مصر: الرقابة الإدارية تراجع خطة الوزراء الجدد

28 يونيو 2018
أعدت الهيئة تقارير حول الوزراء وعملهم (العربي الجديد)
+ الخط -
باتت هيئة الرقابة الإدارية المصرية، تتمتع بسلطات واسعة داخل الوزارات والجهاز الإداري للدولة على اختلافه خلال الفترة الماضية، حتى أصبحت صاحبة الكلمة المسموعة في ما يتعلق بالأداء الحكومي. ولم يتوقف دور الهيئة على إعداد تقارير نهائية حول استمرار المسؤولين في مناصبهم واختيار بدلاء لهم، بل تجاوز ذلك إلى ما هو أبعد، لجهة الموافقة والتصديق على خطة كل وزير في التشكيل الحكومي الجديد برئاسة مصطفى مدبولي.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر خاصة داخل إحدى المؤسسات الحكومية، عن اجتماعات عقدها مسؤولون في هيئة الرقابة الإدارية مع وزراء الحكومة الجديدة خلال الأيام الماضية، وتحديداً عقب انتهاء إجازة عيد الفطر. وقالت المصادر، إن الاجتماعات كانت مع الوزراء الجدد في الحكومة بشكل خاص، ووصلت مدة الاجتماعات على مدار بضعة أيام إلى عدة ساعات متواصلة، بعضها إلى ست أو سبع ساعات متواصلة.
وأضافت أن المسؤولين في هيئة الرقابة الإدارية فتحوا ملفات محددة خلال هذه الاجتماعات، وتقدّموا بمطالبات محددة حول التعامل مع هذه الملفات، والاهتمام ببعض الجوانب الخاصة بالإصلاح الإداري داخل الوزارة. وتابعت أن الاجتماعات مع الوزراء القدامى لم تستغرق سوى بضع ساعات، أقل كثيراً من الاجتماعات مع الوافدين الجدد على الحكومة، لوضع خطة العمل والتنسيق الكامل مع الوزراء الجدد.

وأشارت المصادر إلى أن الاجتماعات تطرقت إلى مطالبة المسؤولين في الرقابة الإدارية من الوزراء الجدد بوضع خطة عمل خاصة بوزاراتهم كل على حدة، وأوجه القصور في أداء سابقيهم من الوزراء. وأوضحت أن خطة كل وزارة ستخضع لتقييم ومناقشة من مسؤولي الرقابة الإدارية قبل عرضها على مجلس النواب في الجلسة التي تشهد مناقشة خطة الحكومة، والتي يعرضها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على نواب البرلمان.
وأبدت المصادر ذاتها، تعجبها من تحركات هيئة الرقابة الإدارية، والتي باتت المحرك الرئيسي والفعلي داخل الجهاز الإداري للدولة، والمتحكم في كل شيء، على الرغم من أن دورها الأساسي الرقابة وليس وضع الخطط وتحديد الخطوط العريضة لكل وزارة.


ووصفت هذه المصادر، الرقابة الإدارية بالحكومة الفعلية، وكأنها أداة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للتحكّم في كل الوزارات ومتابعة تنفيذ رؤيته، في ظل الثقة الكبيرة في الرقابة ورئيسها محمد عرفان، والذي كان أحد المرشحين لمنصب رئيس الوزراء خلفاً لشريف إسماعيل. واعتبرت أن الهيئة هي سيف السيسي المسلط على رقاب الوزراء والمسؤولين، وهذا في ظاهره جيد لوجود رقابة حقيقية، ولكن التدخّل في وضع الخطط، وعدم قدرة الوزراء على التحرر في اتخاذ القرارات، أمر يقتل أي إبداع أو تطوير، إذ تحافظ الهيئة على تنفيذ التعليمات فقط.

يُذكر أن السيسي كان قد وافق على تعديلات قانون هيئة الرقابة الإدارية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتنظيم عمل الهيئة، واعتبارها هيئة مستقلة تتبع لرئيس الجمهورية مباشرة. وكانت الهيئة قد وضعت تقارير خاصة بأداء كل وزير في حكومة شريف إسماعيل، لتحديد المستبعدين من الحكومة الجديدة، بناء على تقارير تتعلق بقدرة الوزير على تحقيق رؤية السيسي، وتنفيذ التعليمات والالتزام بالمهام المكلف بها، وفقاً لما نشرته "العربي الجديد" قبل التعديل الوزاري الأخير. ومن بين الوزراء الذين تم استبعادهم بناء على التقارير النهائية، وزير الصحة أحمد عماد الدين، على الرغم من أن الاتجاه داخل أركان النظام الحالي كان لاستمراره في منصبه، ولكن قبل أسبوع أو ما يزيد قليلاً عن تشكيل الحكومة الجديدة، حسمت تقارير الرقابة استبعاده.

وتعليقاً على هذا الأمر، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن دور هيئة الرقابة الإدارية يجب أن يتوقف على مراجعة المخالفات المالية والإدارية والفساد داخل كل المؤسسات الحكومية، ولكن يجب إبقاء الأمر عند هذه الحدود. وأضاف عز، في تصريحات خاصة، أن الأزمة الأساسية في دور الرقابة الإدارية وتعظيم السيسي دورها، ليس لمكافحة الفساد في الأساس، من دون إنكار كشف قضايا فساد، ولكن لتكون عين النظام على كل المؤسسات، لضمان عدم الخروج عن التوجّهات العامة التي يضعها السيسي.

ولفت عز إلى أن الرقابة الإدارية إحدى أذرع السيسي للتحكّم في مفاصل الدولة، وإذا أراد النظام الحالي مكافحة الفساد عليه أولاً مراجعة بنية التشريعات والقوانين وقواعد اختيار المسؤولين، والأهم من ذلك وقف الفساد وإهدار المال العام داخل مؤسسات هامة وحيوية، بعضها سيادي. وتساءل: "طالما السيسي يحارب الفساد، فلماذا لم يعظّم دور الجهاز المركزي للمحاسبات، في حين على العكس قام بالتنكيل برئيسه المستشار هشام جنينة وأقاله بالمخالفة للدستور من منصبه؟".