الصدر يبلغ مقربين منه: المعارضة أفضل من شراكة مع المالكي

06 يونيو 2018
أكّد الصدر أنه لن يشارك بحكومة مع المالكي(فرانس برس)
+ الخط -
في ظلّ استمرار المشاورات السياسية بين الكتل العراقية، وفي خضم السباق نحو تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، تمهيداً لتأليف الحكومة، قال قيادي بارز في "التيار الصدري"، بزعامة مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، إن الأخير أبلغ مقربين منه في النجف، خلال لقاء جرى مساء الأحد، بأنّ "الذهاب إلى المعارضة، رغم كونهم الفائزين في الانتخابات، أفضل بكثير من المشاركة بحكومة مُفصّلة من الخارج"، رافضاً في الوقت نفسه الحديث عن تحالف مع رئيس ائتلاف "دولة القانون"، نوري المالكي، لتشكيل الحكومة، حتى لو أسندت إليه مهمة تشكيل الحكومة. ويتزامن الكلام المسرب على لسان الصدر، مع زيادة الجهود الإيرانية، لدعم فوز التحالف المدعوم من قبلها، أي اتفاق كتلة المالكي مع تحالف مليشيات الحشد الشعبي، بأكبر عدد ممكن من الحلفاء، بهدف إبقاء منصب رئيس الحكومة في خانة الحليف اللصيق لطهران في بغداد.

في غضون ذلك، ما زالت الكتل السياسية العراقية تترقّب بيان المحكمة الاتحادية العراقية حول مدى إلزامية القرارات التي اتخذها البرلمان حيال مفوضية الانتخابات والمتعلّقة بإلغاء نتائج انتخابات عراقيي المهجر والنازحين، وإعادة العدّ والفرز للأصوات يدوياً بنسبة 10 في المائة من عموم محطات الاقتراع بالبلاد. وكان من المفترض أن تعلن المحكمة الاتحادية عن ذلك خلال الـ48 ساعة الماضية، من خلال اجتماع لمجلس المحكمة الاتحادي، كأعلى سلطة في البلاد، وفقاً للنظام الداخلي للمحكمة الاتحادية.

إلى ذلك، تواصل الكتل السياسية العراقية المختلفة مشاوراتها في بغداد والنجف وأربيل على حدّ سواء، وسط حالة عدم استقرار وتذبذب في مواقف عدد من الكتل والقوائم الفائزة، خصوصاً الصغيرة منها. وتجري اللقاءات بالعادة ليلاً، في ظاهرة ألقت بظلالها على الشارع العراقي، وكذلك على أداء المؤسسات والوزارات التي تتولاها شخصيات حالفها الحظ بالنجاح في الانتخابات، إذ لا يجد المواطنون نهاراً من يقابلهم أو ينجز معاملاتهم الرسمية، فضلاً عن اتساع ظاهرة التسيّب وعدم الرقابة في مختلف تلك المؤسسات منذ بدء ماراثون المشاورات السياسية بين الكتل، التي تتمّ عادة ضمن ما يعرف بمآدب الإفطار أو السحور.

وأبلغ مسؤول بارز في التيار الصدري، يوصف بأنه من المقربين من زعيم التيار، مقتدى الصدر، "العربي الجديد"، بأن تحالف "سائرون" توصّل إلى تفاهم مع الشقّ المدني فيه، بما فيه الحزب الشيوعي العراقي، "على أن الذهاب إلى المعارضة أفضل بكثير من المشاركة في حكومة واحدة مع المالكي"، مؤكداً أنّ الصدر اعتبر هذا التوجّه العام لسائرون، وهو ما فهم منه خط أحمر على المالكي، وأيضاً على كتلة "صادقون" التي يتزعمها زعيم مليشيا "العصائب"، قيس الخزعلي، إحدى أقرب المليشيات لإيران، التي تتلقّى تمويلاً مباشراً من مكتب المرشد علي خامنئي.

وقال المسؤول إنّ "سائرون" و"النصر" و"الحكمة" و"الوطنية" وكتلاً عربية سنية أخرى "يمكن أن نضعها في معسكر العراقيين، فيما الجانب الآخر مرعي إيرانياً ويسعى لتكوين الكتلة الكبرى. وفي حال حسم أي فريق مفاوضاته مع الأكراد وقتها سيتم الإعلان عن تحالف واضح"، وختم المسؤول بالقول إن "الصدريين والمدنيين لن يشاركوا في حكومة مفصّلة من الخارج، والبقاء في المعارضة أفضل من خسارة الشارع الذي يؤيد حكومة عراقية لا طائفية".

 

بيوت سياسية ترفض الالتئام مجدداً

وفي إطار تطورات المشاورات السياسية في بغداد، وصل أمس الثلاثاء وفد كردي يمثّل أحزاب المعارضة في إقليم كردستان، بعد فشل الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الاتحاد الوطني في السليمانية والديمقراطي الكردستاني في أربيل) في توحيد بقية الأحزاب مرة أخرى، والتوجّه إلى بغداد بوفد واحد يمثّل الشارع الكردي.

وأوضح عضو الجماعة الإسلامية الكردستانية، ريبوار علي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوفد ضمّ حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية والتحالف من أجل الديمقراطية، إذ من المقرّر أن يتم البحث في التحالفات السياسية للكتل الأربع مع مختلف القوى في بغداد"، مبيناً أنّ أجندة الأحزاب الأربعة "تختلف عمّا يطرحه الحزبان الرئيسيان، كونهما ينطلقان من مصالحهما"، وفقاً لقوله.

ويبلغ مجموع مقاعد الكتل الأربع 16 مقعداً، حازت عليها في الانتخابات الأخيرة، مقابل 40 مقعداً للحزبين الرئيسين في كل من أربيل والسليمانية. ويعتبر فوز أي طرف في بغداد، بالتحالف مع المقاعد الستة عشر تلك، أمراً مهماً للحصول على أريحية في السباق نحو الكتلة الكبرى بين المعسكرين في بغداد.

وحول ذلك، قال القيادي في التحالف الكردستاني، حمة أمين، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارات الأكراد إلى بغداد تتضمّن قطبي العملية السياسية في العاصمة، وهما تحالف المالكي ـ العامري وتحالف العبادي ـ الصدر"، مبيناً أنّ "فترة البيوت السياسية المغلقة شارفت على الانتهاء. فالبيت الشيعي السياسي تفكّك، كما هو حال البيت السياسي السني، والأمر الآن وصل إلى الإقليم، وباتت الكتل تذهب بوفدين إلى بغداد، بعد أن كانت ترفع شعار نختلف في الداخل، ونتوحّد في الخارج". وأوضح أمين أنّ هذا الأمر "هو ما صعّب التفاوض، لكن بشكل عام يمكن اعتبار الموضوع أمراً إيجابياً أو تغييراً نحو الأفضل بالنسبة للعراقيين ككل، رغم وجود ضغوطات إيرانية لإعادة هذا التخندق مرة أخرى".

إلى ذلك، قال القيادي في تحالف "سائرون" وسكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، إن التحالف الذي ينتمي إليه بدأ يقترب مع كتل سياسية، من الاتفاق على برنامج حكومي لإدارة البلاد، مبيناً في تصريحات صحافية، أمس الثلاثاء، أنّ "هناك اتفاقاً مع الحكمة والنصر وأغلب مكونات ائتلاف الوطنية على مبادئ برنامج حكومي والوجهة العامة للحكومة المقبلة". وأضاف أن "هذا التفاهم قد يحرّك العمل بشكل سريع تجاه الكتل الأخرى".

وبشأن الكتل الكردية، قال فهمي إنه "تمّ الحوار بشكل مطول مع الديمقراطي الكردستاني، لكن الأمر لم يكن كذلك مع الاتحاد الوطني، وقد تشهد الأيام المقبلة حواراً مماثلاً معه".

وكانت الأمم المتحدة دعت الأسبوع الماضي السياسيين العراقيين إلى التحرك بسرعة لتشكيل حكومة تكون قادرة على التغلّب على الانقسامات الطائفية، والمضي قدماً بالإصلاحات المطلوبة بشدة في مرحلة ما بعد الانتخابات التي فاز فيها تحالف يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وقد ألغت مفوضية الانتخابات العراقية الأربعاء الماضي نتائج أكثر من ألف مركز تصويت لشبهة تعرّضها لعمليات تلاعب، في وقت يسعى فيه البرلمان إلى تعديل قانون الانتخابات بحيث تلتزم مفوضية الانتخابات بإعادة العدّ والفرز يدوياً في كل المراكز الانتخابية بالعراق".