ساركوزي سيستأنف حكم المراقبة القضائية بتهمة التمويل الليبي

23 مارس 2018
وصف ساركوزي القضية بـ"الافتراء" (جيفري فان دير هاسيل/فرانس برس)
+ الخط -
أعلن تياري هيرزوغ محامي نيكولا ساركوزي، لإذاعة "آر تي إل"، اليوم الجمعة، أنّ الرئيس الفرنسي الأسبق الذي وُجّهت إليه اتهامات، الأربعاء، في قضية شبهات بالحصول على تمويل ليبي لحملته للانتخابات الرئاسية في 2007، سيقدّم طلب استئناف حول المراقبة القضائية المفروضة عليه، وفق ما أوردت "فرانس برس".

وتمنع هذه المراقبة القضائية، ساركوزي، من الاجتماع بالأطراف التسعة في هذه القضية، بمن فيهم اثنان من المقرّبين إليه: كلود غيان، وبريس أورتوفو، اللذان كانا وزيرين إبان رئاسته التي استمرت من 2007 إلى 2012، وكذلك الرئيس الأسبق للاستخبارات الداخلية برنار سكارسيني، وأيضاً الوسيط أحمد الجوهري (المعروف بألكسندر).

كما تمنعه من التوجّه إلى ليبيا ومصر وتونس وجنوب أفريقيا.

وكان الرئيس الفرنسي الأسبق، قد وصف هذه القضية بـ"الافتراء"، وقال، في إفادته أمام القضاة، إن الاتهام لا يستند إلى دليل مادي.

ووجهت إلى ساركوزي البالغ من العمر 63 عاماً، مساء الأربعاء، تهم "الإفساد"، و"مخالفة القانون في تمويل حملة انتخابية".

إلى ذلك اعترف أحمد قذاف الدم، المسؤول السياسي في "جبهة النضال الوطني" الليبية، بأنّه علم من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، أنّ ليبيا قدمت الدعم لساركوزي، لضمان بقائه كحليف استراتيجي لبلاده.

وقال قذاف الدم، في تصريحات إعلامية، إنّه علم من الزعيم الليبي الراحل، ومسؤولين آخرين (لم يسمّهم) بمسألة دعم طرابلس للرئيس الفرنسي بالأموال، مضيفاً "وهذا أمر مؤكد".

وفي رد منه على سؤال حول المبالغ التي قدّمتها ليبيا لساركوزي، قال قذاف الدم: "لم أسمع حديثاً عن مبالغ، كل ما أعرفه أننا قدمنا الدعم له (ساركوزي) لأنّه كان حليفاً لنا".

وأوضح "في تلك الفترة كان القذافي يسعى لتأسيس ما يسمى بالولايات المتحدة الأفريقية، لذلك كان لا بد أن يكون لنا صديق مقرّب في الإليزيه، من أجل هذه القضية الهامة والإستراتيجية".

وإذا كان الرئيس الفرنسي الأسبق قد استُدعي مرات عديدة من قبل محققين وقضاة في قضايا عديدة، إلا أنّها المرة الأولى التي يُستدعى فيها في قضية تمويل حملته الانتخابية عام 2007.

وتجدر الإشارة إلى أنّ القضاء الفرنسي يحقّق في هذه القضية منذ إبريل/نيسان 2013، وتصدى لها قضاة عديدون في الشرطة المالية في باريس.

ساركوزي يتكلّم

وأطل ساركوزي، أمس الخميس، عبر شاشة القناة الأولى، "من أجل أن أقول الحقيقة للفرنسيين الذين لم أخُن أبداً ثقتهم"، كما قال، بعد الاتهامات الأخيرة، ومنها التهمة غير المسبوقة في تاريخ كل جمهوريات فرنسا، وهي "استخدام أموال قادمة من بلد أجنبي في حملة انتخابية فرنسية".

