وأشارت الدراسة التي أعدّها الباحث نتان ترول، ونشر استنتاجاتها موقع "محادثة يومية" اليساري، اليوم الأربعاء، إلى أنّ حركة المقاطعة "أسهمت في تغيير بيئة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، إلى جانب أنّها "قلّصت من قدرة إسرائيل على الاستفادة من التحوّلات الإقليمية، وعقّدت مكانتها الدولية، وأضرّت بعلاقتها مع يهود العالم؛ وتحديداً الولايات المتحدة".
ورأت الدراسة أنّ أهم الإنجازات التي حقّقتها الحركة، تمثّل في "إحداث تحوّل على صعيد الجدل العالمي بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، موضحة أنّ "وجود الحركة يمثّل أهم عائق أمام توجّه بعض الدول العربية، لإلغاء مقاطعتها لإسرائيل، ورفع القيود على التطبيع معها، ناهيك عن أنّها أحرجت السلطة الفلسطينية، بسبب إصرارها على التعاون الأمني والاقتصادي مع إسرائيل".
ولفتت الدراسة إلى أنّ إسرائيل "غاضبة"، بسبب جهود الحركة الهادفة إلى "شيطنة" إسرائيل ولا سيما أمام الأوساط الليبرالية في العالم، معتبرة أنّ أنشطة الحركة مثّلت "صفعة قوية" لقوى اليسار الإسرائيلي، على اعتبار أنّها تركّز بشكل خاص على مظاهر الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، التي يتجاهلها هذا اليسار.
كما أشارت إلى أنّ الحركة "أثّرت على إسرائيل لدرجة جعلتها تصمم وتنفذ حملة دولية ضدها"، لافتة إلى أنّ "الوسائل التي استخدمتها تل أبيب في هذه الحملة أظهرتها ككيان غير ديموقراطي". وبحسب الدراسة، فقد "نجحت الحركة في إشعال صدام بين إسرائيل والدول الأوروبية المانحة للسلطة الفسلطينية، على اعتبار أنّ تل أبيب تطالب هذه الدول بعدم التعاون مع منظمات فلسطينية تنسّق مع حركة المقاطعة".
وألقت الدراسة الضوء، على كيفية نجاح الحركة بـ"التسبب بضرر كبير لسمعة المجمعات التجارية والاقتصادية العالمية التي ترتبط بعلاقات عمل مع المستوطنات اليهودية في أرجاء الضفة الغربية المحتلة، وهو التحرّك الذي أجبر عدداً من الشركات على مغادرة الضفة، والعودة لإسرائيل".
كما خلصت إلى أنّ الحركة "نجحت في التشويش على الكثير من المهرجانات والحفلات الغنائية والمعارض، بهدف منع إسرائيل من المشاركة فيها"، مشيرة إلى أنّ الحركة "عرّت بعض الفنانين الفلسطينيين الذين يوافقون على التعاون مع فنانين إسرائيليين، على اعتبار أنّ هؤلاء الفنانين يسهمون في التغطية على مسّ إسرائيل بحقوق الإنسان".
وبحسب الدراسة، فقد تبين أنّ "BDS" "نجحت إلى حد كبير في زيادة الدعم للقضية الفلسطينية في الجامعات الأميركية، وحوّلت ملف إسرائيل من محور إجماعي داخل الولايات المتحدة، إلى مسوّغ لحثّ الاستقطاب الحزبي بين الجمهوريين والديموقراطيين، حيث تم عرض دعم إسرائيل على أنّه نقيض لقيم الليبرالية والحرية".
كما لفتت إلى أنّ "الحركة تمكّنت من تحقيق إنجازات كبرى، على صعيد التأثير على توجهات المحاضرين والمدرسين في الجامعات الأميركية، ودفع إدارة الجامعات لاتخاذ مواقف بشأن السماح للحركة بالعمل، على الرغم من مواقف المانحين اليهود لهذه الجامعات".
وأشارت إلى أنّ الحركة "نجحت في إقناع العديد من الكنائس الأميركية الثرية، بسحب استثماراتها من شركات تعمل في المستوطنات اليهودية في الضفة".
ورأت الدراسة أنّ "حركة المقاطعة نجحت إلى حد كبير، في إحداث استقطاب داخل اليهود في الولايات المتحدة، وعززت من مكانة اليهود غير الصهاينة"، إلى جانب أنّها "دفعت لأول مرة يهوداً صهاينة ليبراليين إلى دعم دعوات الحركة لفرض مقاطعة على منتجات المستوطنات اليهودية".
ورصدت الدراسة دلائل على أنّ الحركة "أسهمت في دفع بعض كبار مؤيدي إسرائيل من اليهود الذين يتبنون نهجاً نقدياً تجاهها، إلى المطالبة بفرض ضغوط على تل أبيب لإجبارها على تغيير نمط سلوكها تجاه الصراع مع الفلسطينيين".
وأشارت إلى تركيز حركة المقاطعة على فضح ممارسات إسرائيل التي تتضمن؛ مصادرة أراضي الفلسطينيين من أجل بناء المزيد من المستوطنات، واعتقال الآلاف منهم بدون لوائح اتهام ومحاكمات عادلة، وممارسة العقوبات الجماعية على قطاع غزة، إلى جانب فرض نظام يفتقر لأدنى مقومات المساواة بين اليهود والفلسطينيين داخل إسرائيل.
ووفق الدراسة، فقد بات اليهود الصهاينة من الليبراليين الذين يدافعون عن إسرائيل، في حالة دفاع عن النفس في مواجهة اتهام الحركة لهم بأنّهم يساعدون إسرائيل على مواصلة سياساتها القمعية وغير الديموقراطية.
وخلصت الدراسة إلى أنّ أحد أهم الإنجازات التي حققتها حركة المقاطعة "تمثل في أنّها وجّهت ضربة قوية لفكرة حل الدولتين، التي تتشبث بها الكثير من الأطراف، من خلال محاججتها بأنّ إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، لن يكون كافياً، إذا لم يتم منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم، وتحقيق المساواة بين اليهود والفلسطينيين داخل إسرائيل".
وبحسب الدراسة، فإنّ الحركة "أعادت إلى قلب الجدل، بدايات تطبيق السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ولا سيما عمليات الطرد الجماعي، وتدمير القرى والبلدات الفلسطينية، وإقامة إسرائيل على أنقاضها، ما جعلها تنجح في تسويغ التساؤل عن مدى شرعية الحركة الصهيونية".
وأشارت إلى دور حركة المقاطعة في "تشجيع نشطاء مناهضة السلاح الدوليين، من مختلف أنحاء العالم، للتوجه للضفة الغربية وقطاع غزة، لمساعدة الفلسطينيين في نضالهم المدني ضد إسرائيل".
ولفتت إلى أنّ "نشطاء حركة المقاطعة من الفلسطينيين يطرحون حالياً فكرة القيام بعصيان مدني"، مرجحة أنّ "تنفيذ هذه الأفكار سيمثّل ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي".