وبحسب الوزير العراقي، وهو أحد الوزراء الذين أخفقوا في الفوز بالانتخابات الأخيرة، فإن "كتلا سياسية عراقية تضغط باتجاه تسوية سياسية تنهي ملف الطعن بنزاهة الانتخابات والمضي نحو تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة"، مشيراً إلى أن "التسوية تجعل الحديث عن إلغاء الانتخابات من الماضي والتوافق في ما بينها على نسبة عد وفرز معينة من أصوات الناخبين، بين 10 و25 في المائة، مع إلغاء أصوات النازحين وعراقيي المهجر وإحالة أعضاء داخل مفوضية الانتخابات إلى القضاء بتهمة التلاعب والفساد بصفقة شراء أجهزة العد والتحقق الإلكتروني". وأكد أن "تحالفات سائرون والفتح والحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد الكردستاني أبرز رعاة المشروع، إلى جانب تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم". وتابع الوزير العراقي أن "كتلاً سياسية وصلت إلى تفاهمات متقدمة حول الموضوع، وحالياً هناك ضغط كبير على القضاء العراقي حيال ذلك، وبالتحديد المحكمة الاتحادية، التي يرأسها القاضي مدحت المحمود، المتهم بالميل السياسي إلى جناح حزب الدعوة الإسلامي، بزعامة نوري المالكي".
وحول موقف المالكي الداعي إلى العد والفرز الشاملَين، أكد الوزير أنه "سيتغير بسبب تبني إيران أصلاً هذه التسوية الهادفة إلى المضي سريعاً بعقد الجلسة الأولى للبرلمان في يوليو/تموز المقبل". ولفت إلى أن "الأمم المتحدة مؤيدة عدم إلغاء الانتخابات ومع إجراء تحقيق في الدوائر الانتخابية التي تشوبها عمليات فساد وتلاعب من باب الخوف على استقرار العراق الأمني بسبب هشاشة الوضع في مدن مختلفة بالعراق وإمكانية تردي الأمر أكثر في حال ألغيت الانتخابات فعلياً". من جانبه، قال عضو بارز في تحالف "النصر" الانتخابي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن التسوية لملف نزاهة الانتخابات بدأت فعلياً بعد تجاوز عقدة جمع قطبي التحالف الجديد، بين "سائرون"، الذي يتزعّمه رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر، و"الفتح"، التابع لمليشيا "الحشد الشعبي"، بزعامة هادي العامري، في اصطفاف واحد. وأوضح أن "الكتل السياسية التي انضوت ضمن الكتلة الأكبر، والأخرى التي يرتقب دخولها ضمن هذه الكتلة، لا تريد تغييراً بنتائج الانتخابات، لأن ذلك يتسبب بأزمات تعرقل تشكيل الحكومة، التي يفترض ألا تتأخر". وأضاف أنّ "قادة تلك الكتل يمارسون ضغوطاً على المحكمة الاتحادية والقضاة الذين يتابعون قضية إعادة العد والفرز، ما اضطر الكثير منهم لإغلاق هواتفهم وتغيير أماكن إقامتهم خلال الأيام الماضية لتجنب الضغط عليهم". وتوقع العضو في كتلة العبادي أن ينتهي "العد والفرز بتغيير بسيط لا يقلب موازين الكتل الفائزة والخاسرة، بل سيضيف مقعداً هنا وآخر هناك، ويلغي مقعداً لقائمة ومقعدين لأخرى وهكذا، بحيث يكون التغيير بسيطاً لا يتسبب بأزمة جديدة". وأكد أنّ "هذه التفاهمات مستمرة حتى خلال فترة العيد، إذ إنّ هذه الأزمة مصيرية وتتطلب حلولاً سياسية".
