مناورة "حزب الدعوة" للبقاء في السلطة: اتفاق سري بين العبادي والمالكي

25 فبراير 2018
المالكي استقطب قيادات وأحزابا ناقمة على العبادي(علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أن أعلن في العراق عن جميع التحالفات السياسية التي تنوي المشاركة في الانتخابات البرلمانية، المقرر أن تجرى في 12 مايو/أيار المقبل، وانشطار "حزب الدعوة" الحاكم إلى تحالفين، الأول سمي "النصر"، ويقوده رئيس الوزراء، حيدر العبادي، والثاني بزعامة نائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، بمسمى "ائتلاف دولة القانون"، تتسرب أنباء عن وجود اتفاق سري بين العبادي والمالكي لتشكيل تحالف واسع بعد الانتخابات، يضمن بقاء منصب رئاسة الوزراء في خزانة "الدعوة" الذي يستحوذ عليه منذ 13 سنة.

النائب العراقي، علي العلاق، أول من تحدث عن هذا الاتفاق بشكل صريح، حين أكد أن "حزب الدعوة" قرر دخول جميع قياداته في تحالف واحد بعد الانتخابات، من أجل تشكيل الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً. وأشار إلى أن تحالفي "النصر" و"ائتلاف دولة القانون" سيلتحمان في كتلة برلمانية واحدة كبيرة، مبيناً، خلال مقابلة متلفزة، أن هذا الاتفاق تم بموافقة الحزب، ووقع العبادي والمالكي عليه. وأضاف أن "الاتفاق تم بتوقيع شخصي من العبادي والمالكي على ورقة"، موضحاً أن قيادات "الدعوة" التي كانت حاضرة وقعت أيضاً على الاتفاق.

وعلى الرغم من أهمية الاتفاق، إلا أنه تم بشكل سري ولم يعلن في وسائل الإعلام، ما يعتبر تهرباً من الإحراج الذي قد يتسبب به الاتفاق للعبادي والمالكي أمام المتحالفين معهما، بحسب عضو في "التحالف الوطني"، مقرب من "الدعوة"، أكد، لـ"العربي الجديد"، أن العبادي لا يريد أن يخسر حلفاءه الذين دخلوا في قائمته نكاية بالمالكي، وكذلك الحال بالأخير الذي استقطب قيادات وأحزابا شيعية ناقمة على حكومة العبادي. وأشار إلى أن الاتفاق تضمن عدة نقاط، أبرزها موافقة الطرفين على تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي بعد الانتخابات، لضمان الحصول على منصب رئيس الوزراء، موضحاً أن "حزب الدعوة" يبذل جهوداً مكثفة للحيلولة دون خروج رئاسة الحكومة المقبلة من سيطرته. ولفت إلى أن الاتفاق تم بعد دخول أطراف عدة على خط الوساطة، بينهم مسؤولون إيرانيون ورجال دين وقيادات في "حزب الدعوة". وتوقع أن يضر انكشاف هذا الاتفاق كثيراً بقائمة العبادي الانتخابية، التي ضمت عدداً غير قليل من الأحزاب والشخصيات العلمانية والسنية التي دخلت قائمته كمكافأة له لابتعاده، خلال سنوات حكمه، عن نهج المالكي.


يشار إلى أن الكشف عن الاتفاق بين العبادي والمالكي جاء بعد أيام على زيارة قام بها مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، إلى العراق، في زيارة وصفت بأنها محاولة للملمة شتات الحلفاء الذين فرقتهم التحالفات الانتخابية. وكان ولايتي زار بغداد، في 16 فبراير/شباط الحالي، بعد أن وصلت الخلافات بين قوى "التحالف الوطني" في ما يتعلق بالتحالفات الانتخابية إلى طريق مسدود. وكانت قيادات في "التحالف" أكدت، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق أن مستشار المرشد الإيراني جاء ليلعب دور الوسيط وتقديم النصح من أجل أن تحافظ القوى الشيعية على مكسب السنوات الماضية المتمثل بمنصب رئيس الوزراء.

وفي المقابل، رفض القيادي في "ائتلاف متحدون"، محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، زيارة ولايتي إلى بغداد، معتبراً ذلك تدخلاً في الشأن العراقي. وانتقد تصريحات لولايتي تحدث فيها عن سيطرة إيران على الوضع العراقي، مؤكداً، في تصريح نشره على صفحته على "فيسبوك"، أن هذه التصريحات لم تكن اعتباطية ولا متسرعة كما يصفها البعض، لافتاً إلى أنها تمثل رسالة واضحة بأن حلفاء إيران في العراق يسحبون البلاد إلى الطرف الإيراني. وأشار إلى أن التحالفات، المقربة من إيران، تمكنت للمرة الأولى من استقطاب عدد غير قليل من المرشحين في المناطق السنية. وهذا ما حذر منه عضو "تحالف القوى"، محمد عبدالله، الذي أكد أن تحالف "النصر"، بزعامة العبادي، تمكن من استقطاب قيادات وأحزاب سنية بارزة لها ثقل كبير في المحافظات الشمالية والغربية، مثل الأنبار وصلاح الدين ونينوى، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أن دخول هؤلاء في قائمة العبادي جاء على أساس تخليه عن التحالف مع المالكي. وأضاف "لكن الأصوات التي سيحصل عليها عدد غير قليل من المرشحين في المحافظات الشمالية والغربية ستذهب إلى تحالف يضم المالكي، الذي يمتلك تاريخاً سلبياً حيال هذه المحافظات"، محذراً من لعبة كبيرة يقوم بها "حزب الدعوة" للتمسك بالسلطة.

وفي السياق، أكد مستشار المالكي، عباس الموسوي، أن أي اتفاق جديد يجب أن يتضمن مشروع الأغلبية السياسية الذي طرحه المالكي في وقت سابق، موضحاً، في بيان، أن هذا المشروع هو الذي سيفتح آفاق تشكيل التحالفات في المرحلة المقبلة، مشدداً على ضرورة إنهاء المحاصصة التي دمرت البلاد. ورفض المحاصصة، التي تسميها بعض القوى السياسية بـ"التوافق"، والحديث عن حكومة أغلبية سياسية أمور تمثل مقدمات واضحة لانفراد القوى الشيعية بتشكيل كتلة برلمانية كبيرة تكون قادرة على الظفر بمنصب رئاسة الوزراء من دون الحاجة إلى الأكراد والسنة، كما حدث عند تشكيل الحكومات السابقة، بحسب المحلل السياسي، حسان العيداني، الذي أكد، لـ"العربي الجديد"، أن دخول "حزب الدعوة" الانتخابات بقائمتين، ثم الالتئام بعد الانتخابات، يمثل تكتيكاً جديداً للوصول إلى رئاسة الحكومة المقبلة. وأشار إلى أن هذه الخطة تمكن الحزب من استقطاب جمهور واسع، لا سيما مع وجود شعبية لا بأس بها لرئيس الوزراء، حيدر العبادي، في المدن المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، والتي كانت في السنوات الماضية مقفلة على الأحزاب السنية.