هل يعفو ملك المغرب عن معتقلي الريف؟

29 يوليو 2018
خطاب مرتقب للملك بذكرى جلوسه على العرش (فرانس برس)
+ الخط -

من المقرر أن يلقي العاهل المغربي، الملك محمد السادس، مساء اليوم الأحد، خطاباً بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لجلوسه على العرش، في ظل زيادة التكهنات والتوقعات بشأن مدى إمكانية إصداره عفوا ملكياً خاصاً عن معتقلي "حراك الريف".

وحكم على عدد من معتقلي "الحراك"، الذي شهدته منطقة الريف طيلة أشهر خلت، بأحكام سجن طويلة بحسب وصف حقوقيين، من بين المحكوم عليهم الناشط الذي يلقب بقائد الحراك ناصر الزفزافي، والذي حكم عليه بـ20 عاماً سجنا نافذاً برفقة بعض زملائه، ومدد سجنية أخرى تتراوح بين سنة و15 عاماً.

وتترقب عائلات معتقلي الريف خطوة العفو، غير أنه بحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن غالبية هذه الأسر ليست متأكدة من حدوثها، لأنه سبق أن عاشوا الموقف ذاته في مناسبات وخطب ملكية سابقة، كثر بشأنها الحديث عن العفو، لكن الأمر لم يحدث.


مؤشرات احتمال إصدار الملك المغربي لعفو عن معتقلي الريف تتجسد وفق ملاحظين في تحركاته الأخيرة، حيث شوهد أكثر من مرة قبل أيام قليلة في شوارع مدينة الحسيمة متجولاً فيها ضمن إجازته الصيفية.

ووفق شهود عيان بمدينة الحسيمة الواقعة في قلب الريف المغربي، فإن مقر العمالة (المحافظة) شهد استنفاراً ملحوظاً خلال الساعات الماضية.

مؤشر آخر يستند إليه المتفائلون هو أن الملك بحكم الدستور له صلاحية إصدار العفو وفق الفصل 58، الذي يمنحه ذلك بصفته رئيس الدولة وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، ويسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية.

ويترقب البعض أن يطوي الخطاب الملكي صفحة معتقلي الريف بشكل نهائي من خلال إعلان العفو عنهم، والبدء في صفحة جديدة قوامها إرساء أجواء الثقة بين الدولة ومنطقة الريف، من أجل تجاوز التوتر التاريخي بين الطرفين، وإعادة الطمأنينة إلى نفوس العديد من عائلات هذه المنطقة.

في المقابل، يرى مستبعدون لإعلان الملك عفوًا عن معتقلي الريف، أن الخطاب سيكون بمثابة خريطة طريق للبلاد في السنة المقبلة، وأنه كعادة هذه الخطابات سيركز على ما تم تحقيقه خلال السنة الفائتة والتطلعات المستقبلية في مجالات التنمية، دون التطرق إلى ملف الريف.

ويستند فريق "المتشائمين" على أن العاهل المغربي سيكون حريصاً على عدم الخوض أو التدخل في هذا الملف، خاصة أنه شدد في أكثر من خطاب سابق على استقلالية القضاء، وبأنه سيترك للمحكمة في درجة الاستئناف الفرصة لتعديل أو تأكيد تلك الأحكام السجنية احتراماً لسلطة القضاء.

وتسير دوافع أخرى في اتجاه عدم إعلان الملك للعفو عن معتقلي الريف، أجملتها مجلة "جون أفريك" الفرنسية في عدد سابق، وهي المقربة من صناع القرار في البلاد، في كون مطالب العفو عن النشطاء تقف وراءها جماعات وأحزاب معارضة راديكالية، من قبيل جماعة العدل والإحسان والنهج الديمقراطي اليساري.

ووفق المجلة ذاتها، فإن خفوت حماس الأحزاب في طلب العفو من الملك، باستثناء ما أقدم عليه الحزب الاشتراكي الموحد اليساري المعارض بشأن تقديم مقترح مشروع قانون للعفو العام عن المعتقلين، لا يمنح بوادر قوية للدولة حتى تسير في طريق العفو وبدء صفحة جديدة بالريف.

معطى آخر يقدمه أصحاب طرح عدم العفو الملكي عن معتقلي حراك الحسيمة، هو عدم اتخاذ جهات دولية اعتادت التعليق على أحداث هامة في المملكة، أي قرار أو خطوة أو تعليق على الأحكام السجنية التي شهدها ملف المعتقلين.


ويقول الأستاذ بجامعة مراكش محمد نشطاوي، لـ"العربي الجديد" إنه "حسب الفصل 58 من الدستور الملك يمارس حق العفو، وقد سكت الدستور عن كيفية ممارسته أو حتى متى يمارسه، وبذلك لم يقيده بأي شيء، بل لم يأت بالحالات التي يمارس فيها على سبيل الحصر".

ويعتبر أن "للملك أن يمارس حقه في العفو وفق مشيئته وفي أي وقت كان، وهو غير معني بدرجات التقاضي حتى يمارسه"، مبرزاً أنه "بإمكان الملك وفق إرادته إصدار العفو مثلاً عن معتقلي الحراك بالريف في أي لحظة".

ويتابع "الملك لم يتدخل في موضوع حراك الريف حتى الآن ربما لترك الكلمة للقضاء أولا حتى لا يتهم بالتدخل في عمل القضاء والمس بفصل السلطات، وثانياً حتى يمكنه ممارسة حق العفو بعد قول القضاء كلمته رغم أنه ما زالت هناك مرحلة الاستئناف".

المساهمون