بعد خسارته بلدة هجين في سورية... إلى أين ستكون وجهة "داعش"؟

14 ديسمبر 2018
سيطرت "قسد" بالكامل على بلدة هجين (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

سيطرت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، اليوم الجمعة، بشكل كامل، على بلدة هجين أكبر معاقل تنظيم "داعش" في آخر جيوبه بدير الزور شمال شرقي سورية، بعد معارك عنيفة أسفرت عن دمار معظم أجزاء البلدة، ما يفتح باب التساؤل عن مصير التنظيم والمدنيين الذين لا يزالون تحت قبضته.

وبات تنظيم "داعش" محاصراً في مساحة ضيقة، تبلغ أقل من ثمانين كيلومتراً مربعاً، تمتد بشكل طولي مع مجرى نهر الفرات؛ من قرية البوخاطر وقرية أبوحسن شرقي هجين، وحتى الحدود السورية العراقية، والتي تفصله عنها قوات "قسد" العربية الكردية.

وينتشر التنظيم على عرض قرابة خمسة كيلومترات، شرقي نهر الفرات بشمال البوكمال، وتحاصره من الشمال "قسد"، ومن الجنوب المليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري.

وكان "داعش" يسيطر على مساحة ألف وسبعمائة كيلومتر مربع؛ وهي قرابة تسعة بالمائة من مساحة دير الزور، قبل بدء العملية العسكرية ضده في ناحية هجين، والتي تضم بلدات وقرى: أبو حمام، غرانيج، هجين، الكشكية، البحرة، أبو خاطر، أبو حسن، والكشمة.

ويتواجد التنظيم الآن في تلك المنطقة، وتحديداً في بلدتين رئيسيتين: هما الشعفة التي تقع شمال غربي البوكمال بثمانية كيلومترات، والسوسة التي تقع شمال غربي البوكمال بثلاثة كيلومترات، بينما بقية المناطق عبارة عن أراض خالية.

ويفصل البلدتين عن البوكمال، مجرى نهر الفرات، ما يجعل انسحاب التنظيم من المنطقة، خطوة في غاية الصعوبة.

ومع اشتداد الخناق على التنظيم، وبقائه في البلدتين، إثر فقدانه أجزاء من البوخاطر وأبو حسن، لصالح "قسد"، لم يعد هناك خيارات كثيرة أمام التنظيم؛ فإما الاستسلام أو الانسحاب من المنطقة على غرار ما حصل في الرقة.

وفي هذا الإطار، يقول الناشط محمد الجزراوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ المفاوضات بين "قسد" و"داعش" حدثت عدة مرات خلال المعارك في هجين، وكان معظمها يدور حول إفراج التنظيم عن أسرى وجثث قتلى، مقابل إدخال المواد الغذائية له.

ولم يستبعد الجزراوي، حصول مفاوضات تهدف إلى نقل التنظيم إلى الجيوب التي يتمركز فيها نحو بادية دير الزور الجنوبية، وبادية حمص الشمالية الشرقية، إلا أنّ ذلك يعني ضرورة التنسيق مع قوات النظام والمليشيات الإيرانية التي تسيطر على البوكمال.

وأشار الناشط إلى أنّ هناك سيناريو قد يلجأ إليه "داعش" كي لا يقع في دائرة الاستسلام كما حصل في الرقة، لافتاً إلى احتمال أن يركّز التنظيم قوته على محور البوكمال من الشمال والجنوب، كي يفتح ثغرة لمقاتليه من أجل العبور إلى الضفة الأخرى من النهر، والاتجاه نحو البادية.


وتوقّع أن يتمترس "داعش" في آخر نقاطه خلف دروع بشرية، كما فعل في آخر حي من أحياء الرقة، حيث اضطر أخيراً للاتفاق مع "قسد" على نقل جزء من قواته إلى بادية دير الزور، مع استسلام مئات مقاتليه من الجنسية السورية والأجانب.

ولفت الجزراوي إلى أنّ التنظيم لم يعد قادراً على شنّ هجمات مضادة ضد "قسد" كالسابق، وذلك بفعل غارات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والتي تستهدف مواقع التنظيم بقذائف شديدة الانفجار كما في الرقة، وأسفرت عن خسائر جسيمة في صفوفه، فضلاً عن الخسائر في صفوف المدنيين.

بدوره، أشار الناشط المنحدر من دير الزور وسام العربي، لـ"العربي الجديد"، إلى صعوبة توقع ما سيفعله "داعش" بشكل دقيق في هجين، لافتاً إلى أنّ التنظيم لديه عدة خيارات للانسحاب رغم صعوبتها، وفي حال جمع كل قوته في نقطة واحدة، يمكنه عبور النهر باتجاه مناطق النظام شريطة مهاجمة النظام في البوكمال والسيطرة عليها.

وبالتالي يمكن لـ"داعش"، بحسب العربي، الانسحاب إلى بادية البوكمال الجنوبية، كما يمكنه الانسحاب شمالاً باتجاه بادية هجين ومنها إلى بادية الحسكة، أو بادية العراق.

وأضاف أنّ معظم المدنيين في هجين باتوا تحت سيطرة "قسد"، حيث بقي قرابة سبعة آلاف مدني من بينهم عائلات مقاتلي التنظيم، في بلدتي السوسة والشعفة.

وبعد الانسحاب من هجين تواردت أنباء عن خلافات بين عناصر وقياديين ضمن "داعش".

وأوضح العربي أنّ "المقاتلين والقياديين من الجنسيات الأجنبية انسحبوا من هجين باتجاه الشعفة، وطلبوا من المقاتلين العراقيين الدفاع عن هجين بمفردهم، بعد حصول خلافات على أمور قيادية".

وأضاف أنّ "انتحارياً من داعش من الجنسية العراقية، قام بتفجير نفسه بموقع لـ(قسد) في هجين قرب المستشفى، وذلك بعيد انسحاب بقية المقاتلين من البلدة".


وواصلت قوات "قسد"، منذ صباح اليوم الجمعة، عملياتها العسكرية في قريتي البوخاطر وأبو حسن وتقدّمت في أجزاء منهما، حيث من الممكن، في حال سيطرتها عليهما، محاصرة "داعش" في السوسة والشعفة.

وعمد "داعش"، خلال الأسابيع الماضية، إلى شنّ هجمات ارتدادية ضد "قسد"، عبر المفخخات والانتحاريين، وذلك أوقع خسائر كبيرة في صفوفها، غير أنّ طيران التحالف الدولي كثّف من غاراته بشكل غير مسبوق ضد التنظيم، ما دفعه إلى الانسحاب من هجين.

المساهمون