لا تتوقع المعارضة السورية أن تقدم الولايات المتحدة الأميركية على توجيه ضربات ضد نظام بشار الأسد يمكن أن تؤدي إلى تقويضه، ولكنها ترى أن تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب برد سريع وقوي على الهجوم الكيميائي الذي شنّه النظام على مدينة دوما، شرقي دمشق، وراح ضحيته أكثر من 100 مدني، يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الموقف الروسي في سورية.
وعقد مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الاثنين، جلسة خصصت لمناقشة الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة دوما في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، ولكنه لم يخرج بقرار يدفع باتجاه محاسبة المسؤولين عن المجزرة، وهو ما تسبب بإحباط جديد لدى الشارع السوري المعارض الذي يترقب ردة فعل واشنطن إزاء المجزرة.
وعلّق يحيى العريضي، المتحدث باسم هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، على جلسة مجلس الأمن بالقول إن "درجة الحرج عند الجميع وصلت إلى حدها النهائي"، قائلاً لـ"العربي الجديد": "إما أن تفرط المنظمة الدولية أو يحدث شيء".
وأعرب العريضي عن اعتقاده بأن "أميركا وفرنسا وبريطانيا لن تتمكن من فعل شيء"، مضيفاً "إن حدث ولَم تفعل شيئاً، ستجد التجاوزات في عقر دارها، وبوادرها حدثت في بريطانيا"، في إشارة منه إلى حادثة تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال، في بريطانيا.
كما وصف العريضي جلسة مجلس الأمن الدولي بـ"المسرحية الممجوجة التي يلوّنها الحضور البوتيني الأسدي بأحقر ما شهدته البشرية من غوبلزية جديدة تهذر باسم عصابات تعتدي على البشرية بلا قيم أو أخلاق"، وفق قوله.
بدوره، استبعد المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن تكون الضربة الأميركية المتوقعة "قاصمة للنظام"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "قد تكون هنالك ضربات تستهدف بعض مفاصل القوة العسكرية الجوية، تؤدي إلى إضعاف قدرة النظام على الاستمرار في عملية التدمير من أجل إحراج روسيا وإظهارها كقوة وحيدة تستخدم الطيران ضد الشعب السوري، وبالتالي تحميلها مسؤولية المجازر والدمار مستقبلاً".
وقال "ربما تؤدي الضربة المتوقعة، إن حصلت، إلى إضعاف الموقف الروسي في سورية، ما سيؤدي إلى دفع روسيا للانغماس أكثر في المستنقع السوري، وهذا ما تريده أميركا والغرب. بكل الأحوال وبناء على المواقف الأميركية السابقة، لم يعد أحد يستطيع التكهن بما سيحدث، لأن المواقف الأميركية أخيرا ليست واضحة".
من جهته، قال العقيد فاتح حسون، رئيس اللجنة العسكرية في وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات أستانة، لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن الضربات ستقوم بها عدة دول ولن تتفرد بها الولايات المتحدة فقط"، لافتاً إلى أن تأخير تنفيذها يدل على وجود تخطيط دولي مشترك حولها.
وأضاف "وفق التصعيد السياسي الظاهر في تصريحات أميركا وفرنسا وبريطانيا ومطالبة الاتحاد الأوروبي بالرد القاسي، يبدو أن الضربات ستكون مركزة وكثيفة".
وتوقع حسون أن تستهدف الضربات المتوقعة "مواقع عسكرية حيوية دون الاقتصار على المطارات وألوية الدفاع الجوي"، مضيفا "لكن التحدي الأكبر الذي يواجه مثل هذا القرار هو الوجود العسكري الروسي في معظم المنشآت الحيوية التابعة للنظام".
وأشار إلى أن الروس "عملوا على ذلك كطريقة لتجنيبها مثل هذه الهجمات الدولية"، متابعا "يبدو أنه توجد مشاورات مع روسيا لاستبعاد قواتها من منشآت ومناطق محددة".
وأعرب عن قناعته بأن الضربات المتوقعة إذا كانت كضربة مطار الشعيرات في العام الماضي "فلن تكون على مستوى التصريحات السياسية ولا مستوى الحدث"، ورأى أن هذا سيسبب الإحراج للدول المتصدرة، والتي تحاول الاستفادة من ذلك بتوجيه رسالة انتقامية قوية لروسيا إثر حادثة الجاسوس المزدوج.
وحول التأثير المتوقع للضربات، وعما إذا كانت ستلعب دورا في تقوية الأسد، قال حسون "في حال عدم فعالية تأثير الضربات فهي لن تقوي نظام المجرم بشار الأسد، كون التكاتف الدولي أصبح واضحا حوله ويأخذ منحى عسكريا، وقد تكون خطوة باتجاه خطوات أخرى لاحقة بعيدا عن مجلس الأمن الذي يعطله الفيتو الروسي".