وبحسب المصادر، فإن هناك توجها لدى الأمراء لإحداث تغيير في هرم الحكم بالسعودية، لكنهم قالوا إنهم لن يمضوا في هذا الطريق بينما لا يزال الملك سلمان (82 عاما) على قيد الحياة، لافتين إلى أن الملك "من غير المرجح أن ينقلب ضد ابنه المدلل".
ووفق ما قالت المصادر، فإن الأمراء يناقشون مع أفراد العائلة الآخرين إمكانية تنصيب الأمير أحمد بن عبد العزيز (76 عاماً) ملكاً، وهو شقيق للملك سلمان.
وقال أحد المصادر للوكالة إن "الأمير أحمد سيحصل على دعم أفراد العائلة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية".
والأمير أحمد بن عبد العزيز عاد إلى المملكة الشهر الماضي على وقع جريمة مقتل خاشقجي، بعد حصوله على ضمانات غربية، كما أنه أحد ثلاثة من أعضاء هيئة البيعة الذين عارضوا تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد منتصف عام 2017.
وذكرت مصادر سعودية، على اطلاع مباشر على المشاورات، أن مسؤولين أميركيين كبارا أشاروا لمستشارين سعوديين في الأسابيع الأخيرة، إلى أنهم سيؤيدون الأمير أحمد.
وقالت تلك المصادر إنها على ثقة بأن الأمير أحمد لن يغير أو يلغي أياً من الإصلاحات الاجتماعية أو الاقتصادية التي نفذها محمد بن سلمان، وإنه سيحترم تعاقدات السلاح القائمة، وسيعيد وحدة الصف لأسرة آل سعود.
وقال مسؤول أميركي كبير إن البيت الأبيض لا يتعجل النأي بنفسه عن ولي العهد، رغم ضغوط أعضاء الكونغرس وتقييم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن بن سلمان هو الذي أصدر الأمر بقتل خاشقجي. غير أن هذا الوضع قد يتغير ما إن يتلقى ترامب تقريراً قاطعاً عن الجريمة من أجهزة الاستخبارات.
وقالت المصادر السعودية إن المسؤولين الأميركيين أبدوا فتوراً تجاه بن سلمان، لا للاشتباه بدوره في مقتل خاشقجي فحسب، بل انزعجوا أيضاً لأنه حث وزارة الدفاع السعودية أخيراً على استكشاف إمدادات سلاح بديلة من روسيا.
وفي رسالة بتاريخ 15 مايو/أيار، اطلعت عليها "رويترز"، طلب ولي العهد من وزارة الدفاع التركيز على شراء نظم الأسلحة والعتاد في أكثر المجالات احتياجاً والتدريب عليها، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي الصاروخي إس-400 الروسي.
وقال مصدر سعودي مطلع إن أمراء كثيرين من الدوائر العليا في الأسرة يعتقدون أن تغيير ترتيب الخلافة "لن يثير أي مقاومة من أجهزة الأمن والاستخبارات التي يسيطر عليها" محمد بن سلمان بفعل ولائها للأسرة. ويضيف المصدر أن الأجهزة الأمنية "ستقف وراء ما تتوافق عليه الأسرة".
وترجح المصادر السعودية ودبلوماسيون، أن تلعب الولايات المتحدة دوراً حاسماً في الكيفية التي ستتطور بها الأمور في السعودية.
وقد أقام ترامب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر علاقات شخصية وثيقة مع ولي العهد السعودي. وأكد أحد العارفين ببواطن الأمور في السعودية أن الأمير محمد لا يزال يحظى بتأييدهما، وأنه مستعد "للإطاحة ببعض الرؤوس استرضاء للولايات المتحدة".
وقال من قابلوا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أخيراً، إنه لا يصدق ما يقال عن دور ابنه في ما حدث، ويعتقد أن ثمة مؤامرة على المملكة. لكنهم أضافوا أنه يبدو مهموماً وقلقاً.
ورأت المصادر السعودية أن بن سلمان هدم الركائز التي قام عليها حكم أسرة آل سعود على مدى ما يقرب من قرن متمثلة في الأسرة ورجال الدين والقبائل والعائلات صاحبة النشاط التجاري. وأضافت أن ذلك يعد عاملاً مزعزعاً للاستقرار في نظر الأسرة.
ولا يزال بن سلمان مستمراً في تنفيذ برنامجه، رغم ما ثار من ضجة بسبب مقتل خاشقجي. وكشف بعض المطلعين، كما نقلت عنهم "رويترز"، أنه بنى لوالده خلال فترة قياسية بلغت العام قصراً جديداً بعيداً في شرما على ساحل البحر الأحمر حيث موقع مشروع "نيوم" الجديد بكلفة ملياري دولار، لكي يتقاعد فيه. والموقع معزول وأقرب المدن إليه مدينة تبوك وتبعد أكثر من 100 كيلومتر. واعتبر مصدر وثيق الصلة بالأسرة الحاكمة، أن الإقامة فيه ستبعد الملك عن أغلب شؤون الدولة.
نفي تورط بن سلمان بمقتل خاشقجي
إلى ذلك، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عندما سئل عن تقارير إعلامية أفادت بأن المخابرات الأميركية تعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي، إن مثل هذه المزاعم "لا أساس لها من الصحة تماما ونرفضها بشكل قطعي".
وفي مقابلة نشرت اليوم الثلاثاء، أضاف: "أود أن أؤكد أن قيادة المملكة العربية السعودية، ممثلة بخادم الحرمين الشريفين (الملك سلمان بن عبدالعزيز) وولي العهد (محمد بن سلمان)، خط أحمر، ولن نسمح بمحاولات المساس بقيادتنا أو النيل منها، من أي طرف كان، وتحت أي ذريعة كانت".
وأوضح أن "أنقرة أكدت للرياض أن تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، التي قال فيها إن قتل خاشقجي كان بأمر من أعلى مستويات القيادة السعودية، ليس المقصود بها ولي العهد".