تصريحات مثيرة للجدل دفعت بوتفليقة لإقالة مدير عام الأمن الوطني

27 يونيو 2018
كان الظهور الأخير لهامل في حملة تبرع بالدم (تويتر)
+ الخط -
لم تمض إلا ساعات على تصريحات غير محسوبة للمدير العام للأمن الوطني في الجزائر، عبد الغني هامل، حتى كان قرار إقالته جاهزا في الرئاسة، التي لم تهضم خروج المسؤول عن الجهاز الأمني عن واجب التحفظ، ومهاجمته الجهة الأمنية التي تعهدت بالتحقيق في قضية محاولة بارون المخدرات، كمال شيخي، تهريب 701 كيلوغرام من الكوكايين بميناء وهران نهاية الشهر الماضي.


وبدا مدير عام جهاز الأمن الجزائري اللواء هامل، يوم الثلاثاء، في آخر نشاط له خلال إشرافه على حملة التبرع بالدم، منزعجاً بشدة من الزج باسمه في تقارير صحافية، بناء على تسريبات تحدثت عن تورط سائقه الخاص في علاقات مشبوهة مع بارون الكوكايين، لكن هامل لم يتحكم

في نفسه وتحدث عن تجاوزات شابت التحقيق في قضية الكوكايين، قائلاً "أقولها بكل صراحة إنه في التحقيق الابتدائي كانت هناك تجاوزات واختراقات، ولكن الحمد لله القضاة كانوا بالمرصاد وحسموا الأمور ولم يتركوها تتميع".

وذهب هامل إلى أبعد من ذلك حين لمّح الى أن قيادة الجهة التي تتعهد بالتحقيق في القضية ليست كاملة النظافة من الفساد، وقال "المؤسسة الشرطية عازمة على مواصلة عملها وعازمة على محاربة الفاسد، ونقول إن من يحارب الفساد لا بد أن يكون نظيفاً"، وفُهم هذا الكلام لدى الرأي العام بأنه موجه ضد قائد أركان الجيش، الفريق قايد صالح، الذي يتبعه جهاز الدرك أيضا، والذي تحاول بعض الأطراف توجيه شبهات فساد إلى نجله، أو ضد قائد جهاز المخابرات، بشير طرطاق، الذي توجه إليه انتقادات حول ماضيه ودوره خلال الأزمة الأمنية.

وذكر هامل أن "القضية في التحقيق لدى العدالة ووزير العدل تكلم عنها مطولا ولدينا ثقة كبيرة بالعدالة ونزاهة القضاة والاحترافية في القضاء، وثقة بالتواصل الموجود مع المؤسسة الشرطية".

لكن التصريح الذي قد يكون أثار حفيظة الرئاسة هو ذلك الذي قال فيه هامل "أقول حتى لو كانت مؤسسة الشرطة لم تكن معنية مباشرة بالتحقيق، فكل الملفات التي بحوزتنا وتخص هذه القضية سوف نقدمها للعدالة"، وقال أيضاً "أكرر أن ثقتنا كبيرة في العدالة، ولا توقف في المؤسسة أمور كهذه، لأن المؤسسة عازمة على أن تبقى تحت تصرف العدالة وتبقى تعمل لصالح المواطن والمجتمع، ولا يمكن إيقاف المؤسسة لا بادعاءات ولا بالتخويف ولا بالتلاعب ببعض الأمور ونحن صامدون وباقون على عهدنا"، وهو ما يستنتج منه وجود صراع حاد بين جهاز الشرطة وجهة ما تستخدم التخويف ضده.


وسبب هذه التصريحات الحادة للهامل ما ذكر في تقارير صحافية، منذ الخيمس الماضي، حول أن سائق المدير العام للأمن الوطني ذو صلة ببارون الكوكايين، ما دفع بمديرية الأمن إلى نشر توضيح نفت فيه أن يكون المعني بالأمر سائقه الشخصي، وأفادت بأن السائق المتورط منتسب إليها وتابع لمصالح حظيرة السيارات للمديرية العامة للأمن الوطني، وذكرت أن "هذه إشاعات مصدرها أشخاص لهم أغراض معينة هدفها البلبلة".

وشهدت قضية الـ701 كيلوغرام كوكايين التي تم إحباط تهريبها في 26 مايو/ أيار الماضي ضمن شحنة لحوم مجمدة قادمة من البرازيل، توقيف أكثر من 30 شخصا لهم صلة ببارون الكوكائين حتى الآن، بينهم مسؤولون في دوائر حكومية وقضاة وموظفون في جهاز الأمن.

وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد قرر، مساء الثلاثاء، إنهاء مهام اللواء عبد الغني هامل وتعيين مدير الدفاع المدني مصطفى لهبيري خلفاً له، إذ كان الأخير قد شغل نفس المنصب في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين في السبعينيات، ومن اللافت أن اسم هامل كان قد تردد في عدة تقارير، إذ طرح ضمن قائمة أولية لأسماء الشخصيات المفترضة لخلافة الرئيس بوتفليقة.

وفي وقت سابق أبدت الرئاسة الجزائرية انزعاجاً لافتاً من رفع هامل لمستوى التشريفات البروتوكولية خلال زياراته الميدانية وفي المطار الدولي لدى مغادرته الجزائر أو عودته منها إلى المشاركات في محافل دولية.

 حتى الآن