبل الحكومة ولا القوى السياسية، ويبدو أن هذا الإهمال مقصود".
وأضاف أنّ "الحكومة خلال هذا العام لن تتمكن من فعل أي شيء، بسبب الخلافات السياسية الأزلية فيما بينها، فضلاً عن ضعف مؤسسات الدولة، والعمل بطريقة فاسدة وعدم وجود متابعة ومحاسبة، بالإضافة إلى الانحدار في الأداء"، معتبراً أنّ "جميع مؤسسات الدولة العراقية من وزارات إلى أصغر دوائر خدمية أو إدارية، بنيت على أسس التمييز الطائفي والعرقي، وذلك بسبب الأحزاب التي توزّع المناصب فيما بينها". وأكّد المطلك أنه "لا يمكن عبر هذه المؤسسات بناء البلاد"، معتبراً أنّ "حكومة عادل عبد المهدي تأسست على الطريقة نفسها، ولذلك، لن يختلف التعامل مع الملفات، لا سيما أنّ الأحزاب الحالية لم تختلف منذ الاحتلال الأميركي وتبدّل نظام الحكم، ناهيك عن الإرادات الخارجية، وأطرافها الداخلية التي تمنع تحقيق أي ملف يخدم العراقيين، بما في ذلك عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية".
من جهتها، أوضحت النائبة ندى شاكر، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "البرلمان يعمل على حسم ملف الخدمات، ولا سيما محافظات جنوب العراق، بالإضافة إلى توفير فرص العمل للخريجين، ولكن أهم الملفات الحيوية والخطرة هو ملف الاستثمار للقضاء على البيروقراطية الموجودة، إذ يخطط البرلمانيون غير الخاضعين لإرادات أحزابهم إلى الموافقة على القوانين التي تسمح بدخول الشركات الاستثمارية"، على حدّ قولها.
ومن الناحية الأمنية، رأى الخبير الأمني سرمد البياتي أنّ "السنة الحالية ستكون أكثر أمناً من سابقاتها". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "فتح المنطقة الخضراء في بغداد أمام المواطنين أواخر عام 2018، يعدّ مفتاح التطور اللافت في الأوضاع الأمنية في العاصمة"، لافتاً إلى أنّ "استمرار رفع الكتل الكونكريتية من بغداد والمحافظات الأخرى، سيقلّل الضغط النفسي على المواطنين، وكذلك المسافة بين المواطن وحكومته".
وأشار البياتي إلى أنّ "الحدود العراقية تم تأمينها بنسبة 85 في المائة، وحالياً لا تشكل تهديداً خطراً، إلا أنّ بعض المناطق مثل الحويجة في كركوك وجبال مكحول وحمرين ومناطق غرب وجنوب غرب الموصل، ما تزال بحاجة إلى عمليات تمشيط راجلة للقوات العسكرية، لأن تنظيم داعش ما زال يعبث بأمن وأرواح الناس في تلك المناطق".
وعن ملف الوجود الأميركي داخل العراق، قال البياتي إنّه "كان من ضمن خطط العراق لدراستها خلال العام الحالي، ولكن مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمحافظة الأنبار أخيراً، اتضحت الأمور وتبيّن أن القوات الأجنبية باقية، وستشترك مع الجيش العراقي في الجولات الأمنية، والأمر نفسه ينطبق على قوات البشمركة الكردية".