واستغرب ساركوزي، القرار القضائي الذي يمنعه من أي اتصال بمساعديه، لا سيما غيان وأورتوفو، والوسيط زياد تقي الدين، خاصة وأنّ القضاء لم يفعل ذلك طيلة خمس سنوات من التحقيق.

ولم يتوقف ساركوزي، عن اتهام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وأركان حكمه، وخاصة عائلته المقربة، ابنه وصهره، في كونهم وراء ما يحدث له، الآن، كما لم يتورّع، عن اتهام الإعلامي إيدوي بلونيل وموقع "ميديا بارت"، بأنّه "متآمر ضده مع العصابة الليبية".

وكان موقع "ميديا بارت"، نشر عام 2006 خبراً عن تلقي حملة ساركوزي مبلغ 50 مليون يورو، وهو ما دفع ساركوزي لتقديم شكوى، أدت إلى بدء تحقيق قضائي مفتوح. وفي محاولة منه للحصول على تعاطف شعبي، شدّد على أن المستهدَف من كل ما يجري، الآن "هي فرنسا، والوظيفة الرئاسية".

واستعان الرئيس الأسبق، بالعديد من الوثائق والملاحظات، وقدّم تفاصيل دقيقة للبرهنة على "استحالة وجود دليل مادي"، على الأموال التي يتهم بالحصول عليها، وتمويل حملته الانتخابية.


وفي رسالة غير مباشرة إلى سيف الإسلام القذافي، الذي وصفه، خلال اللقاء المتلفز، بأوصاف نابية، تساءل ساركوزي عن الأدلة والبراهين التي هدّد ابن القذافي، يوماً، بكشفها، قبل أن يجيب بأنّها غير موجودة، و"إلا لكان القضاة الفرنسيون قد اكتشفوها".

كما لم يتوقّف ساركوزي، عن تذكير الفرنسيين، بـ"إنجازه الكبير" في تكوين تحالف دولي ضد النظام الليبي، مضيفاً "لقد قدت تحالفاً دولياً ضد القذافي، الذي أسالَ أنهاراً من الدماء".

وفي إصرار على براءته، تساءَل في مرارة: "من كان سيتنبّأ لي يوماً بمتاعب من جرّاء القذافي؟".

وفي اندفاعة ساركوزي، التي دافع فيها عن مساعديه، غيان وأورتوفو، باعتبارهما "أبرياء حتى يقول القضاء كلمته" وجه الاتهام، وراء محنته، إلى موقع "ميديا بارت" الإخباري المستقل، وخاصة مديره إيدوي بلونيل، وعاب عليه علاقاته مع "أناس لا تجوز مصاحبتهم"، كأستاذ العلوم الإسلامية في جامعة أكسفورد طارق رمضان.

علماً أنّ رمضان، السويسري الجنسية والمحتجز في فرنسا، منذ نهاية يناير/كانون الثاني 2018، بدعوى اغتصاب بحقه، هو بريء في نظر القانون، حتى يثبت العكس.


وأصرّ ساركوزي، على إبراز وثيقة نشرها "ميديا بارت" عام 2012، وتظهر تمويلاً ليبياً لحملته، وقال إنّ العدالة كشفت زيفها، فيما كان بلونيل رفض ذلك، مصراً على أنّ الوثيقة صحيحة باعتراف قضاة التحقيق.

كما أصرّ ساركوزي الذي اتهم "القذافي وعصابته بكل المآسي التي أعيشها"، بأنّه سيخرح من هذه القضية بريئاً.

يُذكر أنّها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الرئيس الفرنسي الأسبق قضاة ماليين. فقد سبق أن أُحيل ساركوزي في قضية ما يعرف بـ"بيغماليون" (كشفتها مجلة لوبان الفرنسية) إلى محكمة الجنح بتهمة تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية، كما وُجهت إليه تُهَم الرشوة والمتاجرة بالنفوذ والتستر على الإخلال بالسريّة المهنية في ملف "بول بيسموث".