بدوره، قال النائب عن الجماعة الإسلامية الكردستانية، أحمد حمه، لـ"العربي الجديد": "نعول على مجلس القضاء الأعلى، ولو بجزء بسيط من النتائج التي تم تزويرها في الانتخابات". وأضاف: "اليوم لا تمكن إعادة كل الأصوات التي سلبت بالتزوير، بل يمكن تصحيح جزء من النتائج وبالتالي تصحيح مسار العملية الانتخابية نسبياً". وتابع أنّ "الضغوط التي تمارس على السلطة القضائية، هي ضغوط كبيرة، وهناك جهات تدفع باتجاه توقيف عمل الهيئة القضائية". واعتبر حمه أنّ "تلك الضغوط تجاوزت مرحلة الضغوط الداخلية إلى مرحلة الضغوط الإقليمية والدولية". وأكد أنه "مع تلك الضغوط، لا يمكن إجراء إعادة نزيهة للانتخابات، بل قد تكون بنسب معينة وبسيطة"، مضيفاً: "نحن في واقع اختلطت فيه السياسة بالقضاء، ولا تمكن تلبية ما يراد في ظرف وبلد كالعراق غير المستقر، الذي اختلط كل شيء فيه".
وتعول كتل سياسية على نتائج عملية العد والفرز الجديدة، مستغربين تأخر الشروع بها حتى الآن. وقال القيادي في تحالف "القرار"، النائب أحمد المساري، في بيان، إنّنا "نستغرب ما نسمع به من أصوات تقف بالضد من تعديل قانون الانتخابات وتنفيذ إعادة العد والفرز". وأكد أنّ "تلك الأصوات هي أصوات المستفيدين من التزوير"، داعياً مجلس القضاء الأعلى إلى "الإسراع بالعد والفرز من أجل قطع الطريق أمام المزورين والفاسدين، الذين يحاولون تمرير تزويرهم والمضي بنتائج الانتخابات المزورة". يشار إلى أنّ مراقبين حذروا من خطورة تداعيات أزمة الانتخابات، وما سيرافقها من نتائج على البلاد، في وقت يشعر فيه القضاء العراقي بالحرج، متردداً في اتخاذ قراراته وداعياً إلى تسويات سياسية للأزمات. وقال رئيس لجنة تقصي الحقائق، وهي لجنة مشكلة من البرلمان للنظر بقضية تزوير الانتخابات، عادل النوري، لـ"العربي الجديد"، إن أي تسوية سياسية كانت غير مقبولة، فالبرلمان سن قانوناً صريحاً بإعادة العد والفرز اليدوي بنسبة مائة في المائة، والقانون الآن في طور التنفيذ، وهناك هيئة قضائية تم تعيينها من 18 قاضياً، وبعد العيد سيدخلون المخازن لبدء العد والفرز اليدوي". وحذر من أن "أي ضغوط على القضاء ستدخلنا في نفق لا نهاية له". وأوضح القيادي في تحالف "الوطنية"، عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، أنه في حال حدوث ذلك فإنه ستتم الدعوة لتظاهرات واسعة بكل المدن العراقية، كون الموضوع خطيراً ولا يمكن السكوت عنه أكثر. وتابع: "رئيس دائرة المفوضين بنفسه اعترف بوجود 800 ألف صوت انتخابي مزورة في بغداد وحدها، فكيف يمكننا السكوت. أعتقد أن الأيام المقبلة في العراق ستكون حاسمة سياسياً".
وأوضح الخبير القانوني، علي الربيعي، دور القضاء في هذا الأمر تحديداً، بالقول إن "المحكمة الاتحادية من الممكن أن تطعن بقانون البرلمان وتعتبره باطلاً ضمن مادة دستورية واضحة، وهي المادة 38، التي تمنع مصادرة صوت أي مواطن عراقي في الانتخابات. لذا، فإنها قد تتجه إما إلى النطق بحكم رد القانون أو الحكم بالتحقيق في الشكاوى الحمراء الواردة من بغداد والمحافظات". ولفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تجارب سابقة أثبتت إمكانية خضوع القضاء للضغوط، كما حصل في العام 2010 في أزمة الكتلة الأكبر وفوز إياد علاوي بالانتخابات أو ملف سقوط الموصل في العام 2014 وتجميده للتحقيق فيه".