تفاصيل اتفاق الهجرة الذي توصل إليه قادة أوروبا

29 يونيو 2018
ماكرون:سيتعين علينا التأقلم مع ضغوط الهجرة (بيل سطانسال/فرانس برس)
+ الخط -

بعد ليلة طويلة من المفاوضات، توصل رؤساء دول الاتحاد الأوروبي وحكوماته إلى اتفاق حول نهج مشترك لإدارة الهجرة، وينص على مجموعة من النقاط الرئيسية. 

وفي مسألة تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد، التي تعتبر الشاغل الأول للدول الأعضاء، شدد البيان الختامي، الذي صدر في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، على أن النهج المتبع حتى الآن يؤتي ثماره، إذ انخفض عدد الوافدين بشكل غير قانوني إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 95٪ منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، مبرزا أن على الدول الأعضاء الموجودة في الخطوط الأولى لمواجهة موجات الهجرة، أي إيطاليا واليونان وإسبانيا، وإلى حد ما مالطا، ضمان السيطرة على حدودها التي تعتبر الحدود الخارجية للاتحاد، بدعم مالي ولوجستي من الاتحاد الأوروبي.

كما يسعى الأوروبيون إلى زيادة الدعم لدول منطقة الساحل الأفريقي وخفر السواحل الليبية والدولة الواقعة في شمال أفريقيا، منطقة انطلاق معظم المهاجرين، الذين يودون العبور من جنوب حوض المتوسط ​​إلى إيطاليا. 

وقد أصرّت كل من إيطاليا ومالطا على أن السفن المستأجرة من قبل المنظمات غير الحكومية لإنقاذ قوارب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط ​​عليها "احترام القوانين وعدم عرقلة عمل خفر السواحل الليبية"، وهو ما يعني بروز مخاوف جدية حول كيفية معاملة المهاجرين.

كما دعا القادة الأوروبيون المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي لـ"استكشاف إمكانيات إنشاء مراكز أو منصات لاستقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر في الدول الأفريقية"، وذلك بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، على أن تعمل هذه المنصات على الفرز بين المهاجرين الاقتصاديين عن الأشخاص الذين يمكنهم المطالبة باللجوء، دون أن يجري تحديد الدول التي ستستقبل هذه المنصات، وبأية شروط.

كما اتفق الأوروبيون على نقل المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا إلى مراكز في الدول الأعضاء على أساس طوعي، وأن هذه المراكز ستسهر هي الأخرى على عملية الفرز بين المهاجرين غير النظاميين، وأولئك الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية.

 

وفي خطوة لمواصلة العمل مع تركيا، سيعمل الاتحاد الأوروبي على إطلاق الدفعة الثانية من ثلاثة مليارات يورو تدفع لأنقرة كجزء من خطة الاتحاد وتركيا، والتي بموجبها تقوم أنقرة بمنع المهاجرين من استعمال بحر إيجه للوصول إلى اليونان. 

وفي الوقت نفسه، سيتم تحويل 500 مليون يورو إلى الصندوق الائتماني لأفريقيا، الموجه إلى البلدان الأفريقية التي يفترض أنها تقوم بالمهمة نفسها.

واعتبرت القمة الأوروبية أن الهجرة الداخلية لطالبي اللجوء، من دولة عضو إلى أخرى، "مشكلة حادة بشكل خاص"، الأمر الذي يهدد نظام اللجوء المشترك ومنطقة شنغن وحرية التنقل. 

وحذرت النمسا ومنطقة بافاريا في ألمانيا من أنهما ستغلقان حدودهما إذا استمر هؤلاء المهاجرون في الوصول من دول أعضاء أخرى، وهو الملف الذي يضعف المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ويهدد بإسقاط حكومتها، فيما اتفقت الدول الأعضاء على أنها "ستتخذ جميع التدابير التشريعية والإدارية للحد من هذه التدفقات الداخلية". بالإضافة إلى ذلك، ينتظر أن توقع ألمانيا اتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول الأعضاء لاستعادة المهاجرين. 

وكان رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، أول من قدم ردا إيجابيا على المطلب الملح لبرلين.

وقد أظهرت أزمة الهجرة لعام 2015 أنه من الضروري إصلاح نظام دبلن، الذي يضع على عاتق الدول الأولى التي تستقبل المهاجرين إدارة طلبات اللجوء وإعادة الأشخاص الذين لا يحق لهم الحصول على الحماية.

وعلى الرغم من العمل الذي أنجز حتى الآن لإصلاح النظام، فإن الملف بقي عالقا بسبب معارضة بلدان أوروبا الوسطى لاستقبال المهاجرين، حتى على أساس طوعي. 

وتطالب إيطاليا بـ"إيجاد حل وتفعيل مبدأَي المسؤولية والتضامن بين الدول الأعضاء". 

وقد اتفق قادة الاتحاد الأوروبي بشأن العمل على إصلاح نظام دبلن خلال الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي، التي ستبدأ في الأول من يوليو/ تموز المقبل. 

وسمحت القرارات المتخذة لرئيس الحكومة الإيطالية الجديد، جوزيبي كونتي، الذي كان قد عرقل صدور البيان الختامي، بأن يعتبر أن بلاده لم تعد بمفردها في مواجهة مشكلة الهجرة، وهو الملف الذي سيفرض نفسه مجددا على جدول أعمال القمة الأوروبية القادمة في أكتوبر/ تشرين الأول.

ولطالما أصرّ كل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشال، على ضرورة مراعاة جميع جوانب سياسة الهجرة: السيطرة على الحدود الخارجية، والعلاقات مع دول ثالثة، والبعد الداخلي، بدلاً من اتفاقية تقتصر على عنصر واحد من تدابير الطوارئ، مثل مراكز استقبال المهاجرين. 

وفي السياق، لم يتردد الرئيس الفرنسي في التصريح عند نهاية القمة بأنه "سيتعين على أوروبا التأقلم مع ضغوط الهجرة لوقت طويل. يجب أن ننجح في التصدي لهذا التحدي، وأن نكون صادقين في الوقت نفسه مع قيمنا".