تفاؤل مصري بزيارة التفتيش الروسية لمطاري شرم الشيخ والغردقة... ومخاطبة جديدة لبريطانيا

11 ديسمبر 2018
استطلع الوفد الروسي مستجدات التأمين الخاصة بالمطارين (فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر بوزارة الطيران المدني المصرية أنّ وفداً أمنياً روسياً وآخر ملاحياً زارا مطاري شرم الشيخ والغردقة خلال اليومين الماضيين، لاستطلاع مستجدات التأمين الخاصة بالمطارين وتحقّق شروط روسيا لعودة رحلات الطيران المباشر إلى المطارين، اللذين كانا يستقبلان نحو 90 في المائة من حركة السياحة الروسية لمصر قبل حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015. وعبّرت المصادر عن تفاؤلها بتحقيق الزيارة الأخيرة لنتائج "إيجابية"، قياساً بردة فعل المسؤولين الروس على ما شاهدوه من تطوّر للحالة الأمنية، وتركيب بعض أجهزة المراقبة وإدخال البصمة البيومترية التي اشترطت روسيا أخيراً تطبيق أنظمتها لاستئناف الرحلات، مشيرةّ إلى أنّ موسكو ستبلغ القاهرة بنتائج الزيارة قبل نهاية العام.

وكانت "العربي الجديد" قد كشفت مطلع الشهر الماضي أنّ روسيا تشترط تطبيق أنظمة قياس بصمة بيومترية متقدّمة، وبصمة الوجه، في مطاري شرم الشيخ والغردقة، الأمر الذي لم يتحقّق بالكامل، على حدّ تعبير المصادر، بسبب مشاكل مادية، في حين اكتفت السلطات المصرية بتركيب بعض الأجهزة في المناطق الخاصة بدخول وخروج الأمتعة وعمل الموظفين. ولم تطبّق مصر نظام بصمة الوجه في مطار القاهرة إلا الشهر الماضي فقط، وبدأ العمل بها بهدف التأمين وإحكام السيطرة على منافذ المطار.

وذكرت المصادر أن موسكو اختارت تاريخ الزيارة متزامناً مع استضافة مدينة شرم الشيخ لمؤتمر أفريقيا 2018، الذي يحضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لاستطلاع الحالة الأمنية في أكثر الظروف تشدداً، وهو ما يعطيها مؤشرات لأفضل الإمكانات المتاحة لدى الجانب المصري.

كذلك، كشفت المصادر عن إرسال السلطات الجوية المصرية تقريراً مصوراً بشأن مستجدات التأمين بمطاري شرم الشيخ والغردقة إلى سلطات الطيران البريطاني لحثّها على اتخاذ قرار بعودة الرحلات للمطارين أيضاً، مرجحةّ أن يستقبل مطار منهما على الأقل، وفد تفتيش بريطاني قبل الربيع المقبل.

ورغم أنّ شركة "إيروفلوت" الروسية الحكومية استأنفت رحلاتها من موسكو للقاهرة والعكس في إبريل/ نيسان الماضي، بناء على بروتوكول استئناف الرحلات وتأمين المطارات الذي وقعه البلدان، إلّا أنّ الموعد المبدئي لعودة الطيران لمدن البحر الأحمر والأقصر كان شهر أغسطس/ آب الماضي، ولكن مرّت 4 أشهر قبل إرسال وفد التفتيش الأخير.

ورأت المصادر المصرية أنّ موسكو كانت تتذرع بمبررات ومشاكل تمّ حلها واستيفاء سبل تلافيها جميعاً، حيث تمّ الالتزام بزيادة نقاط التفتيش في المطارات المحلية، واشترت الحكومة أجهزة تفتيش حديثة، وتم تزويد جميع نقاط المطار بكاميرات تصوير تمتد سعتها التخزينية إلى أكثر من شهر، كما تم تخصيص مكان بالقرب من كل مطار لإقامة خبراء الأمن الروس، لكن سلطات الطيران الروسي ما زالت ترى أنّ على مصر الانتظار حتى الربيع المقبل للبت في هذه المسألة.

وأرسلت مصر تقارير لموسكو أخيراً مدعومة بصور ومقاطع فيديو لإثبات تغلّبها على مشاكل أثارتها جولات التفتيش السابقة، مثل ضعف تأمين مسارات الركاب خارج صالة الوزن والتسجيل، والسماح بدخول أشخاص مجهولي الهوية لصالة الحقائب من دون التأكد من هويتهم، وعدم تأمين مخازن الحقائب، فضلاً عن عدم تعميم التعامل بتلك الأجهزة في جميع المطارات المطلوب تغطيتها لضمان هوية الأشخاص العاملين والمسموح لهم بدخول المناطق الحساسة.

ويعتمد البروتوكول والوثائق التكميلية التي وقعت بداية العام الحالي بين موسكو والقاهرة، حلاً وسطاً حول سلطات واختصاصات الخبراء الأمنيين الروس، حيث كانت موسكو ترغب في ألا يختصوا فقط بالتفتيش ومراقبة الإجراءات الأمنية الخاصة بالرحلات الروسية، بل تمتد سلطاتهم للرقابة على الإجراءات الأمنية الخاصة بباقي الرحلات. وفي النهاية اتفق الطرفان على أن تكون للمراقبين الروس سلطة مراقبة على الرحلات من وإلى روسيا فقط.

وسبق أن ذكرت مصادر حكومية مصرية لـ"العربي الجديد"، أن السياحة في مدن البحر الأحمر تعتمد بنسبة 92 في المائة على الطيران المباشر، وليس الطيران الداخلي الآتي من القاهرة، فضلاً عن أن إجبار السياح الروس على استخدام الطيران الداخلي من القاهرة إلى أي مدينة أخرى للوصول إلى محل إقامتهم، يؤثر سلباً بنسبة تصل إلى 70 في المائة على إقبال الروس على الحجوزات الفندقية. علماً أن السياح الروس ما زالوا يمثلون نحو 40 في المائة من إشغال الفنادق في مدن البحر الأحمر، ما يعني أن استمرار الوضع الحالي يحرم مصر من فرص كبيرة في زيادة عوائدها السياحية.

وكانت مصادر دبلوماسية مصرية قد ذكرت لـ"العربي الجديد"، في مايو/ أيار الماضي، أنّ الاجتماعات بين وزراء الدفاع والخارجية في البلدين في موسكو، تطرقت إلى استئناف الرحلات المباشرة، والتغلّب على المشاكل التي شابت التنسيق في هذا الملف خلال الفترة الماضية، مثل تعثّر التعاون المعلوماتي بين سلطتي الملاحة الجوية في البلدين حول واقعة سقوط طائرة 2015، حيث ما زالت روسيا تطالب باعتراف مصر بالتقصير الأمني وتقديم مسؤولين مباشرين عن هذا التقصير، وما زالت لديها شكوك في تورط مسؤول مصري واحد على الأقل في تسهيل عملية زراعة العبوة الناسفة على متن الطائرة الروسية. وفي كلتا الحالتين، سواء كانت المسؤولية تقصيرية أو جنائية، فتأكيد ذلك بتحقيقات قضائية مشتركة سيرتّب على مصر دفع تعويضات ضخمة للضحايا الروس.

المساهمون