جونسون يقدم نفسه كبديل لماي في مؤتمر المحافظين

03 أكتوبر 2018
لم تحتو كلمة جونسون خطة مفصلة لرؤيته لمستقبل بريطانيا(Getty)
+ الخط -

عاد بوريس جونسون وزير الخارجية السابق، ليشغل دوائر حزب المحافظين مجدداً بعد كلمته التي ألقاها يوم أمس الثلاثاء، خلال مؤتمر الحزب السنوي المقام في مدينة برمنغهام، وهاجم فيها كلاً من رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وزميله في حملة بريكست مايكل غوف، في وقت تستعد ماي لإلقاء كلمة ختامية للمؤتمر، اليوم الأربعاء، تحث فيها على وحدة الحزب خلف قيادتها، وعلى ضرورة النظر إلى المستقبل بعين التفاؤل.

وخلال الجلسة التي حضرها نحو 1400 من كوادر حزب المحافظين، ألقى جونسون كلمة بعنوان "تخلصوا من تشيكرز"، وحدد فيها عدداً من السياسات التي سيتخذها في حال أصبح رئيساً للوزراء.

كما وصف الفكرة التي طرحها وزير البيئة، مايكل غوف، بالقبول بتشيكرز حالياً، ومحاولة التفاوض على صفقة أفضل لاحقاً بأنها "ضرب من ضروب الخيال".

وكعادة خطابات جونسون، لم تحتو كلمته الأخيرة خطة مفصلة عن رؤيته لمستقبل بريطانيا، بل سادها الخطاب الحماسي البلاغي. فهاجم حزب العمال، وحث حزبه على العودة إلى أصوله، وتناول عدداً من السياسات الداخلية ومنها مساعدة العائلات على امتلاك منازلها الخاصة.

كما دعا إلى عدم رفع الضرائب بعد بريكست، وهو ما قد يتناقض مع تعهد حزبه بضخ 20 مليار جنيه في ميزانية الخدمات الصحية الوطنية.

إلا أن الهجوم الأشد في خطابه تركز على مسار مفاوضات بريكست وخطة تشيكرز الخاصة برئيسة الوزراء، رافضاً وصفها بأنها خطة براغماتية ومنطقية للتعامل مع بريكست "ليست بالخطة العملية. وليست بالتسوية التفاوضية. إنها (تشيكرز) خطيرة وغير مستقرة سياسياً واقتصادياً"، محذراً من أن الإصرار عليها سيدفع الناخبين للاصطفاف وراء اليمين المتطرف.

وقال جونسون إن خطة ماي التي تربط الاقتصاد البريطاني بقواعد الاتحاد الأوروبي التجارية ستكون "مهينة سياسياً لاقتصاد حجمه ترليونا جنيه استرليني" وسيمنع بريطانيا من صياغة قوانينها الخاصة ويجعلها تابعة لقرارات بروكسل.

وأضاف "أصدقائي المحافظين، هذه ليست بديمقراطية. لم نصوت من أجل هذا. إنه مثير للغضب. إنه ليس استعادة للقرار: إنه استسلام". وتابع هجومه بقوله "إذا قمنا بالأمر الخطأ، وحجمنا من بريكست الآن، فصدقوني، لن يغفر لنا سكان هذا البلد".

وبعد التصفيق الحار خفف جونسون من حدة هجومه "أحث أصدقاءنا في الحكومة على تنفيذ ما صوت الناس من أجله، ودعم تيريزا ماي بأفضل الطرق الممكنة، بدعم خطتها الأصلية بلطف وهدوء وعقلانية"، وذلك في إشارة إلى خطاب ماي في قصر لانكاستر بداية عام 2017، والذي شمل أكثر نسخ بريكست تشدداً من قبلها، والذي كان أيضاً قبل دخول بريطانيا في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.

 وكانت ماي قد تعهدت في خطاب لانكاستر بالخروج من الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والانسحاب من سلطة محكمة العدل الأوروبية.

ووصف جونسون خطاب قصر لانكاستر بأنه "فوز للجميع" لبريطانيا وللاتحاد الأوروبي، ولكنه أضاف "إذا خدعنا الناخبين، وتشيكرز خدعة، فإننا سنعزز من الإحساس بعدم الثقة. سنمنح المصداقية لجميع من يقول بالخيانة، وأخشى أن المستفيدين من خطة تشيكرز في نهاية الأمر سيكونون اليمين المتطرف مثل حزب استقلال المملكة المتحدة، وكذلك أيضاً اليسار المتطرف على شاكلة جيريمي كوربن".

إلا أن كلمة جونسون، التي وجه فيها خطابه لكوادر الحزب، وجناحه الشعبوي، تعكس ضعف موقفه حالياً أمام رئيسة الوزراء. ويتوافق ذلك مع تصريحات غراهام برادي، رئيس لجنة 1922 البرلمانية، المختصة في نزع الثقة عن زعيم الحزب. وقال برادي إن مؤيدي بريكست المشدد يبالغون في أعدادهم خلال إحدى الجلسات الهامشية في المؤتمر يوم أمس.

ويمكن للجنة 1922 طرح التصويت على الثقة في زعيم الحزب في حال بعث 15 في المائة من نوابه (حالياً 48) برسائل لرئاسة اللجنة البرلمانية مطالبين بذلك.

وبينما امتنعت اللجنة عن التعليق على الموضوع سابقاً، قال برادي إن ماي لا تواجه أي تحد حقيقي لزعامتها للحزب "هناك حالات أرى فيها عدداً من زملائي المحافظين على التلفاز يقولون بأنهم بعثوا برسائل لي وهم لم يفعلوا ذلك. وأراهم أيضاً على التلفاز يقولون إنهم سحبوا تلك الرسالة، وهم لم يرسلوها في المقام الأول. يجب أن تكون حذراً فيما تصدق".

ومن جانبها، تستعد ماي لإلقاء كلمة ختامية للمؤتمر اليوم تحث فيها على وحدة الحزب خلف قيادتها، وعلى ضرورة النظر إلى المستقبل بعين التفاؤل. وعلى الرغم من أنها لا تمتلك شخصية جونسون البلاغية، إلا أنها في موقع تستطيع من خلاله التقدم بخطوات عملية لإرضاء الناخبين.

ولذلك فإنها ستشير إلى خطة الهجرة التي ستعتمدها حكومتها بعد بريكست، والتي ستحد من أعداد العمالة الأجنبية القادمة إلى بريطانيا، وتخفض أعداد المهاجرين إلى ما دون 100 ألف سنوياً.

وستصور الخطة على أنها إنجاز يرضي رغبة جمهورها الذي شكلت قضية الهجرة أهم أسباب التصويت لصالح بريكست لديه. كما ستؤكد على قدرتها على التوصل إلى اتفاق مع بروكسل يحمي سيادة المملكة المتحدة على أراضيها، ولتهدئ بذلك من روع حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي هدد في الأيام القليلة الماضية بسحب دعمه لحكومة ماي في ويستمنستر.