الشروط العراقية لفتح مطارات كردستان: الأزمة تعود لنقطة البداية

23 فبراير 2018
مطار أربيل مقفل أمام الرحلات الخارجية (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -


بعد الأنباء التي تحدثت عن موافقة الحكومة العراقية على فتح مطارات إقليم كردستان، وتداول وسائل إعلام محلية خلال اليومين الماضيين تصريحات لبرلمانيين ومسؤولين عراقيين بهذا الشأن، أنهى رئيس الوزراء حيدر العبادي تشظي الخطابات، بتأكيده عدم موافقته على فتح المنافذ الجوية لأربيل والسليمانية والسفر إلى الخارج، إلا بضمان وجود السلطة الاتحادية داخل المطارات، وهو ما اعتُبر عودة إلى نقطة البداية في الأزمة بين بغداد وأربيل، وانتظار تحريك الأزمة من قبل أربيل مرة أخرى نحو الحل.

وقال العبادي، في مؤتمره الأسبوعي الذي عقده الثلاثاء الماضي، إن "الرحلات الخارجية في مطارات إقليم كردستان ستُفتح عندما تتحقق كافة مطالب الحكومة الاتحادية، وأربيل أبدت استعداداً كاملاً للموافقة على وجود قوة أمنية اتحادية في المطارات"، مؤكداً أن "الحكومة ماضية ببسط السلطة الاتحادية على كل أراضي العراق". وأضاف العبادي أن "الرحلات الداخلية مفتوحة مع منطقة كردستان، وفي كل العالم المنافذ الحدودية بيد الحكومات الاتحادية". يشار إلى أن الحكومة العراقية كانت قد قررت إغلاق مطارات ومنافذ إقليم كردستان، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، على خلفية استفتاء الانفصال عن العراق الذي أجري في الشهر ذاته.

وقال مسؤول عراقي رفيع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن الموقف الحالي في بغداد هو انتظار ترجمة الأكراد لوعودهم وتعهداتهم، وعندما يحصل ذلك ستُفتح المطارات خلال 24 ساعة. وأضاف أن "الساسة الأكراد في أربيل يحاولون المناورة مع رئيس الوزراء، فهم وافقوا أكثر من مرة على دخول قوات من بغداد للإشراف على عمل المطارات، ووافقوا أيضاً على الشيء نفسه بالنسبة للمعابر الحدودية مع تركيا وإيران، لكن لم يحدث شيء على الأرض، وهناك أصلاً خلافات بين أسرة البارزاني حيال الأزمة التي أدخلوا أنفسهم بها".

وأكد السياسي نفسه أن "محاولات إغراء العبادي من قبل الأكراد من بوابة الانتخابات لم تنجح مع الأخير، والمطارات ستبقى مغلقة إلى حين إرسال أربيل برقية تفيد بأنها مستعدة لاستقبال القوات العراقية لتسلم مسؤولية المنافذ الدولية وفقاً للدستور"، مشيراً إلى أن "حل هذا الموضوع لا يعني حل الأزمة ككل، فهناك شرط أساسي هو إعلان الإقليم رسمياً إلغاء نتائج الاستفتاء".


في المقابل، رأت النائبة في البرلمان العراقي عن الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، بزعامة مسعود بارزاني، أشواق الجاف، أن العبادي مصابٌ بـ"داء العظمة"، معتبرة أن "رئيس الحكومة يقفز على الدستور ولا يمثله، بل إنه يطالب الآخرين بتطبيق القانون والنظام المحلي الخاضع للدستور، وهو لا يطبقه ولا يفقه منه شيئاً". وقالت الجاف، لـ"العربي الجديد"، إن "العبادي بعدم موافقته على فتح مطارات كردستان، يحاول كسر إرادة الشعب الكردي ومحاصرة طموحه واقتصاده، وهو بهذا الاعتقاد واهم"، مشيرة إلى أنه "الخاسر الأكبر من سياساته الداخلية والخارجية، فقد انتهت مرحلته وانسحبت من تحالفه الكتل السياسية والأحزاب بعد أن اعتقدت أنه رجل المرحلة، لكن تعامله بهذا التعنّت مع القضية الكردية جعله وحيداً في نهاية المطاف".

يُذكر أن المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزيي، كان قد أكد في 15 فبراير/شباط الحالي، أن الإقليم لبّى شروط الحكومة الاتحادية بما يخص إدارة المطارات، موضحاً أن "حكومة الإقليم ليس لها أي مانع في إخضاع مطاري أربيل والسليمانية لسيطرة ومراقبة هيئة الطيران المدني".

من جهته، أكد البرلماني العراقي والقيادي في تحالف "الفتح" عامر الفايز، أن "الحكومة العراقية لن تسمح بفتح مطارات كردستان إلا بعد إعلان الأخيرة رسمياً إلغاء نتائج الاستفتاء، والدخول بحوار جاد وقانوني مع بغداد، لحل المشاكل العالقة"، معتبراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "سياسة التعنّت الكردية، تجبر العبادي على اتخاذ مواقف صارمة مع الأكراد". وأضاف: "على الأكراد أن يقدموا مصلحة شعبهم والرجوع إلى الدستور، حتى يتم التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين على إدارة مطارات محافظات شمال العراق".

وعلى الرغم من اللقاءات الكثيرة التي جمعت بين وفود كردية زارت بغداد، للوقوف على أبرز المشاكل، ومحاولة لملمتها، استغربت القيادية في "الاتحاد الوطني الكردستاني"، آلاء طالباني، عدم التوصل إلى حل، موضحة أن "طرفي الأزمة، أي بغداد وكردستان، وبعد كل اجتماع يخرجان ليؤكدا أن اللقاءات بينهما إيجابية، لكن الحقيقة تقول عكس ذلك تماماً، فما تزال المشاكل نفسها ولا جديد سوى التصريحات والمؤتمرات المتشنجة".
وقالت طالباني، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الحالي شائك وعصي على الانفراج، وليس هناك أي تقدّم إيجابي لحل المشاكل لا سيما قضيتي رواتب موظفي كردستان ومطاراتها"، مشيرة إلى أنها "لا تعرف سر ركود الطرفين وعدم التواصل ودياً". وتابعت أن "على الحكومة العراقية أن تتساهل بإعطاء ما يتعلق بحصة كردستان من الموازنة، وأن تكون أكثر مرونة في تسليم رواتب الموظفين، ولا بد من تشكيل لجان فنية مختصة تطلع على تفاصيل مشكلة المطارات".

من جهته، لم يستعبد القيادي في "تحالف القوى الوطنية"، رعد الدهلكي، أن تستمر أزمة بغداد وأربيل إلى ما بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في مايو/أيار المقبل. وقال الدهلكي لـ"العربي الجديد"، إن "الواقع السياسي وما يفرزه من أحداث، لا تُبشر بخير". وأضاف أن "الأزمة بين كردستان وحكومة المركز، يبدو أنها ستستمر إلى ما بعد الانتخابات التشريعية"، معتبراً أن على "الطرفين الخضوع لمطالب ومصالح الشعب الواحد، وإهمال التأثيرات الخارجية والإقليمية، فقد أخذت المشاكل بين الأكراد وبغداد وقتا طويلاً، وهذا أمر ترغب به أطراف ودول خارجية لا تريد الخير للعراق".

المساهمون