كشفت وسائل إعلام تركية، اليوم الأربعاء، عن تفاصيل المنطقة الآمنة التي تنوي تركيا إقامتها على الحدود مع سورية، وتم الإعلان عنها غداة الاتصال الهاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب، بينما أكدت "الإدارة الذاتية الكردية" رفضها لها.
وكشفت صحيفة "حرييت" التركية، اليوم الأربعاء، عن مصادر مطلعة، أنّ عمق المنطقة الآمنة يبلغ ما بين 30 و35 كيلومتراً، وفق خطة كانت قد طُرحت في عهد الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، لم يتطرّق إليها.
وأوضحت أنّ موضوع المنطقة الآمنة لم يتم البت فيه، خلال اللقاءات التركية الأميركية السابقة، لحين طرحها ترامب، قبل أيام، واستدعت اتصالاً هاتفياً مع أردوغان، لبحثها والاتفاق عليها.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ أردوغان قال لترامب في المكالمة الهاتفية التي جرت، مساء الإثنين، إنّه يتعاطى بإيجابية مع طرح المنطقة الآمنة، وهي بالأساس كانت من طرحه، فيما ردّ عليه ترامب بأنّه سعيد بتعاطي أردوغان الإيجابي مع هذا الطرح، من دون أن يخوض الزعيمان في التفاصيل.
واتفق ترامب وأردوغان، وفق الصحيفة، على أن يتحدث في تفاصيل المنطقة الآمنة، رئيسا هيئة أركان البلدين اللذين سيجتمعان لاحقاً، نظراً لتواجد رئيس هيئة الأركان التركية ياشار غولر، ونظيره الأميركي جيمس دانفورد، في العاصمة البلجيكية بروكسل، على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأكدت الصحيفة أنّ ترامب، وقبل أن يكشف قرار انسحابه من سورية، لم يتطرّق إلى موضوع المنطقة الآمنة، مشيرة إلى أنّ هذا الموضوع لم يكن أيضاً على أجندة مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي زار تركيا، الأسبوع الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ الخطة التركية تشمل إعادة السوريين إلى هذه المنطقة، وهي خطة وُضعت منذ عام 2014، وستكون أبعادها مناسبة للتوزع الديموغرافي.
من ناحية أخرى، أوضحت الصحيفة أنّ بولتون، وخلال لقائه مع متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الأسبوع الماضي، قدّم "لا ورقة" مكونة من 5 بنود يبيّن فيها قبوله الانسحاب من سورية، واستمرار مكافحة تنظيم "داعش" مع حماية "الحلفاء" في هذه الحرب، من دون ذكر اسم الوحدات الكردية.
في المقابل، ردّ الجانب التركي بورقة من 5 بنود أيضاً باسم "لا ورقة"، تضمنت تسمية تنظيمات بعينها من "داعش" و"وحدات حماية الشعب" الكردية و"حزب العمال الكردستاني"، على أنّها "تنظيمات إرهابية".
وفي السياق، لفتت صحيفة "خبر تورك" التركية، إلى أنّ الانسحاب الأميركي من شرق سورية، هو جزء من الاتفاق الذي جرى في لقاء ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قمة هلسنكي، العام الماضي.
وقالت الصحيفة، إنّ هناك اتفاقية سرية بين الطرفين الأميركي والروسي، بشأن مستقبل هذه المنطقة، وجرى الحديث خلالها عن الدور التركي، وأهمية موقفه من التواجد الكردي، مشيرة إلى أنّ الحديث عن منطقة شرق الفرات، ومنح الأكراد حكماً ذاتياً شبيهاً بالوضع في العراق، شكّل أهم محادثات الجانبين، مع محاولة إقناع تركيا بذلك في سورية، كما اقتنعت سابقاً في شمال العراق.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التوافقات تجري بين تركيا وروسيا وأميركا حول هذه المنطقة، كاشفة أنّ المعطيات المتوفرة في واشنطن تشير إلى احتمال عقد قمة ثلاثية تجمع أردوغان مع بوتين وترامب، لبحث تفاهم شامل لمستقبل هذه المنطقة والأكراد.
من ناحيتها، قالت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية، إنّ المنطقة الآمنة التي تعتزم تركيا إقامتها ستمتدّ على طول 460 كيلومتراً، على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 32 كيلومتراً، وستضم مدناً وبلدات من 3 محافظات سورية؛ هي: حلب والرقة والحسكة.
وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة، بحسب الوكالة، هي المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة).
كما تضم المنطقة الآمنة مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)، وكذلك ستضم المنطقة كلاً من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).
وقال أردوغان، أمس الثلاثاء، إنّ تركيا سوف تنشئ، على طول حدودها مع سورية، منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً (32 كيلومتراً).
والإثنين، أعلن ترامب أنّ بلاده تنوي إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري بعمق 20 ميلاً، وذلك عقب اتصال هاتفي مع أردوغان، بحثا فيه عدداً من القضايا الثنائية والدولية، خصوصاً الملف السوري.
في المقابل، أكد ألدار خليل، الذي يُعدّ أحد مهندسي "الإدارة الذاتية الكردية" في سورية، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، "رفض اقتراح إقامة منطقة آمنة تحت سيطرة تركية" على الحدود بين البلدين.
وقال إنّه "يمكن رسم خط فاصل بين تركيا وشمال سورية عبر استقدام قوات تابعة للأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلام، أو الضغط على تركيا لعدم مهاجمة مناطقنا". وأضاف "أما الخيارات الأخرى فلا يمكن القبول بها لأنّها تمس سيادة سورية وسيادة إدارتنا الذاتية"، معتبراً أنّ "تركيا ليست مستقلة وليست حيادية، وهذا يعني أنّها طرف ضمن هذا الصراع"، كما قال.
ورأى أنّ "ترامب يريد تحقيق هذه المناطق الآمنة عبر التعاون التركي، لكن أي دور لتركيا سيغير المعادلة ولن تكون المنطقة آمنة، بل على العكس تركيا طرف، والطرف لا يمكن أن يكون ضامنا للأمان"، بحسب قوله.