تواصل قوى برلمانية في العراق ضغوطها باتجاه إصدار قرار يقضي بإخراج القوات الأجنبية من هذا البلد، وعلى وجه التحديد القوات الأميركية التي أكد برلمانيون أنه لا يحق لها حالياً الوجود خارج قواعدها العسكرية، في وقت حذرت تقارير دولية من احتمال تحول العراق إلى ساحة للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، إن مسودة قرار إخراج القوات الأميركية من العراق "وصلت إلى مرحلة النضج"، لافتاً إلى أنها قد تكون جاهزة للعرض على التصويت في غضون أسبوعين على أبعد تقدير.
وأكد المصدر تبني تحالف "البناء" الذي يضم "ائتلاف دولة القانون" وفصائل "الحشد الشعبي" للمسودة، متوقعاً أن تحظى بدعم تحالف "سائرون" المدعوم من "التيار الصدري"، والذي ينادي بدوره بضرورة إخراج القوات الأميركية.
إلى ذلك، أوضح عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عباس صروط، أن البرلمان سيتخذ القرار المناسب بشأن الوجود الأميركي، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن الأميركيين الموجودين في العراق جاؤوا لتدريب القوات العراقية، ولا يحق لهم الوجود في مناطق قتالية.
من جهته، أعرب المحلل السياسي علي حسين الجبوري، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن إخراج القوات الأميركية من العراق من دون تنسيق بين بغداد وواشنطن "يحمل قدراً كبيراً من المجازفة، لأنه يأتي متزامناً مع قيام واشنطن بتضييق الخناق على إيران"، مشدداً على أن العراق "ينبغي أن يكون مستقلاً بقراراته".
وقال الجبوري إنه "لا يخفى على أحد الدور الأميركي في وصول الطبقة الحاكمة الحالية للسلطة في العراق"، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ذكّر بذلك خلال زيارته الأخيرة للعراق، حين تحدث عن صرف مليارات الدولارات لتحقيق الاستقرار في العراق والمنطقة".
ورأى المحلل السياسي أن إصدار قرارٍ بإخراج القوات الأميركية "يمثل إهانة لواشنطن في هذا الوقت الحرج"، موضحاً أن العراق "سيضع نفسه في هذه الحالة وسط المعسكر المناوئ للولايات المتحدة".
هذا الأمر لا يخفى على لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، التي أكدت أن إخراج القوات الأميركية "سيؤدي إلى تصدع العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق".
لكن عضو اللجنة عامر الفايز، أكد عزم البرلمان على إقرار قانون لإخراج القوات الأميركية بشكل كامل، مضيفاً في تصريح صحافي، أن الحكومة ملزمة بتنفيذ أي قرار يصدر من مجلس النواب.
ورأى الفايز أن واشنطن تعتبر العراق ساحة انطلاق لتنفيذ سياساتها في المنطقة، معتبراً أن في ذلك "مخالفة كبيرة للدستور"، بحسب رأيه.
من جهته، رأى العضو السابق في "تحالف القوى" عماد الحمداني أن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأخيرة إلى العراق دفعت باتجاه الإسراع بقانون إخراج القوات الأميركية الذي ينادي به حلفاء طهران، مشدداً في حديث لـ"العربي الجديد"، على وجوب أن تكون القرارات السيادية في مثل هذه الأمور محط إجماع، رغم حرص الجميع على السيادة، واتفاق جميع العراقيين على عدم رغبتهم بوجود قوات أجنبية على أرضهم.
ولفت الحمداني إلى استمرار حاجة العراق للدعم الدولي في حربه على بقايا تنظيم "داعش"، لا سيما في المناطق الصحراوية، لافتاً في هذا الإطار إلى "استمرار تعاون القيادات الأمنية العراقية مع الجنود الأميركيين، كما ظهر أخيراً في شارع المتنبي ببغداد، وفي محافظة الأنبار".
يذكر أن النفوذ الإيراني في العراق لا يقتصر على الحلفاء التقليديين، إذ تمكنت طهران أخيراً من استقطاب قيادات "عربية سنية" بارزة إلى معسكر الداعمين لسياستها، لا سيما أولئك الذين انضموا لتحالف البناء.
وقال رئيس "حزب الحل" المنضوي في تحالف "البناء"، جمال الكربولي، خلال لقائه وزير الخارجية الإيراني في بغداد، إن العراقيين "لن يسمحوا لأحد بإيذاء إيران من خلال العراق، أو إيذاء الحشد الشعبي من خلال القواعد الأميركية الموجودة في الأنبار".
وكان ظريف قد كشف خلال زيارته إلى كربلاء، يوم الأربعاء الماضي، عن وجود سياسيين عراقيين يرغبون بالتعاون مع إيران، إلا أنهم لا يعلنون ذلك تجنباً للغضب الأميركي.
وفي السياق، توقعت دراسة أعدتها "مجموعة الأزمات الدولية"، اليوم الخميس، أن يتحمل العراق العبء الأكبر في حال تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة.
ونقلت الدراسة عن مسؤولٍ كبير في الأمن القومي الإيراني قوله إن المسرح المحتمل للمواجهة بين طهران وواشنطن هو العراق، حيث ترتبط المليشيات الرافضة للوجود الأميركي بعلاقات وثيقة مع طهران، مشيراً إلى أن العراق هو المكان الذي تمتلك فيه إيران الخبرة والقدرة اللازمة لضرب الولايات المتحدة، دون الوصول إلى المرحلة التي يمكن أن تؤدي إلى رد مباشر.